الكون أعلى حرارة مما يجب و«الفوتونات المظلمة» قد تفسر

تشير عمليات الرصد إلى أن الغاز بين المجري في كوننا أعلى حرارة بقليل مما يجب أن يكون عليه. أي أن حرارة الكون أعلى من المفترض، و «الفوتونات المظلمة» قد تفسر الأمر وفق باحثين.

إذ استخدم مجموعة من علماء الفيزياء مؤخراً نماذج حاسوبية دقيقة لتقديم افتراض ثوري، ألا وهو: شكل شاذ من المادة المظلمة يسمى «الفوتونات المظلمة» قد يكون السبب في رفع حرارة الكون.

وقد تكون هذه الجسيمات الغريبة حاملة لقوة خامسة جديدة من قوى الطبيعة لا تختبرها المادة العادية. ولكن هذه الفوتونات المظلمة تغير هويتها لتصبح فوتونات عادية فتوفر مصدراً للحرارة.

التعادل الكهربائي

يمكننا إيجاد مثل هذه الفوتونات المظلمة عن طريق رصد الغاز بين المجري باستخدام ما يعرف باسم غابة ليمان- ألفا. فعندما نرصد الضوء القادم من جسم مضيء بعيد كالكوازار (أو النجم الزائف وهو جسم متوهج تغذيه الثقوب السوداء في مراكز مجرات بعيدة)، هناك سلسلة من الفجوات في طيف الضوء القادم من الجسم البعيد والذي يكون مستمراً مستوياً خلافاً لذلك.

والسبب أن الضوء يجب أن يمر عبر مليارات السنين الضوئية من الغاز متعرضاً للفلترة قبل أن يصلنا. وأحياناً يمر الضوء عبر تجمعات كثيفة من الهيدروجين المتعادل. وهو نوع من الهيدروجين يتكون من بروتون ونترون ويتخلل سحب الغاز عبر الكون.

ومعظم ذلك الضوء سيمر دون أن يتأثر  ولكن سيتعرض طول موجي معين للامتصاص. ويتطابق هذا الطول الموجي مع الفرق الطاقي اللازم لانتقال إلكترون من مستواه الطاقي الأول إلى المستوى الثاني داخل ذرات الهيدروجين.

وعندما ينظر العلماء إلى الضوء القادم من ذلك الجسم، سيبدو خلافاً لذلك عادياً ما عدا وجود فجوة عند طول موجة الانتقال الطاقي ذاك عينه، ويعرف باسم خط ليمان ألفا.

فالضوء القادم من جسم بعيد سيمر عبر سحب متعددة وتجمعات من الهدروجين المتعادل. وقد أدى توسع الكون بالفجوات لانزياح أحمر إلى أطوال موجية مختلفة، مع ظهور فجوة جديدة عند طول موجة مختلف بناءً على البعد عن السحابات الغازية المحددة. والنتيجة النهائية لهذا هي «الغابة»، وهي سلسلة من الخطوط والفجوات في الطيف.

ارتفاع الحرارة

يمكن استخدام فجوات ليمان ألفا أيضاً لقياس درجة حرارة كل سحابة غازية. فإذا كان الهيدروجين المتعادل مستقراً تماماً، فستبدو الفجوة بشكل خط دقيق جداً. ولكن إذا كانت الجزيئات المفردة تتحرك، فعندها ستتوسع الفجوة بسبب الطاقة الحركية لهذه الجزيئات. وكلما زادت حرارة الغاز، زادت الطاقة الحركية للجزيئات وتوسعت الفجوة.

أشار باحثون في ورقة بحثية نشرت في مجلة فيزيكال ريفيو ليترز إلى أن استخدام هذه الطريقة يشير إلى أن سحب الغاز المتناثرة بين المجرات مرتفعة الحرارة قليلاً.

وتشير عمليات المحاكاة الحاسوبية لتطور هذه السحب بأنها أبرد بقليل مما نرصده. وعلى هذا، هناك شيء ما يرفع درجة حرارتها لم يمثله شيء في عمليات المحاكاة الفيزيائية الفضائية.

من التفسيرات المحتملة لهذا الفرق وجود «الفوتونات المظلمة» في كوننا وفقاً للدراسة. وهذه الجسيمات شكل افتراضي إلى حد بعيد للمادة المظلمة الغامضة والمسؤولة عن ٨٠٪ من كتلة الكون كلها، ومع هذا لا يبدو أنها تتفاعل مع الضوء.

 

وبما أن العلماء لا يفهمون حالياً ماهية المادة المظلمة، لذلك هي مجال مفتوح لاحتمالات كثيرة قد تكونها. وفي هذا الطرح الجديد، بدلاً من أن تكون المادة المظلمة مكونة من جسيمات غير مرئية (نسخة شبحية مثلاً عن الإلكترونات)، ستكون مكونة من نوع جديد من الجسيمات الحاملة للقوة. وهي نوع الجسيمات التي تتوسط التفاعلات بين الجسيمات الأخرى.

ظلمة دافئة ومبهمة

إن الفوتون المعروف حامل طاقي للقوة الكهرومغناطيسية، التي ينتج عنها الكهرباء والمغناطيسية والضوء. وبهذا تكون الفوتونات المظلمة حاملة قوة جديدة في الطبيعة لا تعمل وفق المقاييس الاعتيادية في الظروف المعتادة. (في مختبراتنا أو ضمن النظام الشمسي مثلاً).

ووفقاً للدراسة، يمكن أن تكون هذه الفوتونات المظلمة ذات كتلة منخفضة، وبهذا قد تفسر المادة المظلمة. إضافة إلى ذلك، بما أنها حاملة قوة فإنها قد تتفاعل مع بعضها ومع غيرها من جسيمات المادة المظلمة المحتملة.

وفي النماذج التي بحثها الفريق تبين لهم أن هذه الفوتونات المظلمة تستطيع القيام بشيء آخر، ألا وهو: يمكنها أحياناً أن تتحول إلى فوتونات عادية.

وبلغة الفيزياء، يمكن للفوتون المظلم الاختلاط مع الفوتون الطبيعي، وتبادل الهويات في حالات شديدة الندرة. وعندما يحدث ذلك، تستمر الفوتونات الناشئة حديثاً بالقيام بما تفعله الفوتونات العادية، أي رفع حرارة الأشياء.

وأجرى الباحثون عمليات محاكاة لتطور الكون تضم تأثيرات هذه الجسيمات التي تغير شكلها لأول مرة أبداً. وقد وجدوا بأن توافقاً معيناً بين كتلة الفوتون المظلم واحتمالية تغيره إلى فوتون عادي قد يفسر الفرق في الحرارة.

وهذه النتائج بعيدة عن تأكيد وجود الفوتونات المظلمة حالياً. وهناك أيضاً طيف من الاحتمالات التي يمكن أن تفسر نتائج ليمان ألفا، كعمليات الرصد غير الدقيقة أو قلة فهمنا لارتفاع الحرارة الفيزيائية الفضائية بين المجرات.
وعلى كل حال، هذه بداية مثيرة للاهتمام، ويمكن استخدام النتائج منطلقاً لاستمرار استكشاف صحة هذه الفكرة الغريبة.

ملخص المقال

تشير عمليات الرصد إلى أن الغاز بين المجري في كوننا أعلى حرارة بقليل مما يجب أن يكون عليه. أي أن حرارة الكون أعلى من المفترض، و«الفوتونات المظلمة» قد تفسر الأمر وفق باحثين.

اعتمد الباحثون في ذلك على نماذج حاسوبية دقيقة. وافترضوا بناءً عليه أن الفوتون المظلم يتحول إلى فوتون عادي في شروط معينة، ويسلك سلوك الفوتون العادي، أي رفع حرارة الأشياء.

وبالطبع لم تثبت الدراسة شيئاً بعد، ولكنها منطلق مثير للاهتمام لدراسات تؤكد أو تنفي هذا الافتراض.

المصدر

هنا