لماذا تختلف أشكال المجرات؟
سترى عندما تنظر إلى سماء الليل نجوماً من مئات مليارات المجرات. بعض هذه المجرات قرص أزرق دوار كمجرتنا، وبعضها كروي أحمر أو مشوهة الشكل أو متداخلة غير منتظمة أو ما إلى ذلك. فلماذا هذه الانتظامات المختلفة للمجرات؟ أي لماذا تختلف أشكال المجرات؟
لقد تبين أن شكل المجرة يخبرنا شيئاً ما عن الأحداث التي حدثت خلال حياة تلك المجرة الطويلة.
ومن حيث الأساس هناك تصنيفان أساسيان لأشكال المجرات: قرصي (حلزوني) أو بيضوي (إهليلجي).
المجرات القرصية أو الحلزونية
المجرة القرصية، تسمى أيضاً مجرة حلزونية، تشبه البيضة المقلية شكلاً.
فهذا الشكل من المجرات يملك مركزاً يميل إلى الكروية، كما صفار البيض. ويحيط به قرص من الغاز والنجوم، الذي يمثل بياض البيض هنا. وتصنف مجرتنا درب التبانة، والمجرة الأقرب لنا أندروميدا ضمن هذا التصنيف لأشكال المجرات.
أما نظرياً، فقد تشكلت المجرات القرصية في البداية من سحابات من الهدروجين. تشد الجاذبية جزيئات الغاز إلى بعضها بعضاً، وكلما اقتربت ذرات الهيدروجين من بعضها، تبدأ السحابة بالدوران حول نفسها وتزداد كتلتها المجتمعة. وهذا يؤدي إلى زيادة قوى جاذبيتها.
وفي النهاية تؤدي الجاذبية إلى انهيار الغاز إلى قرص دوّار. ويقع معظم الغاز عند حافته، حيث يغذي تشكيل النجم.
وقد أطلق إيدوين هابل، الذي أثبت وجود مجرات غير مجرتنا منذ قرن، على المجرات القرصية مجرات النوع المتأخر. لأنه ظن بأن أشكالها تعني أنها تشكلت في مرحلة متأخرة من تاريخ الكون.
المجرات البيضاوية أو الإهليلجية
أما المجرات البيضاوية، التي سماها هابل مجرات النوع المبكر، يبدو بأنها أقدم.
فالنجوم بدلاً من أن تدور كما في المجرات القرصية، تتحرك بطريقة عشوائية. ويُعتقد أن المجرات البيضاوية نتيحة لاندماج المجرات.
فعندما تندمج مجرتان لهما الكتلة نفسها، تبدأ نجومهما في تطبيق قوى شد ثقالي على بعضها البعض. وهذا ما يُخلّ بدوران هذه النجوم ويكون مداراً أقرب للعشوائية.
ولكن لا ينتج عن كل اندماج بين المجرات مجرة بيضاوية. فمجرة درب التبانة قديمة وضخمة جداً، ولكنها تحافظ على شكلها القرصي. وما زالت تزيد إلى كتلتها عن طريق جذب المجرات القزمة، التي تكون أصغر بكثير من مجرتنا. وعن طريق جمع الغاز الحر من الكون.
وعلى أي حال، فإن مجرة أندروميدا القرصية الشبيهة بمجرتنا، تتجه بمسارها نحو مجرتنا. لذلك قد تندمج المجرتان بعد مليارات من السنين، فتغير كل منها في دوران الأخرى. فيُنشئان معاً مجرة بيضاوية أكثر عشوائية.
وهذه الاندماجات بالطبع ليست ضمن المدى القريب. فهي تأخذ مئات الملايين بل مليارات السنين. وفي الحقيقة، هناك اندماجات جارية ولكنها بطيئة جداً من منظورنا، فتبدو لنا ساكنة. فهي تبدو في مكانها دون أن تتغير بالنسبة لنا نحن البشر منذ ظهر الإنسان.
وقد صنف هابل هذه المجرات باسم المجرات غير المنتظمة. وبالنظر إليها تجدها عادة تضم مكونات عديدة عشوائية. فهي أشبه ما تكون بحطام قطار كبير.
المجرات العدسية أو المحدبة
من الأشكال الأقل شيوعاً المجرات عدسية الشكل أو المحدبة. حيث تبدو خليطاً بين المجرة القرصية والبيضاوية.
والسبب ربما أنه عندما تستهلك مجرة قرصية كل الغاز الموجود فيها، ولا تستطيع تكوين أي نجم جديد، تبدأ النجوم بالتفاعل بين بعضها. فتحدث قوى الجذب التي تطبقها على بعضها البعض شكلاً يشبه حبة العدس. فيصبح الشكل بيضوياً بعض الشيء، ولكنه قرص يدور أيضاً.
أما ما كشفه العلماء حتى اليوم عن المجرات وعن أشكالها ثلاثية الأبعاد، فاستنتجوه من صور ثنائية الأبعاد. بالإضافة إلى الاعتماد على خواص أخرى، كلون المجرة وحركتها.
على سبيل المثال، يدل اللون الأزرق للمجرات القرصية بأنها ذات عمر صغير. فالنجوم الزرقاء أكبر عموماً، وتحترق أسرع وبحرارة أعلى (لأمواج الضوء الأزرق تردد أعلى، وبذلك هي أعلى طاقة من الأمواج الضوئية الحمراء).
بينما تمتلىء المجرات البيضاوية بنجوم أكبر عمراً، تدعى الأقزام الحمراء. وهي لا تحترق بذات الحرارة والسرعة.
وفي النهاية، رغم كل ما نعرفه عن البنى الفضائية هذه، هناك الكثير مما لا نعرفه. ويبقى تكون المجرات وتطورها أحد أكبر الأسئلة المفتوحة في حقل الفضاء والفيزياء الفضائية.
https://youtube.com/watch?v=8Ylsk7zaoVY
ملخص المقال
تختلف أشكال المجرات. ومن حيث الأساس هناك تصنيفان أساسيان لأشكال المجرات: قرصي (حلزوني) أو بيضوي (إهليلجي).
أولاً، المجرة القرصية تشبه البيضة المقلية شكلاً. وقد تشكلت المجرات القرصية في البداية من سحابات من الهدروجين. ويعتقد أنها من المجرات التي تشكلت في مرحلة متأخرة من عمر الكون.
ثانياً، المجرة البيضوية، تسمى مجرات النوع المبكر، فيبدو بأنها أقدم. وتتحرك نجومها بطريقة عشوائية. ويعتقد العلماء أن المجرات البيضاوية نتيحة لاندماج المجرات.
وأخيراً، من الأشكال الأقل شيوعاً المجرات عدسية الشكل أو المحدبة. حيث تبدو خليطاً بين المجرة القرصية والبيضاوية.
وفي النهاية يبقى تكون المجرات وتطورها أحد أكبر الأسئلة المفتوحة في حقل الفضاء والفيزياء الفضائية.