أشكال الفضائيين: كيف يمكن أن تكون؟
إن البحث عن الحياة الفضائية، إحدى أكبر المهمات التي تحاول البشرية تنفيذها. ولكنها يمكن ألا تشبه أي شيء نعرفه على الأرض. ومن تساؤلاتها المحقة: ما أشكال الفضائبين؟
هل نحن وحدنا في الكون الفسيح؟ إنه أحد أكبر الألغاز الغامضة التي يبحر فيها الخيال العلمي والعلماء أيضاً. والسؤال بالطبع: إن وجدت حياة فضائية، فكيف سيكون شكل الفضائيين؟
أشكال نمطية
في حين أن الرجال الخضر الصغار، أو المفترسين فارعي الطول هي الصور النمطية التي صورتها الأفلام حول الفضاء، فإن الفضائيين إن وجدوا، لن يكون شكلهم شبيهاً بهذا من أي ناحية وفق خبراء. فالبيئات الفريدة للأقمار والكواكب الخارجية التي يمكن أن تكون وطناً لهم، يمكن أن تجعل من فيزيولوجيتهم أمراً يختلف تماماً عما هو في الأرض.
فبعضهم ربما تطور وتكيف للطيران في سماء كوكبه نتيجة لكثافة الغلاف الجوي له. أو ربما يكون الفضائيون قد طوروا بنية قوية أشبه ببنية الفيل في الكواكب عالية الجاذبية مثلاً.
وربما تطورت الحياة لديهم للعيش تحت الأرض. فإذا وجد كوكب فيه مستويات عالية من الإشعاع لا تمتصها طبقة أوزون معينة، فقد يؤدي هذا إلى نشوء حياة تحت سطح الكوكب، متخذة تربته درعاً يحميها. وفي هذه الحالة فإن أشكال الحياة متعددة الخلايا قد تبدو أشبه بالفطور. ففي حين نرى عادة الجسم الثمري للفطور فوق الأرض، فإن معظم حياتها في الواقع يحدث تحت الأرض. وذلك عبر شبكة واسعة من الجذور المسماة المتعايشة الفطرية الجذرية.
فحتى على الأرض، توجد أشكال عديدة من الحياة تحت الأرض، أكثر مما يمشي فوقها.
فضائيون متوهجون
أشار بحث في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society عام ٢٠١٩، أنه في البيئات شديدة الأشعة فوق البنفسجية، ربما يتوهج الفضائيون بالأحمر أو الأزرق أو الأخضر، وسيلة منهم لحماية أنفسهم. ويمكن أن تكون هذه الكائنات كما المرجان، تحوي بروتينات أو أصبغة يمكنها أن تمتص بعض طاقة الأشعة فوق البنفسجية. الأمر الذي يجعلها تتوهج إثر ذلك بأمواج أكثر أماناً من الطيف الضوئي حسب الدراسة.
استقلاب بطيء
من التكيفات المحتملة الأخرى للفضائيين أن يكون استقلابهم بطيئاً جداً، ذلك نتيجة درجة الحرارة المنخفضة جداً في كواكبهم.
فأكبر أقمار زحل تيتان، على سبيل المثال، مثال جيد عن جرم بارد جداً. ويظن العلماء أنه قد يكون موطناً لشكل من أشكال الحياة المتطرفة التي تعيش في بحار من الميثان. ومن أمثلة الحيوانات ذات الاستقلاب البطيء على الأرض حيوان الكسلان. إذ تبلغ نسبته ٤٠- ٤٥٪ من استقلاب الحيوانات الأخرى ذات الحجم نفسه. ولهذا تتحرك ببطء شديد.
هل يمكن أن يبدو الفضائيون كالبشر؟
مع كل ما ذكر، فإن اكتشاف الفضائيين ذوي الأشكال المتوحشة تلك مثير للاهتمام. ولكن الحياة الفضائية خارج الأرض يمكن أن تكون أبسط مما ذكرنا عن الطيران والجسم الضخم والشبه بالفطور أو الأحياء المتوهجة.
هناك احتمال كببر أن تكون الحياة على هيئة وحيدة الخلية. وقد كانت الحياة الموجودة على الأرض لوقت طويل حياة مكروبية. بل وحتى اليوم في الواقع، معظم المحيط الحيوي من المكروبات.
وإن رصد خلية واحدة على ذلك البعد من الأرض بالطبع مهمة شاقة. ولكن إحدى الطرق التي يشير إليها العلماء لحل هذه المشكلة هو البحث عن دليل عن الحياة ربما قد تركته المكروبات وراءها.
وقل تحدث العلماء في دراسة أجريت عام ٢٠١٩ ونشرت في مجلة Astrobiology أن تكوينات كربونات الكالسيوم المتخلفة في الينابيع الحارة الجافة، ربما شكلتها شبكات حارة تشبه الباستا من المكروبات الفضائية. وإيجاد مثل تلك التشكيلات على الكواكب الأخرى يمكن أن يشير إلى مصدر واعد من المكروبات المستحاثية وفق العلماء.
وتبعاً لما ذكر، إذا تطورت حياة فضائية إلى حياة عديدة الخلايا، فمن المستبعد احتمال أن تأخذ شكلاً يشبه الإنسان تماماً. ففزيولوجيتنا فريدة ونتيجة تطور في بيئة الأرض الفريدة.
ومع هذا، قد يكون للحياة الفضائية بعض صفات الحيوانات، نتيجة التطور المقارب. أي عيوناً لترى البيئة على سبيل المثال، وأطرافاً أو أجنحة للتحرك ضمنها. وعند هذا الحد سينتهي التشابه.
حاجات وبنيات تماثلنا؟
وكل هذه التصورات بالطبع تقوم على افتراض أن الحياة الفضائية سيكون لها حاجات شبيهة بحياة الأرض. كالماء وضوء الشمس والأوكسجين. وذلك كي تعيش. ولكن من المحتمل أيضاً أن الحياة على الكواكب الأخرى يمكن أن تتطور بطريقة مختلفة تماماً. أو حتى ببنية عناصر مختلفة بالكامل.
فعلى سبيل المثال، الكثير من الفضائيين في الخيال العلمي مكونون من السيليكون بدلاً من الكربون كما على الأرض. ويعتقد العلماء أن هذا غير مرجح. فالكربون أكثر وفرة من السيليكون، وله أشكال كيميائية أكثر تعقيداً. ولكن الفكرة الأكيدة لدى العلماء أننا لا نعرف كيف سيبدو الفضائيون.
ملخص المقال
إن البحث عن الحياة الفضائية من أكثر مهمات البشرية إلحاحاً. ومن تساؤلاتها: ما أشكال الفضائيين؟
قد لا تكون أشكالهم خضراء أو عمالقة كما الأفلام. ربما طور بعضهم قدرة على الطيران أو أجساماً ضخمة، وربما قدرة على العيش تحت الأرض كالفطور لدينا. وأيضاً قد يكون بعضها متوهجاً، وغيرها بطيء الاستقلاب.
والاحتمال الأكبر وجود حياة وحيدة الخلية. وفي حال وجدت حياة متعددة الخلايا، فيستبعد أن تشبه الإنسان، الذي تطور جسمه ليناسب ظروف الأرض، التي قد تختلف كثيراً عن غيرها.