ماذا حدث قبل الانفجار العظيم؟

الانفجار العظيم
حقوق الصورة: Shutterstock

يعد الانفجار العظيم عموماً بداية كل شيء. أي الفكرة القائلة أن الكون المنظور انبثق منذ ما يقارب ١٣.٨ مليار عام، وأخذ يتمدد إلى ما هو موجود.

ولكن ماذا حدث قبل الانفجار العظيم؟

الإجابة المختصرة: لا نعرف.
الإجابة المطولة: قد يكون هناك عدة احتمالات، وكل منها يذهل العقل بطريقته الخاصة.

ما الانفجار العظيم في الحقيقة؟

لعل أول شيء تحتاج فهمه هو معرفة ماذا كان الانفجار العظيم في الحقيقة.
الانفجار العظيم لحظة من الزمان، وليس نقطة في الفضاء. وهكذا، من المحتمل أن الكون قد كان لحظة الانفجار العظيم صغيراً جداً أو كبيراً جداً. وذلك لأننا لا نستطيع النظر إلى أشياء في الماضي لا يمكننا رؤيتها اليوم. ولكن كل ما نعرفه حقاً أنه كان هائل الكثافة، وأنه أصبح أقل كثافة بسرعة هائلة.

وكنتيجة طبيعية لذلك، لا يوجد شيء خارج الكون. لأن الكون بالتعريف هو كل شيء.

فإذاً، عند الانفجار العظيم كان كل شيء أعلى كثافة وحرارة مما هو الآن. ولكن لم يكن هناك ما هو خارجها مما هو اليوم.

ولا يمكننا أن نتخيل أننا خارج هذا الكون المضغوط، وننظر إليه مباشرة قبل الانفجار العظيم. فالكون لم يتمدد في الفضاء، وإنما الفضاء نفسه هو الذي تمدد وتوسع.
ومهما كان موقعك في الكون اليوم، إذا عدت ١٤ مليار سنة، سترجع إلى هذه النقطة شديدة الحرارة والكثافة، والتي تتوسع بسرعة.

ولا أحد يعرف تماماً ماذا كان يحدث في الكون إلا بعد ثانية من الانفجار العظيم. أي عندما تبرد الكون بما يكفي لتصادم البروتونات والنترونات والالتحام معاً.

ويعتقد العديد من العلماء أن الكون تعرض لعملية توسع أسّي، يدعى التضخم، خلال الثانية الأولى. هذا هو ربما ما جعل نسيج الزمكان أملساً، ويمكن أن يفسر لماذا تتوزع المادة على قدر متساوٍ بدرجة كبيرة في الكون اليوم.

الانفجار العظيم وتمدد الكون
الانفجار العظيم وتمدد الكون

قبل الانفجار العظيم

من المحتمل أن الكون قبل الانفجار العظيم قد كان امتداداً لانهائياً من مادة فائقة الحرارة وكثيفة، وبقيت في حالة مستقرة، حتى حدث الانفجار العظيم لسبب ما.

ولربما كان الكون فائق الكثافة هذا يخضع لميكانيك الكم، وهي الفيزياء التي تسود على المقاييس متناهية الصغر. وعندها لربما مثل الانفجار العظيم اللحظة التي سادت فيها الفيزياء الكلاسيكية كمحرك أساسي لتطور الكون.

أما بالنسبة لستيفن هوكينغ، كانت هذه اللحظة كل ما يهم. فوفقاً له، قبل الانفجار العظيم، لم يكن من الممكن قياس الأحداث، وبالتالي غير محددة. وهذا ما أسماه هوكينغ الافتراض اللامحدود؛ فالزمن والفضاء متناهيان، ولكن ليس لهما أي حد أو نقطتي بداية أو نهاية. وذلك كما هو كوكب الأرض محدود ولكن ليس له حواف.
وبما أن الأحداث قبل الانفجار العظيم ليس لها نتائج يمكن رصدها، فقد يستطيع المرء أن يستثني هذه الأحداث من النظرية ويقول أن الزمن بدأ عند الانفجار العظيم.

https://m.youtube.com/watch?v=v5iveHskIiE

 

اتجاه آخر في تفسير ما سبق الانفجار العظيم

لربما كان هناك شيء ما قبل الانفجار العظيم يستحق التفكير به. وإحدى هذه الأفكار هي أن الانفجار العظيم ليس بداية الزمن، بل إنه أكثر ما كان لحظة تناظر.

تنص هذه الفكرة أنه قبل الانفجار العظيم، كان هناك كون آخر مطابق لكوننا هذا، ولكن ذو إنتروبية تتزايد نحو الماضي بدلاً من المستقبل.
والإنتروبية المتزايدة، أو الفوضى المتزايدة في نظام ما، هي في الأساس السهم الزمني. لذا في هذا الكون المعكوس، سيسير الزمن بالاتجاه المعاكس لاتجاهه في كوننا الحالي، وسيكون كوننا في الماضي.

ويشير مؤيدوا هذه النظرية أيضاً إلى أن خصائص الكون الأخرى ستكون مقلوبة أيضاً في هذا الكون المعاكس. فمثلاً، ستكون التناظرات في الجزيئات والشوارد باتجاه معاكس لما هو في كوننا.

تقول نظرية أخرى أن الانفجار العظيم لم يكن بداية كل شيء، بل كان لحظة من الزمن انتقل فيها الكون من فترة انكماش إلى فترة تمدد.

تشير فكرة هذا «الارتداد العظيم» بأنه يمكن أن يكون هناك انفجارات عظيمة لامحدودة أثناء تمدد الكون، ثم تقلصه، ثم تمدده مجدداً.

ولكن مشكلة هذه الفكرة بأنه لا وجود لتفسير لكيفية وسبب تقلص كون متمدد أو رجوعه إلى حالة إنتروبية منخفضة.

وهناك رؤية أخرى لعالم الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتقنية سين كارول وزميلته جينيفر شين حول ما سبق الانفجار العظيم. حيث اقترح الفيزيائيان أن الكون كما نعرفه ربما يكون وليداً لكون والد، حينما انفصلت عنه قطعة من الزمكان.

إن الأمر أشبه بتفكك نواة إشعاعي. فعندما تتفكك النواة، تدفع خارجها جسيمات ألفا وبيتا. فمن الممكن أن الكون الوالد يفعل ذات الشيء، ولكن يدفع خارجه كوناً وليداً عوضاً عن الجسيمات، وربما على نحو لا نهائي.

وما جعله يحدث تقلّب كمي تحديداً. وهذه الأكوان الوليدة هي أكوان موازية حرفياً. ولا تتفاعل أو تؤثر على بعضها بعضاً.
إذا بدا لك هذا غريباً، فهو غريب بالفعل، وذلك لأن العلماء لا يملكون وسيلة حتى الآن للنظر إلى حدث الانفجار العظيم، ناهيك عما حدث قبله.

ويذكر أن أمواج الجاذبية التي رصدت عام ٢٠١٥ قد تحل كثيراً مما هو غامض عن تمدد الكون في تلك اللحظة الحاسمة. كما ينبغي لعلماء الفيزياء أيضاً الإتيان بنماذج تنبؤية عن آلية عمل القوى الكمومية والجاذبية الكمومية، للوصول إلى نظرية مفيدة.

ملخص المقال

يعد الانفجار العظيم عموماً بداية كل شيء، ولكن كيف كانت الأشياء قبل الانفجار العظيم؟ من التفسيرات أن الكون كان هائل الكثافة، وأنه أصبح أقل كثافة بسرعة هائلة. ولأن الكون كل شيء فلم يكن هناك شيء خارجه. ويعتقد العلماء أنه تعرض للتضخم والتمدد خلال الثانية الأولى. أما قبل الانفجار العظيم من المحتمل أن الكون كان امتداداً لانهائياً من مادة فائقة الحرارة وكثيفة، وبقيت في حالة مستقرة، حتى حدث الانفجار العظيم لسبب ما. ولربما كان الكون فائق الكثافة هذا يخضع لميكانيك الكم. ولربما مثل الانفجار العظيم اللحظة التي سادت فيها الفيزياء الكلاسيكية كمحرك أساسي لتطور الكون. وتنص نظرية أخرى أن الانفجار العظيم كان لحظة تناظر، أي وجود كون مطابق لكوننا لكن بإنتروبية متزايدة، أي يسير الزمن بعكس الزمن في كوننا، وكل شيء فيه مقلوب. وهناك نظرية تقول أن الكون قد يكون وليداً عن كون أكبر، وأن هناك أكوان وليدة كثيرة وهي أكوان موازية.

المصدر: livescience