اعتقادات شعب الآزتك عن الكسوف

لقد كانت معتقدات الآزتك مختلفة عما هو لدى نظرائهم الأوربيين والآسيويين.

الكسوف الأمريكي العظيم عام ٢٠١٧. حقوق الصورة: NASA/Aubrey Gemignani

شهدت البشرية الكسوف منذ بدأ الإنسان. ولكننا لم نفهم كيفية التنبؤ بالكسوف إلا بعد الثورة العلمية. أما قبل ذلك، كانت الأمم تراقب الكسوف في رهبة، وترى الشمس تختفي وراء القمر، منتظرة إشراق الضوء من جديد.

ومع وجود سجلات كثيرة عن أحداث الكسوف لدى الصينيين والبابليين. إلا أن توثيق هذه الأحداث قليل عند حضارة الآزتك. ويسلط تحقيق جديد الضوء على اعتقادات الآزتك العظماء عن الكسوف.

الآزتك

ظهرت إمبراطورية الآزتك في عام ١٤٢٨ في جنوب وسط المكسيك وازدهرت حتى وصول الإسبانيين عام ١٥١٩. وكما غيرهم كان لديهم كثير دوواين رسمية وتدوين للسجلات. لتسجل تفاصيل كل شيء من المحاصيل إلى الحروب.

ولسوء الحظ معظم تاريخ الآزتك يلفه الغموض.
وذلك لأسباب، أولها أن نظامهم الكتابي اعتمد على الكتابة التصويرية والرمزية، والكثير منها لا يمكننا إلا أن نخمن ترجمتها فحسب. ثانيهما أن معظم سجلاتهم لم تنجُ من غزو الاسبان، والقليل الذي نجا منها ترجم إلى الإسبانية ترجمة رديئة.

ومع ذلك، دامت الامبراطورية لقرن من الزمان. ولهذا لدينا بعض التصورات التقريبية لنمو ثقافة الآزتك ولطريقة نظرتهم إلى الكون. ونأخذ هذا من كتب الكودكس الآزتكية. وهي مخطوطات تاريخية -بعضها يسبق وصول الإسبانيين- بعضها نجا وبقي ليومنا.

وقد بدأنا مؤخراً في النظر في معرفتهم عن الكسوف الشمسي، وهو أمر يعتبر عظيماً في ثقافات العالم. ونبحث في نظرتهم إلى هذه الأحداث الهامة.

وإحدى العقبات أن الكودكسات الآزتكية لا تعطي تواريخ دقيقة لهذه الأحداث. إنما يدرج أي حدث في سنة معينة في سجل تلك السنة دون تفاصيل دقيقة.

ومع ذلك، فإن معرفة العام فقط، وخصوصاً معرفة كيفية حساب الآزتك لأيامهم أمر كافٍ.

ويمكننا أن ندخل الأدوات الفلكية الحديثة التي يمكنها أن تعيد بناء أحداث الكسوف التي تعود إلى قرون مضت بموثوقية. ومن ثم نجمعها مع السجلات التاريخية من الحضارات الأخرى التي أدرجت أحداث الكسوف، والتي يكون من المعقول أن الآزتك قد عاشوها وتمكنوا من رؤيتها. ثم نبحث عن التوافق بينها.

خرافات عن الشمس

دوّن الآزتك بلا شك بعض أهم الكسوفات التي حدثت في تاريخهم. وتظهر التدوينات في كتب الكودكس منذ أوائل عام ١٣٠١ قبل تأسيس إمبراطوريتهم، وحتى وقت الغزو الإسباني عام ١٥٢٤.

أما عن الأهمية التي أسبغها الآزتيك على الكسوف فلا يسعنا إلا التخمين. فالثقافات الأخرى حول العالم قد أولت حادثة الكسوف أهمية شديدة. وفي النهاية، من المرجح جداً أن تفعل الشيء ذاته لو اختفت الشمس في منتصف اليوم فجأة دون أن تعرف السبب.

ولكن يبدو أن الآزتك لم يكونوا على العموم أكثر علماء الفضاء انتباهاً. فقد تتبعوا الفصول وهذا أساسي بالطبع لأي أمة زراعية. وانتبهوا جيداً إلى موقع الزهرة. ولكن لم يكن لديهم أي تقويم دقيق. ولم يتتبعوا حركة الكواكب الأخرى. ولم يذكروا في كتاباتهم أي محاولة لتفسير المدارات السماوية والتنبؤ بها.

وما نستطيع قوله أنهم اعتقدوا بأن الكسوف يحدث هكذا ببساطة وعشوائياً وفجأة. ويبدو أن أفكارهم اختلفت في كل وقت عن ذلك.

في إحدى الرسوم التصويرية عن الكسوف، يرى نمر -وهو رمز الظلمة- يبتلع الشمس. وكان على شعب الآزتك الصراخ والصياح لإخافة النمر.

كما اعتقد الآزتك أن أرض الأموات تقع خلف السماء، ويخفيها وهج الشمس. وعن طريق اعتراض الشمس فقط يمكن للشخص أن يدخل إليها.

أما الزهرة وعطارد على سبيل المثال، كانا يعتبران توأمين في ميثولوجيا الآزتك. وبإمكانهما المسير بجانب الشمس وزيارة أرض الموتى والعودة سالمين. وفي إحدى الرسومات التصويرية يمكن لأرض الموتى أن ترى خلف الشمس المنكسفة، وهو مشهد نادر بالفعل.

كما أنهم قد آمنو بكائنات الظلمة أو الشياطين وسموها تزيزيميمي. وتمثل هذه الكائنات الماثلة على هيئة هياكل أرواح المحاربين المضحى بهم. ويظهر إثنان من هذه الشياطين في إحدى الرسومات بجانب الشمس المظلمة. وكان الخوف من أن تتناول هذه الشياطين الشمس ثم تأتي إلى الأرض لتنهي العالم وفق تصورهم.

معلومات قليلة عن الآزتك

الحقيقة أنا نعرف القليل فقط عن ميثولوجيا الآزتك. وقد سجلوا تسجيلاً جيداً ما يزيد عن ٢٠ كسوفاً في تاريخهم. ولكن يبدو أنهم فسروها تفسيراً مختلفاً في كل مرة. وخلافاً لنظرائهم الأوربيين أو الآسيويين، لم يعلقوا على هذه الأحداث الكونية أهمية تاريخية.

فأي ملك أوربي أو صيني على سبيل المثال، ربما كان سيخاف من خسارة عرشه إذا حدث كسوف في فترة حكمه. ولكن الآزتك لم يربطوها بهذه الطريقة. بل اعتبروا الكسوف أحداثاً سماوية فقط وأنها قد تكون من الأحداث التي تنهي العالم.

وفي النهاية، كان الآزتك كغيرهم من شعوب العالم، أهمهم الكسوف، وقلقوا بسببه جداً إلى الحد الذي جعلهم يسجلوه، ليضمنوا أن ترى الأجيال القادمة ما شاهدوه.

ملخص المقال

كانت الأمم تراقب الكسوف في رهبة، وترى الشمس تختفي وراء القمر. واختلفت الاعتقادات حولها. أما اعتقادات شعب الآزتك عن الكسوف فقد اختلفت عن نظرائها. ولم يسجلوا هذه الأحداث بدقة.

اعتقد الآزتك حدوث الكسوف عشوائياً وفجأة، واختلف تفسيرهم في كل مرة. ومنها على سبيل المثال أن النمر رمز الظلمة يبتلع الشمس. وأن أرض الأموات تقع خلف الشمس، ولا يمكن الوصول إليها إلا عند غياب الشمس. كما اعتقدوا بالشياطين التي تتناول الشمس وخاوفوا من توجهها لتتناول الأرض بعدها، وغيرها.

واختلفوا عن نظرائهم بأنهم لم يعلقوا على هذه الأحداث الكونية أهمية تاريخية. بل عدوها أحداثاً سماوية وحسب. ولا نملك إلا القليل عنهم.

المصدر

هنا