اكتشاف آلاف الصخور البيضاء الغريبة على المريخ، هل ستجلب للأرض؟

إنها صخور غريبة جداً ونحن نحاول اكتشاف ما يجري.

صخور على المريخ
لقطة لهضبة سانتا كروز ضمن فوهة جيزيرو التقطتها مركبة بيرسيفيرانس على المريخ عام ٢٠٢١. حقوق الصورة:  NASA/JPL-Caltech/ASU/MSSS

 

لربما أعطى السطح الأحمر الصدئ للمريخ اسمه الشهير الكوكب الأحمر. ولكن يظهر وجود صخور بيضاء متناثرة تناثراً غريباً على الأرض المريخية.
إذ حيرت مركبة بيرسيفيرانس التابعة لناسا والتي تدرس فوهة جيزيرو منذ عام ٢٠٢١ العلماء. وذلك عندما أرسلت صور أكثر من ٤ آلاف صخرة ذات لون فاتح وبحجم الحصى متناثرة على أرضية الفوهة كاملها.

تقول كانديس بيدفورد، وهي عالمة كواكب في جامعة بوردو في إنديانا، وعضو في فريق المريخ العلمي ٢٠٢٠: هذه الصخور صخور غير اعتيادية البتة. ونحن نحاول اكتشاف ماذا يجري.

ويأتي هذا الإعلان متزامنا مع إجراء ناسا لمراجعة بنيوية لإعادة الصخور المريخية إلى الأرض جزءاً من طموحات الوكالة في برنامج استعادة عينات المريخ.

وتسمى الصخور البيضاء المصورة وفق العلماء «بالسيارات»، بمعنى أنها أزيلت من مواقعها الأصلية وانتقلت. وبعضها أملس تشوبه حفر، بينما يبدو بعضها الآخر مكوناً من طبقات متعددة.

وتشير التحليلات الأولية التي أجرتها الأجهزة الموجودة على متن المركبة بيرسيفيرانس أن الصخور جافة، لا من محتوى الماء فحسب، بل ومما تحويه من معادن أخرى كالحديد والمغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم. فهي مستنفدة من أشياء كثيرة. حسب ما قالت بيلفورد.

ما مصدر الصخور

ويهتم الفريق اهتماماً خاصاً في أصل هذه الصخور غير العادية، إذ أن مصادرها يمكن أن تكشف عن دلائل عن ماضي الكوكب الأحمر.
ويشمل هذا تحديداً الفترة التي كانت فيها المياه تغمر فوهة جيزيرو، ونراها اليوم أرضاً قاحلة.

ومع أن المركبة رصدت ٤ آلاف من هذه الصخور، إلا أنها لم تتمكن من الكشف حتى عن دلائل عن «منكشف صخري» ذو صلة بالصخور، والذي هو في الأساس قاعدة صخرية للتربة ذات سمات مشابهة برزت من السطح المريخي.

وتشير طبيعة الصخور الجافة بأنها قد تعرضت للحرارة وتحولت بنيتها إما بتدفقات الحمم أو اصطدامات الكويكبات في أماكن أخرى على المريخ، وبعدها سقطت على أرضية الفوهة.

ومهما كانت العملية التي حدثت، تظن بيدفورد وزملاؤها بأن ذلك جرى في مرحلة حديثة نسبياً بالنظر إلى تاريخ فوهة جيزيرو الجيولوجي.

من الصخور إلى ما بعد فوهة جيزيرو

ويذكر أن مركبة بيرسيفيرانس الجوالة، قد تحركت لمسافة تزيد عن ٢٤.٨ كم منذ أن حطت على المريخ، واحتفت بألف يوم من تقديم العلم منذ ديسمبر الفائت، الأمر الذي كان أيضاً النهاية الرسمية للمهمة كما كان مخططاً لها. وقد ملأت المركبة ٢٦ من أصل ٤٦ من أنبوبات العينات الصخرية. وفي كل عينة ما لا يحصى من الحبيبات التي يمكن أن ندرسها إلى ما لا نهاية.

تقول بيدفورد: بدأت بيرسيفيرانس وكجزء من مهمة إضافية انطلقت هذا الربيع، في التقدم ببطء نحو حافة فوهة جيزيرو المريخية، والتقطت كاميرتها بعيدة المدى صوراً لصخور ذات درجة لونية فاتحة متناثرة في المكان أيضاً.

والصخور المثيرة هذه جميعها على أي حال، ليست السبب الوحيد الذي جعل العلماء متشوقين للوصول بالمركبة إلى حافة الفوهة، وربما أبعد من ذلك. إذ يعتقدون وجود معالم جيولوجية فريدة، لم يواجهوها ضمن أرضية الفوهة. ويشمل ذلك صخوراً سبقت جيزيرو وربما تحمل آثاراً عن تشكل قشرة المريخ ومناخه المبكر. بل ويحتمل أن تحمل بصمات حيوية علاوة على ذلك.

هضبة نيلي

ويحدد العلماء حالياً مجموعة من مواقع أخذ العينات المثيرة أثناء إنشاء خريطة للحافة نفسها بمزيد من التفصيل. ويهتم العلماء اهتماماً كبيراً بتضريس مجاور لفوهة جيزيرو يسمى هضبة نيلي. إذ يعتقدون أن صخوره تكونت في ظروف دافئة خلال فترة يحتمل أن الحياة قد تطورت فيها. في حال وجدت أبداً في هذه الأرض القاحلة اليوم. وأخذ العينات من تلك الصخور يمكن أن يقدم فائدة علمية مضافة لما تحمله بيرسيفرنس مسبقاً.

وبالطبع، لا يمكن إدراك القيمة العلمية المضافة إدراكاً كاملاً إلا بعد عودة الصخور إلى الأرض.
فالعلماء بحاجة إلى تحديد عمرها الزمني باستخدام معدات على الأرض. وبدونها لن يتمكنوا من وضع سجل زمني دقيق يحدد متى كان المريخ يأوي الحياة ومتى أصبح جافاً. ولن نبالغ إن قلنا أن الأمر سيحدث ثورة في فهمنا للمريخ.

وتبقى الأسئلة حول برنامج إعادة العينات إلى الأرض التي تقوده ناسا. ومن ضمنها بالطبع كيف تخطط الوكالة لإعادة العينات المجموعة إلى الأرض. وفي أكتوبر الفائت كلفت ناسا فريق استجابة لتقييم مناهج بديلة للبرنامج المذكور. وذلك بعد أن وجد فريق مراجعة مستقل بأن البنية الحالية ستؤدي إلى تجاوزات في التكلفة والمواعيد.

ما الموعد اللازم

أنجر الكثير من العمل بالفعل، وتوقع أن تقرير فريق الاستجابة للتوصية باتخاذ نهج جديد في آواخر آذار، ويتبعه خطة مراجعة وميزانية من ناسا خلال نيسان أبريل.
وقد أعلن مقترح ميزانية الوكالة للسنة المالية ٢٠٢٥ في ١١ آذار، وخصص ٢.٧ مليار دولار لعلوم الكواكب. ولكن تمويل برنامج إعادة العينات لم يحدد بعد. وسيعلن عن ميزانية ناسا لهذا العام وما يليه في نيسان أبريل بعد اكتمال مراجعة فريق الاستجابة.

ملخص المقال

أعلن عن اكتشاف آلاف الصخور البيضاء على المريخ، وذلك في فوهة جيزيرو التي تدرسها مركبة بيرسيفيرانس منذ عام ٢٠٢١.

ويعتقد أن هذه الصخور انتقلت من مواقعها إلى الفوهة. وهي خالية من الماء والمعادن الأخرى. وتتقدم المركبة إلى حافة الفوهة، وربما أبعد من ذلك. لاحتمال وجود معالم جيولوجية فريدة مختلفة عما ضمن أرضية الفوهة.

ويمكن أن تحمل العينات التي ستؤخذ منها آثاراً عن تشكل قشرة المريخ ومناخه المبكر. بل ويحتمل أن تحمل بصمات حيوية، تشكل كلها قيمة مضافة وتغير فهمنا للمريخ.

المصدر

هنا