الهبوط على القمر: لماذا هو صعب جداً؟
هل تعلم أن ثلث محاولات الهبوط على القمر تنتهي بالفشل!
فلماذا يكون الهبوط على القمر صعب جداً هكذا؟
تحطم مركبة فيكرام الهندية على القمر
الفضاء قاسٍ! تلك كانت العبرة التي وصلنا إليها يوم ٧ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٩. ذلك عندما فقدت مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية الاتصال مع مركبة الهبوط القمرية فيكرام. حدث ذلك خلال محاولة للهبوط على سطح قطب القمر الجنوبي.
كانت الهند على أهبة الاستعداد لكي تكون الدولة الرابعة في العالم التي تهبط هبوطاً آمناً على سطح القمر. وكانت على موعد للهبوط في مكان على سطح القمر لم يسبق أن وصلت إليه أي بلد سابقاً. ولكن محاولتها باءت بالفشل. ولم يكن هذا حادث التحطم الوحيد عند محاولة الهبوط على القمر.
العبرة من تحطم المركبات القمرية عند هبوطها
لعل حوادث التحطم تذكرنا بحقيقة واقعية، فمع أن البشر قد هبطوا على سطح القمر عدة مرات خلال مهمات أبولو منذ ما يربو عن نصف قرن. إلا أن فعل ذلك يبقى مهمة صعبة.
فمن بين ٣٠ محاولة هبوط آمن قامت بها وكالات الفضاء والشركات حول العالم، انتهى أكثر من ثلث هذه المحاولات بالفشل.
لماذا يصعب الهبوط على القمر بالضبط؟
لا يوجد أحد بعينه مسؤول عن فشل العديد من المحاولات. فمن أجل الهبوط على القمر لا بد من اتباع سلسلة من الأمور في ترتيبها الصحيح تماماً. وفي حال خلل أي منها تبدأ المشكلات حينها.
فأولاً: هناك مسألة الوصول إلى المدار القمري. وتلك ليست مهمة هينة. فصاروخ مهمة أبولو ساتورن-٥ أو زحل-٥، كان مزوداً بما يكفي من الوقود الدافع لكي يوصل رواد الفضاء إلى سطح القمر في ثلاثة أيام فقط.
لكن مركبة مهمة تشاندرايان-٢ الهندية، الذي حملت المركبة فيكرام استخدمت مساراً دائرياً. حيث يستغرق أكثر من شهر للوصول إلى سطح القمر. وذلك من أجل توفير تكاليف الوقود.
وحالما تصل المركبة إلى المدار القمري، تحافظ على اتصالها بالأرض. ويكون ذلك بالاعتماد على شبكة الفضاء العميق التابعة لناسا. وتتألف هذه الشبكة من ثلاث منشآت في أجزاء مختلفة من الأرض. وهذه المنشآت مزودة بصحون على شكل قطع مكافئ، دائمة الرصد لكي تبقى على اتصال مع أي مسبار روبوتي في الفضاء.
وربما كان فشل الاتصال جزءاً من الأسباب التي أدت إلى مشكلات المركبة فيكرام. حيث أن الوكالة قد فقدت الاتصال مع مركبة الهبوط عندما كانت على ارتفاع ٢ كم تقريباً فوق سطح القمر.
وهناك مجال للخطأ بالطبع عندما تكون المركبة متوجهة بسرعة الصاروح نحو موقع هبوطها. فقد يؤدي عطل في أداة نقل البيانات إلى توقف تام للمحرك، وبالتالي تحطم المركبة.
وفي حين يمكن للعلماء على الأرض استخدام نظام تحديد المواقع العالمي لتوجيه المركبات الذاتية. فلا وجود لمثل هذا النظام في الأجرام السماوية. وبالتالي، عندما تكون متحركاً بسرعة في الخلاء وتريد الإبطاء، مع وجود القليل من البيانات لديك، سيكون الأمر صعباً حتماً.
حلول للهبوط الآمن على القمر
تعمل ناسا حالياً مع شركات خاصة تخطط لإيصال روبوتات إلى القمر في المستقبل القريب. ويجب أن يكون لدى هذه المركبات القمرية ثقة بمستشعراتها.
ولهذا تقوم الوكالة بتصميم معدات يمكن أن تثبت على هيكل المركبة. بحيث يمكنها أن تمسح التضاريس بحثاً عن الصخور والفوهات وغيرها من الأخطار، ومن ثم القيام بتصحيحات في المسار. ويمكن استخدام هذا الأمر سواء في مركبات الشركات الخاصة أم في مهمات ناسا القادمة.
ومن الجدير ذكره أن كل المهمات التي فشلت بالهبوط على القمر تقريباً لم يكن على متنها طاقم. وربما يشير هذا إلى أنه من المفيد وجود شخص عند ظهور أي مشكلة.
فبالعودة إلى أيام مهمة أبولو، ساعدت العين البشرية والمنعكسات في تحقيق عمليات هبوط ناجحة. ولعلنا نذكر هنا العمل الشهير الذي قام به نيل آرمسترونغ.
وذلك عندما شاهد تضاريس صخرية في الموقع المحدد للهبوط. وعندها تحكم بمركبة المهمة أبولو ١١ وابتعد باحثاً عن نقطة هبوط آمنة.
واليوم، مع الخلفيات التي يملكها رواد الفضاء من خلال الرحلات الاختبارية التي يقومون بها، يتوقع منهم درجة معينة من التحكم.
ولا بأس في بعض أنظمة التحكم الذاتية اليوم بالطبع. حيث يود المهندسون أن يصلو إلى اللحظة التي يعتمد بها المستكشفون المستقبليون على مثل هذه الأنظمة. وذلك من أجل السفر بأمان إلى سطح القمر، والعودة منه بأمان أيضاً.
ملخص المقال
إن ثلث محاولات الهبوط على القمر انتهت بالفشل. ولعل هذا يبين لنا صعوبة الهبوط على سطح القمر. لكن لماذا يصعب ذلك؟ لا يوجد سبب محدد، إنما يجب اتباع سلسلة محددة من الأمور، وأي خلل بها يؤدي إلى مشكلة. كما أن أي خطأ في معدات نقل البيانات إلى الارض سيؤدي إلى فقدان الاتصال مع الأرض وبالتالي التحطم. وهو ما حدث في حالة المركبة الهندية فيكرام. ولحل ذلك تعمل ناسا مع شركات خاصة لتصميم مركبات يمكن الاعتماد على مستشعراتها، وعدم الحاجة إلى رائد فضاء للتحكم بالمركبة اعتماداً على النظر.