قانون هابل: لماذا تبتعد المجرات معظمها عنا؟
يشرح قانون هابل بأن المجرات مع توسع الكون تتباعد أبعد فأبعد.
يشرح قانون هابل لماذا تبتعد المجرات معظمها عن بعضها البعض، وذلك بأن الكون يتوسع. فإذا اخترت أي مجرتين لا على التعيين، هناك احتمال بأنهما تبتعدان عن بعضهما.
ويذكر بأن إدوين هابل عندما اكتشف بأن الكون يتوسع، شرح ذلك بتشبيه الأمر بكعكة الفواكه وهي تخبز في الفرن. فكلما ازداد حجم الكعكة، ابتعدت حبات الزبيب عن بعضها. وعلى الشاكلة ذاتها يتوسع الكون، وتبتعد المجرات عن بعضها كما حبات الزبيب.
والكون بالطبع ليس ببساطة الكعكة تلك، ويستغرق الأمر سنوات من العمل الجاد -النظري والعملي- لإثبات ما يجري.
قياس المسافات بين المجرات
اعتقد العلماء مثل هارلو شابلي حتى وقت قريب -عام ١٩٢٠- بأن المجرات التي نراها في السماء هي أجسام أصغر بكثير تتوضع على أطراف مجرتنا، لا أجساماً بعيدة جداً تشابه في حجمها وبنيتها مجرتنا درب التبانة.
وشهدت تلك السنة مناظرة كبيرة حول هذا الموضوع بين شابلي وعالم الفلك هيبر كورتيس، العالم الذي حمل أفكاراً أقرب إلى وجهة النظر المعاصرة. ولكن نتائج تلك المناظرة لم تكن حاسمة. ففي تلك الفترة لم تكن عمليات الرصد جيدة بما يكفي لمعرفة المسافات بين المجرية معرفة دقيقة.
وجاء إدوين هابل ليغير المعادلة. وذلك عندما نجح في قياس المسافة الفاصلة عن أندروميدا عام ١٩٢٤. وفعل ذلك عن طريق قياس نوع محدد من النجوم النابضة يسمى المتغير السيفاوي، والذي يظهر علاقة وثيقة بين اللمعان الذاتي وتردد النبض.
فمعرفة التردد تدلنا على اللمعان، وبمقارنة ذلك مع الإضاءة المرئية تعرف المسافة. وعندما طبق هابل ذلك مع السيفاويات في مجرة أندروميدا، بدا من الواضح أنها يجب أن تقع بعيداً خارج مجرة درب التبانة.
كان ذلك أول اكتشافات هابل، أما الثاني فكان أكثر أهمية.
قانون هابل
بالإضافة إلى قياس المسافات إلى المجرات الأخرى، درس إدوين هابل انزياحها نحو الأحمر. وهذه خاصية في الأطياف الضوئية التي تصدرها الأجسام الفضائية، تنشأ عن ظاهرة تعرف باسم انزياح دوبلر.
تذكر الصوت الذي تسمعه عند مرور سيارة بقربك. حيث تسمع ازدياد حدة الصوت مع اقترابها منك، وعندما تبتعد عنك تنخفض حدة الصوت. وسبب ذلك أن أمواج الصوت تتقارب عندما تكون متحركة نحوك. وتتباعد الأمواج وهي مبتعدة عنك. والأمر ذاته يحدث مع الأمواج الضوئية، والفرق هنا أننا ندرك الفرق بين الموجات تغيراً باللون بدلاً من حدة الصوت.
وتظهر الأطياف الفلكية في العادة نمطاً من خطوط الانبعاث والامتصاص، وتنتج عند أطوال موجية محددة جيداً. ولكن إذا كان المصدر يتحرك مبتعداً عنا، نرى هذه الخطوط منزاحة نحو الطرف الأحمر من الطيف، ومن هنا جاء مصطلح الانزياح نحو الأحمر.
ويعطينا قياس كمية هذا الانزياح مؤشراً جيداً لمدى سرعة تحرك الجسم مبتعداً عنا. وجاء الاكتشاف العظيم لهابل عام ١٩٢٩، وذلك أن انزياح المجرة نحو الأحمر يتناسب مع بعدها. وهذه النتيجة تعرف باسم قانون هابل. وكان هذا أمراً عظيماً جداً لسببين:
أولهما أنه اتفق مع التنبؤات النظرية التي طرحت في الفترة نفسها، وذلك بأن الكون في حالة توسع دائم.
وثانيهما بأنه أعطى علماء الفضاء طريقة لقياس المسافة الفاصلة عن المجرات البعيدة جداً بالنسبة للطريقة السيفاوية، وذلك ببساطة من خلال قياس انزياحها نحو الأحمر.
تشكل عناقيد المجرات
عندما نقول بأن الكون يتوسع، فنحن نشير إلى نسيج الفضاء نفسه. وفي حين يحمل هذا التوسع كل الأجسام المادية في الكون معه، تبقى هذه الأجسام قادرة على التفاعل مع بعضها عن طريق الجاذبية. إذ تحافظ الجاذبية على تماسك المجرة، ويمكن للقوة ذاتها أن تجمع بين مجرات في عناقيد مجرية.
فدرب التبانة على سبيل المثال جزء من عنقود صغير نسبياً يسمى المجموعة المحلية. ويحوي هذا العنقود ما يقارب ٨٥ مجرة ترتبط ببعضها ثقالياً. ومعظمها صغير جداً. أكبر هذه المجرات وأشهرها أندروميدا، التي تتحرك في الواقع نحو مجرتنا. بمعنى آخر، تتميز بانزياح نحو الأزرق بدلاً من الانزياح نحو الأحمر. وفي النهاية، أي بعد عدة مليارات من السنين، ستصطدمان ببعضهما وتندمجان في مجرة ضخمة.
ملخص المقال
يشرح قانون هابل لماذا تبتعد المجرات معظمها عن بعضها البعض، وذلك بأن الكون يتوسع. وبين أن المجرات الصغيرة التي تبدو على أطراف مجرتنا، ليست كذلك. إنما مجرات كبيرة وبعيدة.
وحاول هابل قياس المسافات إلى المجرات الأخرى معتمداً على الانزياح نحو الأحمر.
ووصل إلى اكتشاف عظيم مفاده أن انزياح المجرة نحو الأحمر يتناسب مع بعدها. وأعطى العلماء فرصة لقياس المسافة الفاصلة عن المجرات البعيدة باستخدام ذلك.