دماغ رواد الفضاء يطفو للأعلى في الرحلات الفضائية
دراسة جديدة تلقي الضوء على أدمغة رواد الفضاء بعد عودتهم من مهماتهم.
تسلك السوائل الدماغية سلوكاً مختلفاً في بيئة الجاذبية الصغرى، مرتفعة في أجزاء مختلفة من الجمجمة. كما أن المادة البيضاء في أدمغة رواد الفضاء تتأثر بسبب الفضاء، ويضعف حس التوازن لديهم عند عودتهم إلى الأرض. وتشير الدراسة إلى وجود علامات على إمكانية الدماغ للتكيف مع ظروف الفضاء.
الدماغ في الفضاء
من مسلمات عيش الإنسان وجود الأوكسجين والجاذبية. وكلاهما مفقودان في الفضاء بالطبع. وتفيد بيانات صحية من مهمات فضائية حديثة أن أجسامنا تسلك سلوكاً يختلف عن المعتاد من عدة أوجه في الفضاء. ويعرف العلماء مسبقاً أخطار البقاء الطويل في الفضاء على الجسم، من التعرض الطويل للإشعاع إلى تغير شكل كرة العين ومشكلات في الرؤية ومشكلات قلبية وعضلية وخسارة في كتلة العظام.
والآن تقدم دراسة جديدة نشرت في مجلة جاما نيورولوجي تفاصيل عن تأثير رحلات الفضاء على الدماغ. وعلى المادة البيضاء بالتحديد.
تقول راشيل سيدلر من جامعة فلوريدا: كان التدهور الحاصل مشابهاً لما يمكن أن تتوقع حدوثه نتيجة التقدم بالعمر. ولكنه حدث خلال مدة زمنية أقصر بكثير. وقد تساعد النتائج في تفسير سبب حدوث مشكلات في التوازن والتنسيق لدى الرواد بعد العودة إلى الأرض.
وكان التأثير واضحاً بالخصوص لدى الذين أمضوا وقتاً أطول في الفضاء. وارتبط كبر التغيرات الدماغية مع شدة عدم التوازن.
سلوك السوائل في بيئة الجاذبية الصغرى
تعتمد الدراسة على مسوح للدماغ بتصوير الانتشار بالرنين المغناطيسي (dMRI). حيث أجريت مسوح للدماغ قبل مهمات الرواد الفضائية. بقي سبعة من بين الخاضعين للدراسة في الفضاء لمدة أقل من ٣٠ يوماً. بينما بقي ثمانية آخرون في محطة الفضاء الدولية في مهمات تصل إلى ٢٠٠ يوماً. وكان المتوسط العمري للرجال الإثني عشر والنساء الثلاث ٤٧.٢ سنة. ثم أجريت مسوح لأدمغتهم بعد انتهاء مهامهم.
نعلم أن السوائل تتحرك نحو الرأس في الفضاء. ويمكنك عندما تشاهد فديوهات أو صور لرواد الفضاء أن تلاحظ بأن وجوههم منتفخة. وذلك لغياب الجاذبية التي تسحب السوائل إلى أسفل الجسم. وقد أكدت المسوح ذلك.
وكان من الممكن رؤية الدماء تتجمع حول قاعدة الدماغ. مما يؤدي إلى جعل الدماغ يطفو للأعلى في الجمجمة، مع سوائل أقل تحميه من الأعلى مما لو كان في الأرض. ومن المحتمل أن الجاذبية الصغرى قد تدفع سوائل دماغية نخاعية إضافية إلى الدماغ.
ويمكن لخلل توزع السوائل أن يؤدي إلى مشكلات في البصر. وذلك لاحتمال وجود ضغط على العصب البصري. أو بسبب عمليات سحب الدماغ للعصب بسبب وجوده طافياً للأعلى في الجمجمة.
وما كان أكثر إقلاقاً هو التغيرات الحادثة في مناطق المادة البيضاء من أدمغة الرواد. وهذه المناطق تتحكم بالحركة ومعالجة المعلومات الحسية.
ومن النتائج الأخرى التي قد تكون مشجعة، وجود تغيرات في المخيخ لدى الرواد الذين طاروا لمدة قصيرة، وهي غير موجودة لدى الآخرين. وهذا قد يعني أن البقاء في الفضاء لمدة أطول يعطي المخيخ -ويصح هذا على الدماغ كله- وقتاً للتكيف. وهذه فكرة مثيرة فيما يتصل بآمال البشرية في البقاء بمهمات طويلة الأمد في الفضاء.
العودة إلى الحالة الطبيعية
لحسن الحظ، تميل أعراض نقص التوازن التي يعاني منها الرواد العائدون إلى التلاشي لوحدها. ولكن من غير الواضح إذا كان هذا الأمر يعكس شفاء المادة البيضاء المتدهورة أو أن الرواد فقط يعتادون على الحالة المختلفة.
ويأمل الباحثون إجراء دراسات تتابع القصة لمدد أطول، مع مجموعة مسوح للدماغ بعد ٦ أشهر من العودة للأرض. فمعرفة المدى الذي يرجع فيه الدماغ إلى طبيعته بعد العودة إلى الأرض أمر هام للتخطيط لمهمات أطول، وقبل ولوج سكان الأرض في سياحة الفضاء.
ملخص المقال
أشارت دراسة جديدة إلى أن دماغ رواد الفضاء يطفو للأعلى في الرحلات الفضائية.
حيث تسلك السوائل الدماغية سلوكاً مختلفاً في بيئة الجاذبية الصغرى، مرتفعة في أجزاء مختلفة من الجمجمة.
كما أن المادة البيضاء في أدمغة رواد الفضاء تتأثر بسبب الفضاء، ويضعف حس التوازن لديهم عند عودتهم إلى الأرض.
وتشير الدراسة إلى وجود علامات على إمكانية الدماغ للتكيف مع ظروف الفضاء.