الثقوب السوداء فائقة الكتلة تكبر بسرعة مذهلة وفق دراسة جديدة
قد يساعد البحث في الكشف عن كيفية تحول الثقوب السوداء فائقة الكتلة إلى تلك الحجوم الهائلة.
وجد من الثقوب السوداء المخيفة أكثر مما ظننا سابقاً في الكون المبكر. وذلك من بين ما أشارت إليه دراسة جديدة.
أظهرت طريقة جديدة لتقدير كتل أكبر الثقوب السوداء فائقة الكتلة التي يعتقد وجودها في مراكز المجرات، أن هذه الوحوش الكونية ربما تكبر أسرع مما اعتقد سابقاً.
وتشير النتائج المأخوذة من طرق نمذجة حاسوبية جديدة، إلى أن الثقوب السوداء ربما كانت في الواقع أكبر منذ مليارات السنين مما اعتقد العلماء سابقاً.
ويحتمل أن يكون هذا إنجازاً محتملاً جديداً. وذلك لأنه يمكن أن يساعد الباحثين في فهم كيفية وصول الثقوب السوداء فائقة الكتلة إلى هذه الأحجام المهولة.
الثقب الأسود في مركز مجرتنا
يقول مؤلف الدراسة جوزيف سيمون باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كولورادو بولدر: تفوق كتلة الثقب الأسود في مركز مجرتنا كتلة الشمس بملايين المرات. ولكننا نرى أيضاً ثقوباً أخرى ونعتقد أنها أعلى من كتلة الشمس بمليارات المرات.
ومع أننا نملك قياسات جيدة لكتل الثقوب السوداء فائقة الكتلة في مجرتنا وفي المجرات المجاورة. غير أننا لا نملك النوع ذاته من القياسات في المجرات الأبعد. وكل ما نملكه في النهاية تخمينات فقط.
والثقبان الأسودان فائقا الكتلة اللذان تصورتهما البشرية حتى الآن، هما مثالان مذهلان عن المدى الكبير الذي يمكن أن يمتده الوحشان الكونيان هذان.
وهذان الثقبان هما ساغاتيروس أ* (الرامي أ) في مركز درب التبانة. وكتلته تعادل ٤.٥ مليون من مثل كتلة الشمس. والثاني هو الثقب الأسود الذي يقع ضمن المجرة مسييه ٨٧، ويبعد عنا ما يقارب ٦ مليون سنة ضوئية. وتعادل كتلته ما يقارب كتلة ٥ مليار شمس.
كيف تصل الثقوب السوداء إلى هذا الحجم؟
هناك نظريات عديدة بالطبع عن كيفية نمو الثقوب السوداء إلى مثل هذا الحجم الهائل. معظمها يتحدث عن اندماج الثقوب الأصغر.
ولكن هناك مشكلة في هذا الافتراض، وهو هل توفر ما يكفي من الوقت خلال عمر الكون البالغ ١٣.٨ مليار عام لهذه العملية ونمو الثقوب السوداء فائقة الكتلة إلى هذا الحجم الكبير جداً. خاصة الثقوب التي وجدت منذ مليارات السنين؟
هناك تقديرات تقول بأنك يمكن أن ترى هذه الأنظمة الضخمة بالفعل في كون مجاور فحسب. فالثقوب تستغرق وقتاً لتكبر.
كانت الثقوب السوداء ضخمة في الكون المبكر
أثناء دوران الثقوب السوداء المتصادمة حول بعضها البعض، ترسل أمواجاً ثقالية تنتقل في الفضاء. وهي تموجات في الزمكان تقول نسبية أنشتاين بأن الأجسام الضخمة المتسارعة تنشئها.
والاصطدام النهائي للثقوب السوداء يرسل انفجاراً هائلاً من الأمواج الثقالية يدل على الاندماج. وبعض هذه الأمواج تندفع في النهاية إلى الأرض وتحمل في الواقع معلومات عن الأحداث التي نشأت عنها.
وسيمون يعمل مع مرصد نورث أميريكان نانو هيرتز للأمواج الثقالية، المرصد الذي يلتقط تدفقاً ثابتاً من الأمواج الثقالية تسمى خلفية الأمواج الثقالية. ولكن لكي يفهم العلماء ذلك تماماً يحتاجون معرفة كتل الثقوب السوداء فائقة الكتلة عبر تاريخ الكون.
ولتطوير طريقة جديدة لتحديد كتل الثقوب السوداء وحتى البعيدة منها، جمع سيمون معلومات عن مئات آلاف المجرات. والبعض منها بعيد جداً ليرى وكأنه على بعد مليارات السنين الفائتة. واحتسب باستعمال هذه المعلومات كتل الثقوب السوداء لأكبر المجرات في الكون. من ثم استخدم النمذجة الحاسوبية لمحاكاة الأمواج الثقالية التي يمكن أن تولدها هذه الأجسام.
وهذا يعطي سيمون بالطبع طيفاً من الكتل للثقوب السوداء في الكون تعود إلى ما يقارب ٤ مليار عام. وقد أظهرت البيانات شيئاً غير متوقع. إذ كان هناك نخبة أكبر من المجرات الكبيرة والثقوب السوداء فائقة الكتلة في الكون منذ مليارات السنين مما هو مقدر الآن.
يشير البحث الجديد إلى أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة والمتوحشة هذه قد لا تحتاج كل ذلك الوقت الذي كنا نعتقده لتكبر. وقد وصل باحثون آخرون من ناحية أخرى إلى نتائج مشابهة عندما رصدوا ثقوباً سوداء ضخمة غير متوقعة في الكون المبكر.
والخطوة التالية التي سيعمل عليها سيمون هي البحث في ثقوب أبعد وأقدم في التاريخ الكوني. ويأمل أن يكشف ذلك في نهاية المطاف عن كيفية تشكل المجرات كمجرة درب التبانة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الثقوب السوداء الهائلة لها تأثيرات هائلة على المجرات التي تضمها.
ويختتم حديثه بالقول: إن فهم كتل الثقوب السوداء أمر أساسي لبعض المسائل الأساسية مثل خلفية الأمواج الثقالية، وكيفية تطور المجرات وكيف تطور كوننا بالإضافة إلى ذلك. وقد نشر البحث في ٣٠ أيار في ذا أسترونوميكال جورنال ليترز.
ملخص المقال
تقول دراسة جديدة أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة تكبر بسرعة مذهلة أسرع مما نعتقد.
اعتمد في ذلك على طريقة جديدة لتقدير كتل أكبر الثقوب السوداء فائقة الكتلة، وعلى النمذجة الحاسوبية. وتشير النتائج إلى احتمال أن تكون الثقوب السوداء منذ ملايين السنين أكبر.
وقد يساعد هذا البحث في معرفة كيفية وصول الثقوب السوداء إلى هذا الحجم الهائل، وكيفية نشوء وتطور الكون.