أسرار أقمار المشتري الجديدة والصغيرة
يملك المشتري ٩٢ قمراً مثبتاً، ليتجاوز زحل الذي يملك ٨٣ قمراً معروفاً. أما مجموعة أقمار المشتري التي أثبتت في كانون الأول ٢٠٢٢ فعددها ١٢ قمراً.
ولكن الأمر مع زحل والمشتري لم ينتهِ، إذ لكل منهما أقمار مرشحة تنتظر إثباتها. ولوجودها مغزى أفضل أيضاً. فأقمار الكواكب الخارجية في جعبتها الكثير مما تعلمنا إياه عن كيفية تشكل الكواكب العملاقة، وعن ظروف النظام الشمسي في أيامه الأولى.
إليك أقمار المشتري الجديدة
أقمار المشتري الجديدة ليست كبيرة ولامعة كأقمار غاليليو التابعة للمشتري. إنما تنتمي لتوابع المشتري الشاذة. وهي أقمار خارجية صغيرة نسبياً، ذات مدارات بعيدة وشاذة. ولا يزيد قطر بعضها عن كيلومتر واحد.
تقع أقمار المشتري الخارجية ضمن صنفين: أقمار تقدمية الحركة، وهي تدور أقرب إلى المشتري وفي اتجاه دوران الكوكب ذاته حول نفسه. والأقمار تراجعية الحركة، وهي تدور أبعد عن المشتري وفي عكس اتجاه دورانه حول نفسه.
وقد تكونت معظم هذه الأقمار الخارجية من اصطدامات أدت لتشظي قطع صغيرة من أقمار أم أكبر في المدار ذاته. ويرجح أن تكون الأقمار الأم للأقمار ذات الحركة التقدمية قد تشكلت مع المشتري. وذلك يعني أنها ربما تحتوي التركيبة ذاتها من العناصر التي كونت العملاق الغازي قبل مليارات السنين.
ويرجح أن تكون الأجسام الأم للأقمار تراجعية الحركة أجساماً حرة الحركة، ربما من حزام كايبر البدائي. وقد التقطتها جاذبية المشتري منذ زمن طويل. وذلك يعني بأنها قد تكون نماذج عن أجسام صغيرة من جوار الكوكب الأصلي.
أما كيف التقط المشتري هذه الأقمار فذلك غامض. فالقمر يجب أن يبطئ لكي يدخل المدار، تماماً مثلما تفعل المركبة الفضائية عند اقترابها من كوكب. وفي حين تستخدم المركبة محركات الدسر، ربما اعتمدت الأقمار الصغيرة التي دخلت مدار المشتري على ملاقاة عملاق جليدي في الوقت المناسب، أو على قوة سحب الغاز الباقي من تشكل الكوكب.
الوقت المناسب والمكان المناسب
لم يكن العلماء الذين وجدوا الأقمار الإثني عشر يبحثون عنها إذا صح القول.
كان من ضمن الفريق سكوت شيبرد من مختبر الأرض والكواكب في معهد كارنيجي للعلوم في واشنطن. ويبحث الفريق عن كواكب قزمة بعد بلوتو. ويستخدم في البحث تلسكوب سوبارو وتلسكوب فيكتور إم بلانكو. وهذا التلسكوبات الجبارة تمسح السماء بسرعة بحثاً عن أي نقطة مضيئة في الظلمة.
وأحياناً تتقاطع المساحة التي تمسح مع مسارات المشتري أو زحل. وعندها يستهدف الفريق منطقة مجاورة من الكوكب في الفضاء، لرصد أي قمر جديد.
يقول شيبرد: في وقت ما من العام، ستكون الكواكب في المكان والزمان المناسبين.
وبالطبع لا تمنح أي نقطة مضيئة حول المشتري لقب قمر. بل يجب أن يتكرر رصد هذا المرشح لأسابيع وأشهر وربما سنوات بعد اكتشافه الأولي. إلى أن يعرف مداره بدقة.
ولذلك ينتقل الفريق للاعتماد على تلسكوبات ماجلان في تشيلي. وحتى مع مرآته ذات القطر البالغ ٦.٥ م يعد رصد هذه الأقمار الصغيرة قرب إضاءة المشتري تحدياً. فبعضها تختفي إلى أن تنتقل إلى مكان مناسب في مدارها.
ويذكر أن زحل والمشتري كلاهما لديهما أقمار مرشحة اكتشفت وصنفت، ولكن لم يعترف بها رسمياً بعد. وسيعترف بها بعد عام من الرصد. وستنال الأجسام التي يزيد قطرها عن ١ كم فقط أسماءً. ومعظم الأقمار الجديدة كبيرة بما يكفي لتنال اسماً وفقاً لشيبرد.
هل سيحلق العلماء قرب أحد الأقمار الخارجية؟
يرغب العلماء بالطبع بإلقاء نظرة قريبة على أقمار المشتري الخارجية. وستصل مركبة يوروبا كليبر التابعة لناسا إلى المشتري عام ٢٠٢٣٠. وستصل بعدها بعام مركبة جويس التابعة لوكالة الفضاء الأوربية.
وسيجري إدخال المركبتين إلى مدارهما لدراسة أقمار المشتري الداخلية. والفرصة الوحيدة لزيارة قمر خارجي ستكون عندما تدخل المركبتان نظام الكوكب.
ويدرس العلماء إمكانية ذلك. ولم يجدوا حتى الآن فرصة لذلك تبعد أقل من مليون كم. ويشكك بعض الباحثين القائمين على المركبتين بالحصول على أي فرصة للاقتراب منها أو حتى رؤيتها بأي وسيلة.
والمشكلة أن الاقتراب يتطلب زيادة وقود المركبة الثمين وإعادة تصميم الرحلة. فهل يستحق الأمر ذلك؟
كما أجرى فريق جويس تحليلاً آخر قبل سنتين، ولم يتبين معهم وجود أي فرصة للتحليق القريب من هذه الأقمار. وصرحوا بأنهم سيعيدون تحليل الأمر بعد إطلاق المركبة. فإذا كان هناك فرصة لذلك وكان لديهم الوقود الدافع الكافي سيتخذون القرار بالاقتراب.
وبناء على ذلك، سيقتصر العمل على الأقمار الجديدة على التلسكوبات فقط. وبالإضافة إلى البحث عن أقمار لزحل والمشتري، سيجري البحث عن أقمار لأورانوس ونبتون.
إذ يرجح أن يكون للكواكب الأربعة الخارجية المزيد من الأقمار التي تنتظر اكتشافها.
ملخص المقال
يملك المشتري ٩٢ قمراً مثبتاً، ليتجاوز زحل الذي يملك ٨٣ قمراً معروفاً. أما مجموعة أقمار المشتري التي أثبتت في كانون الأول ٢٠٢٢ فعددها ١٢ قمراً.
وأقمار المشتري الجديدة أقمار خارجية صغيرة نسبياً، ذات مدارات بعيدة وشاذة. ولا يزيد قطر بعضها عن كيلومتر واحد.
وقد يكون في جعبتها الكثير مما تعلمنا إياه عن كيفية تشكل الكواكب العملاقة، وعن ظروف النظام الشمسي في أيامه الأولى.
ولم يكن العلماء يبحثون عنها عند اكتشافها، ولا يعرف كيف دخلت مداراتها. وبالطبع يحتمل وجود المزيد منها حول الكواكب الأربعة الخارجية في النظام الشمسي. وإذا كانت الفرصة مناسبة سيحلق العلماء بالقرب منها.