أسئلة حول الحياة على كوكب الزهرة

هل هناك حياة على الزهرة؟ سؤال لم ينقطع الناس عن طرحه منذ عرف أن هذا الجسم اللامع في السماء هو كوكب.

وفي الوقت الذي كانت فيه التلسكوبات البصرية هي الأداة الوحيدة للنظر في الفضاء، كان كل ما يمكننا رؤيته من جارنا الزهرة كوكب محاط بسحب. واعتقد كثير من العلماء في ذلك الوقت أن الزهرة قد لا يكون مختلفاً كثيراً عن الأرض.

وذلك لكون الكوكبين لهما حجم وغلاف جوي متشابهان. وربما كانوا يعتقدون بأن الزهرة مغطى بمستنقعات رطبة، ومليء بكائنات فضائية غريبة.

وفي الستينيات من القرن الماضي، بدأت ناسا والاتحاد السوفييتي باستخدام تقنية التصوير بالرادار، وذلك للنظر إلى ما تحت سحب الزهرة. وعندها تغير اعتقادهم السابق جذرياً.

أما اليوم فنحن نعرف أن الزهرة بيئة قاسية جداً. ومع هذا، ما زال السؤال عن احتمال احتوائه على حياة مطروحاً للنقاش، وذلك مع اكتشاف العلماء المزيد من الأشياء الجديدة عن هذا الكوكب الغامض.

الزهرة
صورة للزهرة من مارينر ١٠ التابعة لناسا. حقوق الصورة: NASA/JPL/Mattias Malmer

كيف هو كوكب الزهرة حالياً؟

مع الحرارة الشديدة والضغط الهائل في كوكب الزهرة، يعد سطحه واحداً من أكثر البيئات القاتلة في النظام الشمسي اليوم.

فكوكب الزهرة أعلى الكواكب حرارة في النظام الشمسي. وذلك مع أن عطارد أقرب منه بمرتين من الشمس، ويتلقى أربعة أضعاف الطاقة الشمسية مقارنة بالزهرة. ويبلغ متوسط درجة الحرارة على سطح الزهرة ٤٧٠ درجة مئوية. وهي حرارة كافية لإذابة الرصاص.

وسبب ارتفاع درجة حرارة الزهرة غلافه الجوي الثخين المكون من ثاني أوكسيد الكربون. إذ أنه يحبس الحرارة مؤدياً إلى تأثير دفيئة جامح. وكثافة هذا الغلاف الجوي أعلى بـ ٥٤ مرة من كثافة غلاف الأرض الجوي. وهو الغلاف الجوي الأعلى كثافة لكوكب صخري في النظام الشمسي.
ويبلغ الضغط الجوي على سطحه ٩٢ بار. وهو الضغط الذي ستتعرض له على عمق ١ كم تحت سطح البحر.

كيف كان الزهرة في الماضي؟

مع أن الزهرة مكان جهنمي اليوم، فمن المرجح أن ظروفه كانت مماثلة للأرض في وقت ما. أي احتواءه الماء ومناخاً معتدلاً وغيرها من الخصائص التي قد تكون جعلته قابلاً للحياة.

وقد وجدت مهمات سابقة إلى الزهرة دليلاً على صخور تشبه الغرانيت، وتلك الصخور تتطلب وجود الماء لتتكون. وبسبب هذه العلامات يعتقد بعض العلماء أن الزهرة ربما كان يحوي ماء على سطحه لما يزيد عن ملياري عام. أي لمدة أطول بكثير من المريخ، الذي يرجح احتواء سطحه على الماء لمدة قصيرة نسبياً تبلغ ٣٠٠ مليون عام.

الزهرة
الزهرة لو كان يحوي ماء بقدر الماء الموجود على الأرض. حقوق الصورة: Alexis Huet

هل كانت الحياة موجودة على الزهرة فيما مضى؟

بما أن الماء مفتاح الحياة كما نعرفها، فلو وجد الماء على سطح الزهرة لمليارات السنين، فمن المحتمل أن تكون حياة مكروبية قد انبثقت خلال ذلك الوقت. ومع هذا لسنا متيقنين من ذلك، وإيجاد دليل على حياة سابقة على الزهرة شبه مستحيل بالتقنيات الحالية التي نملكها.

ومع أن المركبات المدارية يمكنها أن تعرفنا على الكثير عن أي كوكب، إلا أن البحث عن دلائل على الحياة تحتاج منا إلقاء نظرة أقرب. فالمريخ على سبيل المثال نرسل إليه مركبات مثل كوريوسيتي وبيرسيفرانس للبحث عن حياة مكروبية سابقة عليه، وذلك عن طريق تحليل صخوره. إلا أن الزهرة مكان يصعب جداً استكشاف سطحه. ولم تستطع إلا مركبات قليلة العمل بنجاح على سطحه. وقد حاول غيرها كثير وفشلت.
وحتى المهمات التي نجحت لم تتمكن من العمل أكثر من ساعات قبل أن تتحطم بفعل ظروف الزهرة القاسية جداً. وهذا الوقت لا يكفي للمركبات لجمع وتحليل عينات الصخور للبحث عن بقايا ميكروسكوبية.

هل توجد حياة على الزهرة الآن؟

من شبه المؤكد أن وجود الحياة كما نعرفها مستحيل على الزهرة في ظروفه القاسية، إلا أن هناك احتمال لنجاتها في الغلاف الجوي.
فمع أن القسم السفلي من الغلاف الجوي يحتوي سحباً سامة من حمض الكبريت، غير أن الظروف في المستويات العليا منه أقل سمية.

إذ جد علماء عام ٢٠٢٠ غاز الفوسفين، وهو بصمة حيوية محتملة. أي أنه مادة كيميائية ترتبط بشدة بعمليات حيوية. وذلك بين سحب الزهرة على ارتفاع ٥٠ كم، وهناك درجات الحرارة والضغط أشبه بما هو على الأرض.

وقد اختلف في وجود الفوسفين هناك، ومن ثم أعيد الإدعاء بوجوده، ولكن مع تفسير بديل عن أصله. ليعود الخلاف عليه، وليعاد تحديده في منطقة أدنى من الغلاف الجوي. ومسألتا وجوده وكونه دليلاً على حياة أنتجته لم تقررا بعد.

ملخص المقال

هل الحياة موجودة على الزهرة؟ سؤال لم ينقطع الناس عن طرحه منذ عرف أن هذا الجسم اللامع في السماء هو كوكب.

يرجح أن ظروفه كانت مماثلة للأرض في وقت ما وكان قابلاً للحياة.

ولكن مع الحرارة الشديدة والضغط الهائل في كوكب الزهرة، يعد سطحه اليوم بالطبع واحداً من أكثر البيئات القاتلة في النظام الشمسي اليوم. ومن شبه المستحيل وجود حياة فيه.

إلا أن علماء ادعوا إيجادهم غاز الفوسفين الناتج عن عمليات حيوية في غلافه الجوي. والأمر مثار خلاف ولم يقرر بعد.

المصدر

هنا