فالنتينا تريشكوفا: أول امرأة تصعد إلى الفضاء
من كان ليصدق يوماً أن عاملة بسيطة في معمل نسيج وهاوية للقفز المظلي لا أكثر ستكسر قاعدة صعود الرجال فقط للفضاء، وتصبح أول رائدة فضاء في التاريخ؟!
إنها فالنتينا تريشكوفا التي سطرت التاريخ بكونها أول امرأة تصل الفضاء، ممهدة الطريق لعشرات الرائدات بعدها إلى يومنا هذا، فمن هي وما قصتها؟
من هي فالنتينا تريشكوفا؟
ولدت في قرية ماسلينيكوفو شمال شرق موسكو ١٩٣٧، وتوفي والدها في حرب الشتاء خلال الحرب العالمية الثانية عندما كان عمرها سنتين، ما دفع والدتها للانتقال إلى ياروسلافل بحثاً عن عمل، وعملت في مصنع نسيج، وذلك ما جعل تريشكوفا تتوقف عن الدراسة في سن ١٧ لتساعد والدتها مادياً وعملت معها في المصنع نفسه.
بدأ اهتمام تريشكوفا بالمظلات في سن مبكرة، وتدربت في أحد الأندية المحلية على القفز المظلي وكانت أول قفزة لها في سن الثانية والعشرين عام ١٩٥٩.
انضمت إلى رابطة الشباب الشيوعي، ثم أصبحت عضواً في الحزب الشيوعي في عام ١٩٦٢، وأكملت دراستها لاحقاً في أكاديمية زوكوفسكي للقوات الجوية وتخرجت سنة ١٩٦٩ مهندسة فضاء ونالت شهادة الدكتوراة في الهندسة عام ١٩٧٧، وشغلت الكثير من المناصب في الحكومة السوفيتية.
الشرارة الأولى
لم يكن لدى تريشكوفا رغبة سابقة في ريادة الفضاء، لكن إنجاز يوري غاغارين التاريخي كأول إنسان يصعد إلى الفضاء ألهمها للتقدم للمشاركة في برنامج الاتحاد السوفيتي للفضاء، وذلك لرغبة الاتحاد السوفيتي بإرسال أول امرأة إلى الفضاء بعد نجاح رحلتي «فوستوك ٣» و«فوستوك ٤»، وكانت معايير الاختيارأن تكون المرشحة الناجحة مظلية -إذ كان رائد الفضاء يقذف من المركبة على ارتفاع ٧ كم عند عودته إلى الأرض ويهبط بالمظلة- وألا يتجاوز عمرها ٣٠ عاماً، وألا يتجاوز طولها ١.٧٠ متراً ووزنها ٧٠ كغ، وجميعها كان متوفراً لدى فالنتينا.
رحلتها من الاختيار والتدريب إلى الفضاء
رشحت ٤٠٠ امرأة لتقوم بالمهمة، وتقلص العدد في النهاية إلى ه مرشحات إحداهن فالنتينا، ليتلقين
١٨ شهراً من التدريب من أجل الصعود في مهمة «فوستوك ٦»، ووقع الاختيار عليها في النهاية لتقود المهمة.
وفي ١٦ حزيران/ يونيو ١٩٦٣ انطلقت المركبة «فوستوك ٦» من قاعدة «بايكونور» في كازاخستان، بعد يومين فقط من انطلاق فاليري بوكوفسكي في «فوستوك ٥» وكانت تبعد المركبتان عن بعضهما البعض ٥ كم.
قالت لحظة صعودها على متن «فوستوك ٦»: «لم أشعر إلا بالإثارة والرغبة بالمغامرة، وصرخت: فلترحبي بي أيتها السماء، أنا قادمة إليك».
قضت تريشكوفا ٧٠ ساعة في الفضاء ودارت ٤٨ دورة حول الأرض خلال المهمة، تحدثت أثناءها مباشرة مع زعيم الاتحاد السوفيتي غورباتشوف قائلة: «كل الأنظمة تعمل على نحو ممتاز. أشعر أني بأفضل حال»، ليرد عليها قائلاً: «فالنتينا، أنا في غاية السعادة والفخر لأن فتاة من الاتحاد السوفيتي غدت أول امرأة تصعد إلى الفضاء وتعمل على أحدث التجهيزات».
وتقول: «إن أمي لم تعلم أن ابنتها رائدة فضاء إلا من جيرانها الذين هنؤوها واصطحبوها لترى ابنتها تخرج من المركبة على التلفاز».
كان عمر فالنتينا ٢٦ عاماً حينها، وبذلك أصبحت أول وأصغر رائدة فضاء في العالم، وقد قامت بالرحلة بمفردها.
ما بعد المهمة
مُنحت تريشكوفا بعد مهمتها الناجحة لقب بطلة الاتحاد السوفيتي إلى جانب العديد من الألقاب والأوسمة والميداليات الفخرية السوفيتية والأجنبية، وبعدها عينت مدربة لرواد الفضاء الجدد في مدينة النجوم قرب موسكو، لتستقيل عام ١٩٩٧.
وترأست اللجنة السوفيتية للمرأة بين ١٩٦٨ و ١٩٨٧، ووضعت صورتها على طوابع البريد، وأصبحت عضواً مهماً في الحزب الشيوعي ونالت عضوية رئاسة مجلس السوفييت الأعلى من عام ١٩٧٤ إلى ١٩٨٩ وتقلدت العديد من المناصب في الاتحاد السوفيتي، وفي عام ٢٠١٥ عرضت مركبتها «فوستوك ٦» في متحف العلوم في لندن، وخاطبتها أثناء حضورها الافتتاح قائلةً: «حبيبتي وأفضل وأجمل صديقة لي»، وقالت بأنها تفتقد مركبتها التي اعتادت أن تحييها كل صباح في مكان عملها في مدينة النجوم وتربّت عليها وتقول لها: «حبيبتي».
بدأت فالنتينا الطريق، وما زال نورها يشع إلى يومنا هذا دافعاً غيرها من الطموحات إلى مواصلة المسير إلى أقصى الحدود.
ملخص المقال
فالنتينا تريشكوفا أول رائدة فضاء في التاريخ، ساعدت هوايتها في القفز المظلي على اختيارها لتصعد إلى الفضاء على متن المركبة «فوستوك ٦» في ١٦ حزيران/ يونيو ١٩٦٣. وقضت في الفضاء ٧٠ ساعة ودارت ٤٨ دورة حول الأرض وتحدثت إلى زعيم الاتحاد السوفيتي غورباتشوف، ومنحت بعد المهمة لقب بطلة الاتحاد السوفيتي والعديد من الأوسمة والتكريمات وتقلدت العديد من المناصب.