لماذا يبقى رواد ناسا الذكور مدة أطول من الإناث في الفضاء؟

كيف وضعت ناسا حدوداً للذكور تختلف عن الإناث؟ ولماذا يبقى الذكور أكثر من الإناث في الفضاء؟

لماذا يبقى الذكور أكثر من الإناث في الفضاء
يتعرض الرواد في الفضاء إلى كمية زائدة من الإشعاع المؤيّن. حقوق الصورة: Jonathan Knowles via Getty Images

الإشعاع المؤين

يحيط الإشعاع المؤين بالأرض يومياً. وهو موجات ذات طاقة عالية يمكنها إخراج الإلكترونات من الذرات في الجسم. ويؤدي التعرض إلى مستويات عالية من الإشعاع المؤين إلى التسمم الإشعاعي والسرطان.

ولحسن حظنا يمنع غلاف الأرض المغناطيسي وغلافها الجوي كل هذه الإشعاعات تقريباً من الوصول إلى سطح الأرض. وتتولد هذه الإشعاعات عن الشمس والأشعة الكونية القادمة من النجوم المنفجرة.

ولكن في محطة الفضاء الدولية، والتي يبقى الغلاف المغناطيسي الأرضي يحميها، لكن لا غلاف جوي يحميها. هناك يتعرض الرواد إلى مستويات أعلى من الإشعاع المؤين. الأمر الذي يرفع احتمال إصابتهم بالسرطان خلال مسيرتهم العملية بالطبع.

حدود جرعات الإشعاع

وضعت ناسا حدوداً للتعرض الإشعاعي عام ١٩٨٩ لحماية رواد الفضاء من خطر الإشعاع. وبذلك تحدد الوقت الذي يمكن أن يبقى فيه رائد الفضاء خارج الأرض بأمان. والحد الحالي هو كمية الإشعاع التي ترفع نسبة الموت بالسرطان ٣٪، وهذا المعيار ينحاز للرجال والرواد الأكبر عمراً الذين ينخفض لديهم خطر الإصابة بالسرطان جراء الإشعاع.

اعتمدت ناسا في ذلك على مقياس متدرج بناء على العمر والجنس. ويتراوح بين الحدود الدنيا من الإشعاع خلال الحياة المهنية بمقدار ١٨٠ ميلي سيفرت (وحدة لقياس جرعة الإشعاع المؤثرة) لمرأة عمرها ٣٠ عاماً. إلى ٧٠٠ ميلي سيفرت لرجل عمره ٦٠ عاماً وهي الحدود العليا من الإشعاع خلال الحياة المهنية.

لماذا هناك حدود دنيا للتعرض للإشعاع للرائدات الإناث لا للذكور؟

وفقاً لـ آر جوليات بريستون من قسم الحماية من الإشعاع التابع وكالة الحماية البيئية الأمريكية: اعتمد الحد الأدنى للتعرض الإشعاعي التي وضعته ناسا للإناث على النتائج التالية:
تعرض ذكور وإناث لمستويات عليا من الإشعاع لفترات متماثلة من الوقت. وتبين أن خطر إصابة الإناث بسرطان الرئة أعلى بمرتين من الرجال.

وهناك تقدير عام اعتمد بصورة كبيرة على الناجين من القنبلة الذرية في اليابان، بأن الإناث -وخصوصاً بما يتعلق بسرطان الرئة- أكثر حساسية للإشعاع المؤين من الذكور.

تأثير الحدود على المسيرة المهنية

لهذه الحدود تأثيرات حقيقية على الحياة العملية. ففي عام ٢٠١٨ مثلاً، اضطرت بيغي ويتسون وهي الرئيسة السابقة لفيلق رواد فضاء ناسا، إلى التقاعد بعد أن وصلت إلى حدود التعرض الإشعاعي المسموحة لها في حياتها العملية عند عمر ٥٧. وقد عبرت سابقاً بصورة علنية عن إحباطها فيما يخص حدود الإشعاع الموضوعة للرائدات الإناث.

هل هذه الحدود ثابتة؟

يتوقع أن تتغير هذه الحدود التي وضعتها ناسا في المستقبل القريب. إذ طلبت ناسا عام ٢٠٢١ من مجموعة من الخبراء بالعلوم والهندسة والطب تقييم خطة الوكالة لجعل حدود التعرض للإشعاع لكل الرواد ولكل الأعمار ٦٠٠ ميلي سيفرت.

وقد وجدت ناسا هذا الحد عن طريق تطبيق نموذج خطر الإصابة بالسرطان الخاص بالوكالة على أكثر الأفراد عرضة. أي النساء في أول حياتهن المهنية.

وقد احتسبت ناسا متوسط خطر الوفاة الناتجة عن التعرض للإشعاع لهذه المجموعة وحولت هذا الخطر. الأمر الذي يسمح بهامش خطأ أكبر من السابق للجرعة.

وتعني جرعة ٦٠٠ ميلي سيفرت: الإشعاع الذي سيتعرض له الرائد خلال أربع مهمات إلى محطة الفضاء الدولية مدة كل منها ٦ أشهر.

وبالمقارنة، يبلغ متوسط جرعة الإشعاع السنوية التي يتلقاها الإنسان على سطح الأرض ما يقارب ٣.٦ ميلي سيفرت، في مقابل ٣٠٠ ميلي سيفرت سنوياً في محطة الفضاء الدولية.

هذه الحدود الجديدة ستخفض حدود الجرعة المسموحة لبعض مجموعات الذكور، الأكبر عمراً بالتحديد. وهذا بالطبع يعني أن الإناث سيكون لديهن حياة عملية أطول. وقد نشرت اللجنة التقرير عام ٢٠٢١.

المساواة بين الذكور والإناث بالإشعاع

لكي تحدث المساواة بين الجنسين، قد تتلقى الإناث جرعة أعلى مما يمكنهم الآن في الحقيقة، ومستوى أعلى من التعرض المسموح لهم الآن وفق تعبير بريستون.
وتقول: لقد ناقشنا ذلك بوصفه مسألة أخلاقية، إنها مسألة موازنة بين ماهية تأثير الجرعة الأعلى قليلا مما كان، في مقابل المساواة بفرص الحياة المهنية. واقترحنا أن تتابع ناسا في هذا التوجه.

وقد طرحت ناسا بالفعل خططاً تتضمن العدول عن الحدود المهنية المسوحة للمهمات الأطول، كالرحلة إلى المريخ على سبيل المثال، والتي يقدر أن تعرض الرواد إلى ٩٠٠ ميلي سيفرت. وتلك الجرعة على أي حال أقل من الحدود الأوربية والكندية والروسية التي تضعها لروادها والبالغة ١٠٠٠ ميلي سيفرت.

فإذا قررت ناسا بأن مهمة ما مهمة حساسة، وأن أحد الرواد الأساسيين للمهمة سيتجاوز حدود التعرض الإشعاعي خلال حياته المهنية، فقد تسقط هذه الحدود، وهذا ضمن معاير التعرض الخاصة بها. وهذه بالطبع قضية أخلاقية معقدة، ولكنها قد تكون ضرورية للوصول إلى المريخ.

ملخص المقال

يبقى رواد ناسا الذكور مدة أطول من الإناث في الفضاء. ويعود ذلك إلى الحدود التي وضعتها ناسا لجرعة التعرض الإشعاعي المؤثرة التي يسمح للرواد التعرض لها خلال حياتهم المهنية.

تبلغ حدود ناسا هذه لدى الإناث ١٨٠ ميلي سيفرت، ولدى الرجال الأكبر عمراً ٧٠٠ ميلي سيفرت. وقد تغير ناسا هذه الحدود قريباً لتصبح ٦٠٠ ميلي سيفرت للذكور والإناث.

والسبب في ذلك أن الأشعة المؤينة تؤدي إلى رفع خطر الإصابة بالسرطانات.

المصدر

هنا