رواد الفضاء: تفاصيل الحياة اليومية في الفضاء
تحدثنا في مقالنا «رواد الفضاء: الاختيار والتدريب والمهام» عن طريقة اختيار رواد الفضاء وتدريبهم والمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم.
ولعل السؤال الأكبر الذي يتبادر إلى أذهان الكثيرين: كيف هي حياة رواد الفضاء في الفضاء؟ ما المشكلات التي يتعرضون لها وكيف يعتنون بصحتهم؟ كيف يأكلون ويقضون حاجتهم ويبدلون ملابسهم وغيرها.
لنتعرف أكثر عن حياة رواد الفضاء في الفضاء وكيف يقضون أوقاتهم.
هل يتعرض الرواد إلى مشكلات صحية في الفضاء؟
رحلات الفضاء خطيرة بطبيعتها، وتعتمد صحة الرواد على أنظمة دعم الحياة فيها. ولا ننسى أن انعدام الوزن والبيئة الفضائية لها تأثيراته السلبية على الفيزيلوجيا البشرية.
ومعظم هذه المشكلات كفقدان كتلة العظام والعضلات يمكن علاجها، ولكن التعرض للإشعاع يجب مراقبته كما يراقب العاملون الآخرون ممن يتعرضون للإشعاع في عملهم.
وتضم وكالة الفضاء الأوربية على سبيل المثال فريقاً طبياً مختصاً بطب الفضاء في مركزها في ألمانيا. ووظيفة هذا الفريق هو تقليل تأثير البيئة الفضائية على الصحة الجسدية والنفسية للرواد أو منعه.
وتخضع البيئة الفضائية وأنظمة دعم الحياة في محطة الفضاء الدولية إلى المراقبة الدائمة. وهناك برنامج تدابير وقائية ومضادة شامل وجاهز.
هل تجري فحوص طبية في الفضاء؟
يعتني طبيب يسمى جراح الرحلة بكل رائد فضاء، وذلك قبل الرحبة وأثناءها وبعدها. ويبقى الرواد والطبيب على تواصل دائم لمناقشة المسائل الصحية وتنفيذ الفحوص الطبية في الفضاء.
وإن كان بعض الرواد أطباء مؤهلون أو باحثون طبيون، فلا يوجد عموماً طبيب دائم في محطة الفضاء الدولية. ويعين اثنان من الطاقم بصفة مختصين طبيين ويدربان لتقديم الدعم الطبي خلال المهمة. ويستطيعان تقديم الخدمات الطبية الأساسية الشبيهة بما يقدم في الإسعاف على الأرض.
بالإضافة إلى ذلك توجد قائمة تشخيص مرجعية في محطة الفضاء الدولية تساعدهم على تشخيص وعلاج الرواد المصابين أو المرضى. وهناك فريق طبي على الأرض مستعد دوماً لإرشادهم وإعطاء القرارات السريرية اللازمة.
وبمتناول الفريق أيضاً مجموعاً عقاقير عامة كالأسبرين والأدوية الصيدلانية الخفيفة بالإضافة إلى حقيبة إسعاف ومسكنات ألم وأدوية تخدير وأدوية أسنان وضمادات وسماعات طبية ومزيل رجفان وغيرها.
كما يتحدث الرواد مع جراح الرحلة لمدة ربع ساعة أسبوعيا؟ لمناقشة أية مسألة طبية، ويعرف هذا بالاجتماع الطبي الخاص.
ماذا عن أسنان رواد الفضاء؟
حدثت مشكلات الأسنان في الفضاء في الماضي. ولتقليل هذه المشكلات المحتملة، يخضع الرواد لتحليل شامل لحالة أسنانهم قبل الرحلة واتخاذ إجراءات احترازية كحشو الأسنان.
وتوجد في الفضاء حقيبة إسعافية للأسنان. ويتلقى الرواد تدريبات لتدبير مشكلات الأسنان الشائعة في الفضاء.
التأثيرات الجسدية للبقاء في الفضاء لمدة طويلة
البقاء لمدة طويلة في الفضاء له تأثيرات جسدية كثيرة ومنها: فقدان في كتلة العظام والعضلات وقوتها، وانخفاض القدرة على التحكم بوضعية الجسم والحركة، بالإضافة إلى انخفاض بحجم الدم وانخفاض في قدرة القلب والأوعية الدموية.
وعلى أي حال، هذه تأثيرات مؤقتة. ويساعد الفريق الطبي الرواد على تخفيف آثارها بالنظام الغذائي المناسب والتمارين في الفضاء، كما يعاد تأهيلهم عند عودتهم للأرض.
هل يخسر رواد الفضاء من كتلة عظامهم؟ وهل يمكن علاجها؟
يفقد رواد الفضاء ما يقارب ١٪ من كتلة عظامهم شهرياً في الفضاء، وذلك تبعاً لمستوى التمرين الجسدي وتبعاً للفرد ذاته.
ويعتمد الوقت اللازم لاستعادة هذه الكتلة بعد الرحلة على مدة الرحلة. ويستغرق الأمر ما يقارب ستة أشهر للعودة إلى كتلة العظام السابقة وذلك بعد الرحلات الطويلة الممتدة لستة أشهر. كما يعتمد ذلك على التمرين، فالتمرين أثناء الرحلة يسرع الشفاء.
النظام اليومي لرواد في الفضاء
كل يوم في المدار يخططه مركز مراقبة المهمة بدقة. ويتكون يوم العمل على محطة الفضاء الدولية من ٢٤ ساعة عمل. فبعد مسحة سريعة بقماش مشبع بالصابون يتناول الرواد فطورهم ويبدؤون مهامهم بالتنسيق مع مركز مراقبة المهمة.
ويشمل هذا تنفيذ التجارب التقنية والعلمية والتي قد تتضمن التحدث مع علماء على الأرض، بالإضافة إلى الصيانة والإصلاح والتشغيل العام للمحطة، إضافة إلى أنشطة التواصل مع العامة.
ويتمتع الرواد بثلاث وجبات يومية، بالإضافة إلى توفر المشروبات ووجبات التسلية الخفيفة. ويمضون ساعتين على الأقل يومياً في التدريبات البدنية. وهذا مهم للحفاظ على صحتهم. ومن المهام أيضاً تحميل النفايات في مركبة فضائية وإنزال المؤن الجديدة.
كما قد يمضون عدة ساعات في التحضير للمشي الفضائي خارج المحطة، ويسمى «النشاط خارج المركبة».
كيف يتناول الرواد طعامهم في الفضاء؟
يكون معظم الطعام الذي يتناوله الرواد في الفضاء معلباً في عبوات أو أكياس ويجب أن يحضر بطريقة معينة لضمان القدرة على تناوله في انعدام الجاذبية. وأشيع طرق تحضير الطعام للفضاء هي تجفيفه. ويعيد الرواد إماهته ببساطة عن طريق وضعه في أفواههم أو إضافة الماء إليه.
أما غيرها من أصناف الطعام فهي مستقرة حرارياً، أي أنها تعرضت لمعالجة حرارية تقضي على الأنزيمات والكائنات المجهرية الضارة. ويقدم لهم أيضاً الفواكه الطازجة والخضار وخبز التورتيلا، ولكنها يجب أن تستهلك في الأيام اللاحقة لإيصالها لكي لا تفسد.
كيف يقضي الرواد حاجتهم في الفضاء؟
صمم مرحاض المحطة ليناسب استخدامه الجميع. حيث توجد مثبتات لأقدام الرواد لتثبيتهم على المقعد. وتسحب تيارات شفط الفضلات إلى أحواض، كل منها مخصص لنوع من الفضلات. ويعاد تدوير البول إلى مياه صالحة للشرب، أما البراز فيحفظ في أوعية محكمة ويرسل إلى الأرض مع المركبة العائدة.
كيف يستحم الرواد في الفضاء؟
لا يستحم الرواد تحت رشاش المياه. فمحطة الفضاء تعيد تدوير ما تستطيع من المياه لأنها من أكثر الموارد قيمة.
والاستحمام التقليدي لا ينفع في بيئة منعدمة الجاذبية يطفو فيها الماء. لذلك يستخدم الرواد مناشف رطبة بدلاً من ذلك.
كيف ينام الرواد في الفضاء؟
لا يوجد ما يسمى أعلى أو أدنى في الفضاء لانعدام الجاذبية. وعلى هذا يستطيع الرواد النوم بأي اتجاه نظراً لانعدام أوزانهم. ولكن كل منهم له حجرة وكيس نوم يمكنهم تثبيته إلى الحائط كي لا يستمروا في الطفو.
ماذا يرتدي الرواد في الفضاء؟
يرتدي الرواد عادة ألبسة عادية في محطة الفضاء الدولية كالقمصان والسراويل. كما يرتدون الجوارب ولكن لا يرتدون أحذية، إذ أنهم يستخدمون عادة أماكن لتثبيت أقدامهم في أرجاء المحطة للمحافظة على ثباتهم أثناء العمل.
ونظراً لعدم وجود آلة غسيل في محطة الفضاء، من الصعب أخذ ما يكفي من الألبسة كالألبسة الداخلية والجوارب. وذلك لأن كل كيلو غرام ينطلق إلى الفضاء يجب أن يدبر ببدقة. وبهذا لا يستطيعون تغيير ملابسهم كل يوم.
تغير الملابس الداخلية كل يومين أو ثلاثة أيام ويحصل الرواد على سراويل قصيرة وقمصان قصيرة الأكمام مرة كل ثلاثة أيام للتمرين. أما قمصان العمل وسراويله تغير مرة كل ١٠ أيام في المتوسط.
أما أثناء انطلاقهم من الأرض وعودتهم إليها فيرتدي الرواد بذة فضائية. وتختلف تبعاً لمركبتهم الفضائية. كما قد يرتدي الرواد بذات فضائية أخرى أثناء تنفيذهم مهاماً خارج المحطة خلال الرحلة.
كما تختلف البذات المستخدمة للقيام بجولات مشي خارجية أو على سطح القمر، وتطورها ناسا حالياً.
هل لدى الرواد وقت فراغ في الفضاء؟
يتمتع الرواد عادة بالقليل من وقت الفراغ قبل النوم، وفي نهايات الأسبوع أيضاً. وعندها يمكنهم كتابة الإيميلات والتحدث إلى عائلاتهم، أو مشاهدة الأفلام أو القراءة أو عزف الموسيقا أو لعب الألعاب.
ولكن أشيع الهوايات هو النظر من نافذة محطة الفضاء الدولية ومشاهدة الأرض وهي تدور أسفلها، والتقاط الصور والفيديوهات ومشاركتها مع الآخرين على الأرض.
ملخص المقال
قد تتسائل كيف يقضي رواد الفضاء حاجتهم، وكيف يعتنون بنظافتهم الشخصية وبملابسهم، وما الذي يتناولونه، وكيف يقضون حياتهم في الفضاء، يعرفنا المقال على كل هذه المواضيع وهي:
- المشكلات صحية في الفضاء
- الفحوص الطبية في الفضاء
- مشكلات الأسنان
- خسارة الكتلة وعلاجها
- النظام اليومي للرواد
- تناول الطعام
- قضاء الحاجة
- الاستحمام
- النوم
- الملابس الخارجية والداخلية
- أوقات الفراغ