غلاف الأرض الجوي ليس الغلاف الجوي المميز وحده
تملك بعض الكواكب في النظام الشمسي غلافاً جوياً أيضاً! فما الذي يميز غلاف الأرض الجوي إذاً؟ هل تعلم أنه ليس الغلاف المميز وحده؟
نعتقد نحن سكان الأرض بالطبع أننا مميزون جداً. فوفرة الأوكسجين في غلافنا الجوي، ووجود الماء السائل على سطح الكوكب يجعل كوكبنا «النقطة الزرقاء الباهتة» مميزاً إذا قارناه بغيره من الكواكب في النظام الشمسي. يا له من مكان فريد وهش للعيش.
ولكننا ومع النشاط الحيوي كله في كوكبنا، لسنا في الواقع الكوكب المميز الوحيد مما يدور حول الشمس. فهناك ما يعادل كوكبنا إذهالاً من الأماكن الأخرى في النظام الشمسي، وإليك عينة.
من سأل عن الزهرة؟
يبرز الزهرة من بين الكواكب الصخرية جميعها في النظام الشمسي، ففي جعبته المزيد. فغلاف الزهرة الجوي ذو ثخانة خانقة وسامة. إذ أن كثافة الهواء قرب سطحه أعلى بمئات المرات منه على الأرض. ما يجعل مستوى سطح البحر على الزهرة معادلاً للضغط بعمق ٩٠٠ متر تحت سطح البحر.
ويعلو سطحه آلاف من الكيلومترات من الهواء المضغوط هذا فيحبس الحرارة، ويحدث بالطبع تأثير دفيئة جامح. وهذا ما يجعل درجة حرارة سطحه مرتفعة حتى أكثر منها على عطارد بالطبع، مع أنه أقرب إلى الشمس من الزهرة.
فهل تريد إذابة قضيب من الرصاص؟ ضعه على سطح الزهرة وانتظر. وسيقوم الغلاف الجوي ببقية العمل.
ولكي يزيدنا الزهرة من هذا الكابوس الجهنمي كأساً، فإن غلافه الجوي يحوي كمية هائلة من حمض الكبريت. ويشكل الحمض سحباً في الغلاف الجوي العلوي. وتحته سديم ضبابي كثيف، ويتكاثف ليعطي مطراً حمضياً.
ولكن هذا المطر الحمضي لا يتمكن من الوصول إلى سطح الكوكب حتى! فالضغط الشديد والحرارة المرتفعة يبخرانه حتى قبل أن يلمس السطح.
فهل الزهرة كريه؟ أو أنه مميز؟ مهما كان أمره، إنه كوكب فريد من نوعه.
زحل وحبه للهندسة
نبدأ القول بأن زحل يملك شكلاً سداسي الأضلاع حول قطبه الشمالي. وهذه ليست مزحة، فهو شكل هندسي حقيقي ينظر إلينا من الفضاء وكأنه مزحة كونية.
وهذه ليست إلا فيزياء في الواقع. إذ يسود إعصار دوار ضخم حول قطب زحل الشمالي، تدور فيه الرياح بسرعة تبلغ آلاف الكيلومترات في الساعة. وكلما اتجهنا جنوباً تصبح السرعة أهدأ.
وتصبح هذه الرياح عند ارتفاع معين غير مستقرة، حيث تصدم الرياح سريعة الحركة الرياح البطيئة. وينتج عن هذه الحركة المضطربة أعاصير أصغر وشبه دائمة. تصطف كالخرز في عقد يزين القطب الشمالي لزحل.
وتعطي هذه الأعاصير التيار المتدفق فوقها شكله، مجبرة الرياح على أخذ مظهر سداسي الأضلاع مميز.
لذلك إذا كنت من محبي الهندسة، فلا أفضل من كوكب زحل لك. لا يوجد أي كوكب آخر في مجموعتنا الشمسية يملك مثل هذا الشكل المرتب من العواصف، ما يجعل زحل رائعاً بالمطلق.
مفاجأة من تيتان
لا تقتصر المفاجآت في نظام زحل على الدوامة سداسية الأضلاع فيه فحسب. فأكبر أقماره «تيتان» يلفه ضباب كثيف لا يخترق. وذلك الضباب بالطبع يخفي سراً رائعاً.
إن غلاف تيتان الجوي ثخين، إذ هو أثخن من غلاف أي قمر في النظام الشمسي إلى حد بعيد. بل وحتى إنه أثخن من غلاف الأرض الجوي بنسبة ٥٠٪. ويتكون بمعظمه من النتروجين تماماً كما هواء الأرض. غير أنه يحوي كمية جيدة من الميثان والإيثان. وهذا ما يعطي تيتان مظهره الأصفر البشع.
وفوق سطحه يتحد الميثان والهيدروجين لينثر بضعة غيوم من الضباب الدخاني.
وبعض الأحيان يشكل الميثان قطرات وتسقط إلى سطحه، حيث تتجمع وتتراكم لتشكل أنهاراً وبحيرات وحتى محيطات من الميثان. وإذا زادت حرارته قليلاً، يتبخر بعضه مجدداً إلى الغلاف الجوي ليبدأ دورة جديدة.
وهذه الدورة شبيهة بدورة المياه على الأرض، لكن بدرجة حرارة أدنى من الصفر بعدة مئات من الدرجات المئوية، وللميثان بدلاً من الماء.
ويعد تيتان والأرض الجرمان الوحيدان في النظام الشمسي اللذان يضمان السوائل على سطحيهما. بحار من الميثان، مطر من الميثان، ومناظر تسود فيها الهيدروكربونات السائلة، ولكن ليس من المستحيل أن تنشأ حياة ما في واحة ميثان ما في أطراف النظام الشمسي. وأي مكان يمكنه أن يستضيف حياة هو مكان مميز بالتأكيد.
ملخص المقال
غلاف الأرض الجوي ليس الغلاف المميز وحده. فغلاف الزهرة الجوي مثلاً ذو ثخانة كبيرة. وكثافة الهواء قرب سطحه أعلى بمئات المرات منه على الأرض. وغلافه الجوي يحوي كمية هائلة من حمض الكبريت.
أما غلاف زحل الجوي فيتميز بشكل هندسي من الأعاصير الدوارة حول قطبه الشمالي، وهي ذات شكل مضلع سداسي رائع.
أما قمر زحل تيتان، فغلافه أثخن من غلاف الأرض الجوي بنسبة ٥٠٪. ويتكون بمعظمه من النتروجين. ويحوي كمية جيدة من الميثان والإيثان. وتتشكل أنهار وبحيرات وحتى محيطات من الميثان على سطحه. وقد يظهر شكل من أشكال الحياة فيه يوماً ما.