اكتشاف مصدر غامض للرياح الشمسية بأول مهمة قريبة من الشمس
دخل مسبار باركر الشمسي التابع لناسا في الغلاف الشمسي. وذلك بهدف التقاط تفاصيل دقيقة عن كيفية نشوء الرياح الشمسية.
حلق مسبار تابع لناسا عبر الغلاف الشمسي الجهنمي لاكتشاف المصدر الغامض للرياح الشمسية.
والرياح الشمسية دفقات متناثرة من البلازما المليئة بالطاقة مبتعدة عن الشمس. ولكن عند الاقتراب أكثر، كما فعل مسبار باركر مؤخراً بالغوص ما يقارب ٢١ مليون كم داخل سطح الشمس، ترى تيارات جسيمات مفردة. وبعضها توجهها الحقول المغناطيسية وهي تخرج من ثقوب عملاقة في سطح الشمس.
الرياح الشمسية
الرياح الشمسية تيارات من البروتونات والإلكترونات وجسيمات ألفا المشحونة. ويمكن تقسيم الرياح الشمسية بصفة عامة إلى صنفين عريضين: سريعة وبطيئة.
أما الرياح الشمسية السريعة فهي تنفجر من حول هذه الثقوب في غلاف الشمس. ويمكن أن تسير بسرعات قصوى تبلغ ٨٠٠ كم في الثانية، وهذا ضعف سرعة الرياح الشمسية البطيئة.
وقد حار علماء فيزياء الشمس طويلاً حول ما الذي يجعل نوعاً من أنواع الرياح الشمسية أسرع بمرتين من النوع الآخر. وربما قد وجد المسبار الجريء الآن الإجابة، ألا وهي: تأتي التدفقات الأسرع من انفجارات قوية من الطاقة تنطلق أثناء عودة انتظام الحقول المغناطيسية. وقد نشر الباحثون نتائج دراستهم في ٧ حزيران في مجلة نيتشر.
دراسة الرياح الشمسية
تحمل الرياح الكثير من المعلومات من الشمس إلى الأرض، ولذلك فإن فهم الآلية الكامنة وراء الرياح الشمسية مهمة لأسباب عملية على الأرض. وذلك وفقاً للمؤلف المشارك جيمس دراك، وهو بروفيسور فيزياء في جامعة ميريلاند.
وهذا سيؤثر بالطبع على قدرتنا على فهم كيفية إطلاق الشمس للطاقة وإثارة العواصف الجيومغناطيسية التي تمثل تهديداً لشبكات الاتصال لدينا.
ولأن الرياح الشمسية قوية بما يكفي لإيقاع الأقمار الاصطناعية إلى الأرض وحتى تعطيل الإنترنت، يتحمس العلماء لمعرفة كيفية نشوئها.
وقد وضحت البيانات التي أرسلها مسبار باركر الشمسي أن الثقوب الإكليلية الشمسية -المناطق الأغمق لوناً والأبرد في غلاف الشمس الخارجي- لها شكل يشبه رأس مرش الحمام. مكون في غالبه من أشكال قمعية متساوية التوزيع من مواد عرضها يصل إلى ٢٩ ألف كم.
وهذه الأشكال القمعية يمكن أن تلتف رجوعاً إلى الشمس أو تنطلق في حزم مبتعدة عنها. وذلك تبعاً لخطوط الحقل المغناطيسي التي توجهها إذا كانت مفتوحة أو مغلقة.
ويغطي طبقة الفوتوسفير (أخفض طبقة في الغلاف الشمسي) خلايا حمل حراري كما في قدر ماء يغلي. أما خلايا الحمل الحراري (تيار الحمل) على نطاق أكبر فتسمى الحبيبات الشمسية الفائقة، وفق المؤلف الرئيسي للدراسة ستيوارت بيل بروفيسور الفيزياء في جامعة كاليفورنيا، بيركلي.
وعندما تلتقي خلايا الحبيبات الفائقة هذه وتتوجه للأسفل، تسحب الحقل المغناطيسي في طريقها في القنوات القمعية المتوجهة نحو الأسفل. ويصبح الحقل المغناطيسي مكثفاً جداً هناك نتيجة احتشاده فيها.
آلية انطلاق الرياح الشمسية السريعة
عن طريق رصد السرعات التي تتدفق فيها الرياح الشمسية السريعة -بعض الجسيمات سجلت سرعات أحياناً تتحرك فيها أسرع بـ ١٠ إلى ١٠٠ مرة من متوسط سرعة الرياح الشمسية- استنتج الباحثون أن الآلية المحتملة الوحيدة لإطلاق الرياح الشمسية السريعة هي الارتدادات المغناطيسية.
تحدث هذه الارتدادات في الحقيقة عندما تتصل الخطوط الدائرية لحقل مغناطيسي مغلق قريب من سطح الشمس مع خطوط حقل مفتوح تبتعد ممتدة عن الشمس. الأمر الذي يسبب انفجارات قوية للطاقة عند انفصال خطوط الحقل المغناطيسي فتنطلق الرياح الشمسية مباشرة نحو الأرض.
وعند بداية تشكل الارتدادات المغناطيسية، تكون انعطافتها أكثر حدة. وهذا يعني أن المواد الشمسية تقذف منها بسرعات أعلى مما تقذف به في الارتدادات الأقدم والأقل حدة وفقاً للباحثين.
النتيجة النهائية
والنتيجة الكبرى هي أن إعادة الاتصال المغناطيسي ضمن هذه البنى القمعية هو الذي يوفر مصدر الطاقة للرياح الشمسية السريعة. أي انها لا تأتي من أي مكان في الثقوب الإكليلية الشمسية فحسب، بل تأتي من هذه الحزم الصغيرة من الطاقة المغناطيسيةالمترافقة مع تيارات الحمل الحراري.
وسيتابع الباحثون بالطبع دراسة بيانات المسبار الشمسي وهو يدور أقرب نحو الشمس لتأكيد نتائجهم، وسيصل إلى وجهته النهائية على ارتفاع ٦.٤ مليون كم فوق سطح الشمس، حيث يتوقع أن تشوى معداته بفعل حرارة الشمس المركزة.
ملخص المقال
أعلن علماء اكتشاف مصدر غامض للرياح الشمسية بأول مهمة قريبة من الشمس. وهناك رياح شمسية سريعة وبطيئة، وقد حار العلماء ما يجعلها سريعة.
وقد استنتج الباحثون أن الآلية المحتملة الوحيدة لإطلاق الرياح الشمسية السريعة هي الارتدادات المغناطيسية. معتمدين فيها على بيانات مسبار باركر الشمسي.