سبب الصدأ على القمر قد يكون الأرض

لا عجب أن القمر يتحرك مبتعداً عنا بالطبع!

وجد معظم الصدأ على الجانب القريب من القمر. حقوق الصورة: ASA/Goddard Space Flight Center/Arizona State University

يستمر القمر في تحوله إلى لون أحمر جزئياً، ويرجح أن يكون سبب الصدأ على القمر هو الأرض. فغلافنا الجوي قد يكون المسبب لصدأ القمر في الواقع وفق بحث جديد.

والصدأ، أو أوكسيد الحديد مادة محمرة تتكون عندما يتعرض الحديد للماء والأوكسجين. وهو نتيجة للتفاعل الكيميائي الذي يشيع حدوثه للمسامير والبوابات وصخور الأخدود العظيم الحمراء وحتى المريخ.

وأخذ الكوكب الأحمر لقبه هذا بالطبع نسبة للونه الأحمر الذي يأتي من الصدأ. وقد جاءه هذا الصدأ منذ زمن بعيد عندما اجتمع الحديد على سطحه مع الأوكسجين والماء.

ولكن ليست كل البيئات الفضائية مثالية لحدوث الصدأ، بما فيها قمرنا الجاف وغير الحاوي على غلاف جوي. ووفق دراسة جديدة فصدأ القمر سببه الأرض على الأرجح.

أحجية الصدأ على القمر

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة شواي لي من معهد هاواي للجيوفيزياء والكواكب: الأمر محير جداً. فالقمر بيئة غير مناسبة مطلقاً لتشكل الصدأ.
كان لي يدرس بيانات من ماسح المعادن القمري
التابع لمختبر الدفع النفاث. والذي كان على متن المركبة المدارية الهندية تشاندريان ١، التي مسحت سطح القمر عام ٢٠٠٨. وعندها أدرك أن قطبي القمر لهما تركيبتين مختلفتين تماماً عن بقيته.

صدأ القمر سببه الأرض
صورة مركبة تظهر الجليد المائي في القطبين. وقد وجد الباحثون إشارات على وجود الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر) عندما درسوا أطياف هذه المناطق. حقوق الصورة: ISRO/NASA/JPL-Caltech/Brown Univ./USGS

رصد ماسح المعادن القمري أطيافاً، أو أطوال أمواج ضوئية منعكسة عن سطوح متنوعة على القمر خلال المهمة، وذلك لتحليل تركيبة سطحه.

ووجد لي عندما ركز على قطبيه أن في قطبي القمر صخور غنية بالحديد، وذات بصمة تتطابق مع الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر). والهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر) -الذي يشيع في سطح الأرض- هو نوع خاص من أوكسيد الحديد أو الصدأ، وصيغته هي Fe2O3.

تقول أبيغايل فرايمان، وهي عالمة جيوفيزياء من مختبر ناسا للدفع النفاث: لم أصدق ذلك إطلاقاً في البداية. فليس من المفترض أن يوجد وفق الظروف المتوفرة على القمر. ولكن بما أننا اكتشفنا وجود الماء على القمر، نأمل باحتمال وجود تنوع أكبر من المعادن مما نعرف إذا كان ذلك الماء قد تفاعل مع الصخور.

خريطة محسنة تظهر مناطق اكتشاف العلماء دلائل على الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر). حقوق الصورة: Shuai Li

ما الذي حدث؟

يحتاج الحديد كي يتحول إلى اللون الأحمر -أي يصدأ- بالطبع إلى مؤكسد. وهو جزيئة كالأوكسجين تنزع إلكترونات من مادة ما كالحديد. ولكن الرياح الشمسية -وهي تيار من الجسيمات المشحونة التي تصدم القمر بالهيدروجين باستمرار- لها تأثير مناقض. فالهيدروجين عامل مختزل، أي جزيئة تمنح الإلكترونات لغيرها من الجزيئات.

ودون حماية من هذه الرياح الشمسية -كالغلاف المغناطيسي الذي يحمي كوكبنا منها- فلا يفترض في الواقع أن يتشكل الصدأ على القمر. ولكنه يتشكل بالفعل، والسر قد يكون كوكبنا.

فالقمر لا يملك غلافاً جوياً ليوفر له ما يكفي من الأوكسجين. ولكنه يحوي كميات ضئيلة منحها غلاف الأرض الجوي له. وينتقل هذا الأوكسجين الأرضي إلى  القمر عبر امتدادات طويلة لحقل الأرض المغناطيسي تسمى «الأذيال المغناطيسية».

ويمكنها أن تصل إلى الجانب القريب من القمر، حيث يوجد معظم الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر). أضف إلى ذلك أن هذا الذيل يصد ٩٩٪ من الرياح الشمسية التي تضرب القمر في كل فترة اكتمال للقمر. لتشكل ستاراً مؤقتاً فوق سطح القمر. مما يوفر فترات زمنية يتشكل بها الصدأ. ومع ذلك، هناك مكون آخر يلزم لتشكل الصدأ، ألا وهو الماء.

والقمر خال تماماً من الماء، عدا الماء المتجمد الذي وجد في الفوهات القمرية على الجانب البعيد منه. وذلك مكان بعيد عن المكان الذي وجد فيه الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر).

ويفترض العلماء أن جزيئات الغبار سريعة الحركة التي تمطر القمر ربما تحرر جزيئات الماء الحبيسة في الطبقة السطحية للقمر، مما يسمح للماء بالاختلاط مع الحديد. بل ربما تحمل هذا الجزيئات الغبارية الماء نفسه. وربما يؤدي تأثيرها إلى توليد الحرارة التي تسرع عملية الأكسدة في الواقع.

خريطة تظهر المناطق التي يحتمل وجود الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر) فيها على القمر. حقوق الصورة: Shuai Li

يقول لي: هذا الاكتشاف سيعيد تشكيل مفاهيمنا عن قطبي القمر بالطبع. وقد تكون الأرض قد أدت دوراً مهماً في تطور سطح القمر من ناحية أخرى.

على أي حال، ما تزال هذه افتراضات ونحن بحاجة للمزيد من البيانات لفهم سبب صدأ القمر تماماً. وما يزيد الغرابة بصورة عامة أن كميات أخرى من الهيماتيت (أكسيد الحديد الأحمر) قد وجدت في الجانب البعيد من القمر، ولا يصل إلى هناك الأوكسجين القادم من الأرض مع أذيال حقلها المغناطيسي. وقد نشر الاكتشاف يوم ٢ أيلول في مجلة ساينس أدفانسيز.

ملخص المقال

يرجح أن يكون سبب الصدأ على القمر هو الأرض. هذا ما قالته دراسة جديدة. فقد ظهرت مناطق على القمر غنية بالهيماتيت أو أوكسيد الحديد الأحمر.
وتشكل الصدأ بالطبع يحتاج إلى الأوكسجين والماء وحماية من الرياح الشمسية.

وما يساعد القمر في ذلك هو أذيال الغلاف المغناطيسي الأرضي الذي يحجب الأشعة الشمسية وينقل الأوكسجين. أما الماء فيفترض أن جزيئات الغبار التي تمطر القمر ربما حررت جزيئات الماء من سطح القمر

المصدر

هنا