كم عدد الثقوب السوداء في الكون؟

من المعروف عن الثقوب السوداء صعوبة رصدها، خصوصاً أنها سوداء كما الفضاء المحيط بها. لذلك نستطيع رصدها في ظروف خاصة فقط، كما يحدث عندما يسحب الثقب الأسود الغاز من نجم مجاور على سبيل المثال، أو عندما يندمج مع ثقب أسود آخر، مطلقاً دفقة من أمواج الجاذبية.

والسؤال: كم عدد الثقوب السوداء في الكون؟

وللإجابة عن هذا السؤال يجب على علماء الفضاء الرجوع إلى المعادلات النظرية لإعطاء تقديرات معينة.

وقد حدد العلماء في دراسة حديثة بأن هناك ملايين الثقوب السوداء الصغيرة التي تنتظر اكتشافها في جوارنا الكوني. وهذا يعني أن ما يقارب ١٪ من كل المادة في الكون محصورة داخل الثقوب السوداء.

مكونات الثقب الأسود

لتشكيل ثقب أسود يجب أن تتشكل النجوم، والسبب أن الثقوب السوداء تنتج عن موت النجوم.

ومن هنا، كان على الباحثين القائمين على الدراسة أن يرجعوا عدة خطوات للوراء لكي يكتشفوا عدد الثقوب السوداء في الكون.

الخطوة الأولى كانت نمذجة تطور المجرة خلال مليارات السنين من التاريخ الكوني. فالمجرات هي موطن النجوم في النهاية. وتطورها الإجمالي يؤثر على عدد كل نوع من النجوم يظهر بداخلها.

فعلى سبيل المثال، يمكن لبعض المجرات أن تنشئ النجوم باستمرار عاماً كونياً بعد عام.

بينما يحدث لبعض المجرات اندماج مع غيرها، مما يثير سلسلة تشكيل نجوم شديدة، لتحترق في النهاية فحسب وتفضي إلى لا شيء.

أخذ علماء الفضاء نتائج الرصد الإحصائية المعروفة للمجرة عبر الزمن الكوني، ولاحظوا الاتجاه العام لمعدلات الاندماج المجري وتوزعها.

ومن العناصر الأساسية الأخرى ما يسمى الخاصية المعدنية للمجرة. وهي قياس كمية العناصر الأخرى الموجودة في المجرة غير الهيدروجين والهيليوم. حيث يسمون هذه العناصر بالمعادن.

فالمجرات الأكبر تحوي غازاً أكثر، مما يمكنها من تكوين نجوم أكثر. ولكن وجود المزيد من المعدن يمكن أن يحسن تبرد الغاز، الأمر الذي يساعد المجرات بدوره على إعطاء نجوم جديدة.

وصفة الثقوب السوداء

مع هذه العناصر الرئيسية أصبح لدى العلماء نموذج عن العدد النجمي في المجرات، ويبين لهم كم من النجوم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة تظهر في الكون.

من ثم برزت الحاجة لتعقب لتطور هذه النجوم، وتعقب موتها وهو الأهم. وللقيام بهذا، انتقلوا إلى نماذج المحاكاة التي تربط خصائص نجم معين (كتلته ومعدنيته) مع عمره وفنائه الأخير.

ينتج جزء بسيط من النجوم الضخمة جداً ثقوباً سوداء فقط. كما تبين نماذج المحاكاة هذه لعلماء الفضاء ما هي نسبة نجوم المجرة التي تفنى كل عام.

بعدها كان على العلماء تعقب تطور الأنظمة الثنائية. إذ أن الثقوب السوداء تتغذى من النجوم الثنائية، وتتخم بغازاتها خلال ذلك. ولهذا السبب يكون الثقب الأسود الناشئ في نظام نجمي ثنائي أكبر من الثقوب السوداء التي تنشأ عن نجم مفرد.

ومع تقدم عمر الثقوب السوداء، تستمر بالتغذي على الغاز المحيط، وهو الأمر الذي قدره علماء الفضاء أيضاً.
وأخيراً، أحياناً تجد الثقوب السوداء بعضها بعضاً في ظلمة الفضاء بين النجمي وتندمج معاً.

لذلك، لإعطاء مسح دقيق، كان على العلماء تقدير معدل اندماجات الثقوب السوداء ضمن كل مجرة.

تعداد الثقوب السوداء الكلي

بالجمع بين كل هذه الجزئيات تمكن العلماء من تتبع التوزيع العددي للثقوب السوداء خلال مليارات السنين.

ووصلوا إلى ما يسمى دالة الكتلة. وهي نوع من الإحصاء الفلكي، يعطي عدد كل نوع من الثقوب السوداء في أي لحظة من الزمان.

ومن غير المفاجئ فإن أكبر الثقوب السوداء المسماة الثقوب السوداء فائقة الكتلة أكثر ندرة من الثقوب الأصغر.

وجد العلماء أنه في كل مليون فرسخ نجمي مكعب يحوي الكون من الثقوب السوداء ما يعادل ٥٠ مليون كتلة نجمية.

وإذا كان كل ثقب أسود أكبر بعدة أضعاف من كتلة الشمس، فهذا يعني وجود ما يقارب ١٠ مليون ثقب أسود في ذات الحجم.

ولنفهم ذلك، فإن الكتلة الإجمالية التي تحويها الثقوب السوداء تعادل ١٠٪ تقريباً من الكتلة التي تحويها النجوم. لذلك اعلم أن الكثير من الثقوب السوداء تكمن بين النجوم التي تراها في السماء.

والثقوب السوداء فائقة الكتلة نادرة جداً من ناحية أخرى. إذاً تحتوي كل مجرة على وحش عملاق مثله فقط تقريباً.

وبالمجمل، تعد الثقوب السوداء مسؤولة عن ١٪ من كل المادة الباريونية في الكون اليوم.

ومع ذلك، فإن هذا ليس بذلك الأهمية، ويعني أن الثقوب السوداء شائعة جداً.

ملخص المقال

يصعب رصد الثقوب السوداء إلا في ظروف خاصة كسحبها الغاز من نجم قريب أو اندماجها مع غيرها من الثقوب السوداء. والسؤال كيف نقدر عددها في الكون؟

والإجابة تتعلق بموت النجوم التي تنشأ منها الثقوب السوداء. لذا عاد العلماء إلى نمذجة تطور المجرة الذي يؤثر على عدد النجوم بأنواعها. وتتبعوا عدة خواص للمجرة. وفي النهاية وصلوا إلى تقدير عدد النجوم الإجمالي بأنواعها مع تعقب تطورها إلى موتها.

وجد العلماء أنه في كل مليون فرسخ نجمي مكعب يحوي الكون من الثقوب السوداء ما يعادل ٥٠ مليون كتلة نجمية.
وفي النهاية، فإن الثقوب السوداء منتشرة أكثر مما نتصور بين النجوم.

المصدر

هنا