فوبوس وديموس قمرا المريخ

غالباً ما يغفل قمرا المريخ فوبوس وديموس، ولكنهما مليئان بالألغاز كما غيرهما.

قمرا المريخ

لدى المريخ قمرين وهما فوبوس وديموس، وسميا بذلك على اسم ولدي آريس. وهي الآلهة الإغريقية المناظرة للإله مارس لدى الرومان، وهما إلاها الحرب لدى الاثنين.

فوبوس يعني الخوف، وديموس يعني الرعب. وقمرا المريخ صغيران جداً مقارنة بالأقمار الأخرى في النظام الشمسي.

فوبوس وديموس
المريخ من هابل. حقوق الصورة: NASA, ESA and Z. Levay (STScI) Acknowledgment: J. Bell (ASU) and M. Wolff (Space Science Institute)

يبلغ عرض فوبوس ٢٢ كم، بينما ديموس ١٢ كم. ويدور فوبوس على ارتفاع ٦٠٠٠ كم فوق سطح الكوكب الأحمر، بينما ديموس على ارتفاع ٢٠٥٠٠ كم منه. ودوران فوبوس أقرب إلى كوكبه الأم المريخ من أي قمر معروف آخر. ويدور حوله ٣ مرات كل يوم أرضي. بينما يستغرق ديموس ٣٠ ساعة لكل دورة.

كسوف شمسي كامل على المريخ ناتج عن فوبوس. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/ASU/MSSS/SSI

اكتشاف قمري المريخ

في بدايات القرن ١٧، سمع جوهانس كيبلر أن جاليليو اكتشف أربعة أقمار تدور حول العملاق الغازي المشتري. وهذا قاده إلى فكرة أقل ما يقال أنها خيالية وهي: بما أن المشتري لديه أربعة أقمار، والأرض لديها قمر واحد، فلا بد أن يملك المريخ قمرين. كان تخميناً خالصاً، ألهم به جمال وجودهما المفترض. والمفاجأة أن ذلك التخمين كان صائباً.

وسبب عدم اكتشاف أقمار كيبلر في أعقاب أقمار غاليليو، يفسره الافتراض القائل بأن كليهما يجب أن يكونا صغيران وقريبان من المريخ. الأمر الذي يجعلهما بالطبع خادعان ويصعب رصدهما وتميزهما عن سواد الفضاء.

كيبلر. حقوق الصورة: Dito/Ullstein Bild via Getty Images

ومع عدم وجود أدلة على وجودهما، إلا أن فكرتهما انتشرت فترة من الزمن. وظهرا في رواية لجوناثان سويفت عام ١٧٢٦ وقصة قصيرة لفولتير عام ١٧٥٠.

اكتشف قمرا المريخ فوبوس وديموس عام ١٨٧٧ على يد العالم الأمريكي أساف هول. حيث كان يجري بحثاً منهجياً حول الكوكب الأحمر باستخدام تلسكوب انكساري قياس ٢٦ إنشاً. وذلك في مرصد البحرية الأمريكية في واشنطن دي سي. وقد اكتشف القمرين في فترة أسبوع.

وسرعان ما عرفا باسم فوبوس وديموس. تيمنا بالتعبيرين في الميثولوجيا الإغريقية الخوف والرعب، وهما أيضاً ابنا إله الحرب الإغريقي آريس. ونظيره الروماني هو مارس.

تصور فني لفوبوس وديموس. حقوق الصورة: Elen11 / Getty Images

حقائق عن فوبوس وديموس

لا عجب أن استغرق اكتشاف القمرين وقتاً طويلاً واحتاج تلسكوباً كبيراً.

  • هما أصغر قمرين في النظام الشمسي كله. والأقل انعكاسية في الجوار الكوني.
  • فوبوس هو أكبرهما، ومساحة سطحه أقل من مساحة لوكسيمبورغ. ويكمل دورة واحدة حول القمر في ٧ ساعات و٣٩ دقيقة. وهذا أسرع من دوران المريخ حول محوره. وأي رائد يحط على المريخ سيرى ارتفاع وغروب فوبوس مرتين في اليوم.
  • ويبدو فوبوس عن سطح المريخ بثلث عرض البدر.
  • أما ديموس فهو أصغر بمقدار النصف، ويبدو أشبه بنجمة في سماء المريخ، مع أنه يسطع كسطوع الزهرة.
  • ولكنه أبطأ قليلاً في مداره، إذ يستغرق ٣٠ ساعة و٧ دقائق ليكمل دورة واحدة حول المريخ.
صورة لفوبوس ١٩٧٧. حقوق الصورة: NASA

الاستكشاف

لم نحصل على صور حتى عهد مهمات مارينر ومسبارات فايكنغ في أواخر الستينيات والسبعينيات. وقد أظهرت الصور أن فوبوس وديموس قمرين غير منتظمين في الواقع، على شكل حبة البطاطا. يفقتقدان الجاذبية اللازمة لجعلهما كرويين، ولهما مظهر مليء بفوهات التصادم.

ولم يطل الوقت حتى علمنا أنهما يختلفان عن قمرنا، ويتصلان أكثر بالكويكبات الكربونية من النوع سي. وهو النوع المسيطر في نظامنا الشمسي وضمن حزام الكويكبات.

فلربما كانا كويكبين، قذفا من حزام الكويكبات والتقتطهما جاذبية المريخ. ومع أن تركيبتهما تدعم ذلك، إلا أن مدارهما الدائري يعاكس الأمر. فحسب معرفتنا، لو كانا جسمين ملتقطين بالجاذبية لكان مداراهما إهليجيين.

والتفسير الأرجح أنهما تكونا نتيجة ارتطام بالمريخ قذف أجزاء منه. أو أنهما تراكما من الحطام المحيط الذي يدور حول المريخ. ولكن الأكيد أن مستقبل شبيهي الكويكب هذين غامض.

فمدار ديموس يأخذه بعيداً عن المريخ، إلى الحد الذي ينفلت من جاذبية المريخ ويبتعد عنه. أما فوبوس يتحرك بالاتجاه المعاكس مقترباً من المريخ بمعدل ٢ متراً كل ١٠٠ عام.

وأشارت دراسة نشرت عام ٢٠١٥ أن القمر الأقرب ليس صلباً. إنما تجمعاً من الحطام تحيط به قشرة رقيقة. وأنه بعد ٣٠ إلى ٤٠ مليون عام سيتفتت بفعل جاذبية المريخ. وربما يشكل حلقة حول المريخ.

هل فوبوس هو الخطوة الأولى إلى المريخ؟

إن طريق البشر إلى المريخ ما زال يحتمل الهبوط على أقرب قمر للمريخ باستخدام مركبة هبوط. إذ يعد نقطة توقف محتملة في مسار على مراحل لمهمة مأهولة إلى المريخ.

ولا يعني هذا أن الرواد سيصلون إلى جوار المريخ أسرع فحسب، بل وسيؤمن لوكالة الفضاء قاعدة تشغيلية يمكنها أن تتحكم منها بالمركبات الجوالة على الكوكب الأحمر. وذلك إلى الوقت الذي يمكننا إرسال البشر إليه بالطبع.

ملخص المقال

اكتشف قمرا المريخ فوبوس وديموس عام ١٨٧٧ على يد أساف هول. بعد أن افترض وجودهما كيبلر قبله.
وهما قمران صغيران قليلا الانعكاسية، يبلغ عرض فوبوس ٢٢ كم، بينما ديموس ١٢ كم. وشكلهما غير منتظم يشبه الكويكب، إلا أن مدارهما دائري.

وهناك تخمينات عن منشئهما بأنهما من حزام الكويكبات، وتخمين آخر يقول أنهما نتجا من تصادم بالمريخ. وهو الأكثر منطقية لأن مدارهما دائري وليس إهليجي. أما مستقبلهما فغامض.

ويحتمل أن يكون القمر الأقرب للمريخ محطة للرحلات القادمة إلى المريخ ومركز تحكم.

المصدر

هنا