ماذا كان قبل الانفجار العظيم؟

ماذا كان قبل الانفجار العظيم

سنستعرض عدة نظريات عن واحد من الأسئلة المثيرة للتفكير عن أصل الكون.

يخطر هذا السؤال دوماً إذا فكرنا في بداية الكون وأصله ونشأته، فما الذي كان قبل الانفجار العظيم الذي يعد نقطة البداية؟ وإذا كان هذا غير موجود، فما الذي سببه من الأصل؟

وقد دأبت الحضارات على تفسير الأمر تفسيراً في معظمه يشير إلى آلهة أو إله وراء كل ذلك. وللعلم، كان إسحق نيوتن من المؤمنين بأن الله قد خلق الكون قبل ما يقارب ٦٠٠٠ عام. لكن بعض العلماء اللاحقين، ومن بينهم ألبرت إنشتاين، عدوا الكون أبدياً وباقياً منذ الأزل.

بداية الكون

عندما اكتشف التوسع الكوني، أدرك عالم الكونيات البلجيكي والقس اليسوعي جورج ليميتر بأنه لا بد من وجود بداية للكون. أي رواية علمية لقصة الخلق إذا جاز التعبير. وهذا شيء لم يوافق عليه الجميع مباشرة بالطبع.

ولكن في الستينيات، شاعت نظرية الحالة الثابتة لفريد هويل بين العلماء الرافضين للتقاليد وبين الناس العاديين. حيث وافق هويل على أن الكون يتوسع لكنه لم يعتقد بالانفجار العظيم.
وافترض بدلاً من ذلك بأن النشوء المستمر والبطيء لمادة جديدة يمكن أن يحافظ على متوسط الكثافة، والخواص العامة للكون ثابتة مع الوقت.

ماذا كان قبل الانفجار العظيم

الخلفية الكونية المكروية

كان اكتشاف خلفية الكون المكروية عام ١٩٦٤ المسمار الأخير في نعش نظرية الحالة الثابتة.
ومنذ ذلك الوقت تزداد الأدلة الداعمة لنظرية الانفجار العظيم، إلى الحد الذي لا يبقى أي شك بها تقريباً في الواقع.

ومع هذا، لا أحد يملك الإجابة القاطعة عما حدث قبل الانفجار العظيم. فهل كان هناك كون قبله؟ معظم العلماء يتجاهلون هذا السؤال لأنه عصي على الحل.

بداية الزمن

عندما يتحدث العلماء عن الانفجار العظيم، لا يشيرون عادة إلى بداية الكون الأولى، أي لحظة انعدام الزمن. بل يتحدثون عن حالة الكون مرتفع الحرارة والضغط في الدقائق الأولى من عمر وجوده.

قد يكون هذا إلى حد ما لعدم امتلاك أي إنسان دليلاً عن الطبيعة الحقة للزمن، ناهيك عن بدايته.

أحد علماء الفيزياء وهو البريطاني جوليان باربور قال بأن الزمن غير موجود، وليس إلا وهماً في عقولنا. وقال غيره ومن بينهم ستيفن هوكينغ إن الزمن بدأ وجوده مع بدء الكون. وهذا يعني أن كلمة «قبل» لا معنى لها قبل بداية الكون.

وبهذا يكون سؤالنا عما حدث قبل الانفجار العظيم أشبه بسؤالنا ما الذي يقع شمال القطب الشمالي، أو ما المسافة التي تقل عن الصفر.

نظريات بديلة

ومجدداً نقول، لا نعلم إذا كان هنالك زمن قبل الانفجار العظيم أم لا يوجد.

وفقاً لفكرة شاعت في زمن ما، وهي فكرة الكون الدوري أو المتذبذب، فإن التوسع الكوني اليوم قد يرتد إلى تقلص. وهذا الانكماش العظيم الناتج قد يتحول إلى انفجار عظيم مجدداً، فتبدأ دورة أخرى للكون من سلسلة أبدية.

وتلك فرضية واحدة من بين الكثير، وكوننا فيها ليس فريداً، بل واحداً من بين أكوان لا تنتهي، بطريقة أو بأخرى.

وإذا كان الكون المتعدد أيضاً لا نهائي الزمن، فسنعود إلى الفكرة القائلة بأن كل شيء كان موجوداً منذ الأزل. وبهذا ندور بسهولة حول السؤال الذي يقض مضجعنا منذ البداية.

وأخيراً، يعتقد الفيزيائي الجنوب أفريقي نيل توروك بأن الانفجار العظيم لم ينشئ كوننا فحسب، بل وكوناً مضاداً أيضاً. ويتكون ذلك الكون من المادة المضادة ويتحرك فيه الزمن نحو الخلف.

ومجدداً نصل إلى فكرة مثيرة، ولكن أيضاً لا طريقة لإثباتها أو رفضها عبر عمليات الرصد.
وفي النهاية، يجب أن نعترف بأننا جاهلون فيما يخص بداية الكون الحقيقية. وأننا حتى لو اتجهنا نحو فكرة كون متعدد أزلي لا بداية له مطلقاً، فلا نعلم سبب وجود أي شيء بدلاً من عدم وجوده.

ملخص المقال

يخطر هذا السؤال دوماً إذا فكرنا في بداية الكون وأصله ونشأته: ما الذي كان قبل الانفجار العظيم الذي يعد نقطة البداية؟

البعض عد بداية الكون بفعل إله، وبعضهم عده أزلياً لا بداية ولا نهاية له. وجاءت نظرية الحالة الثابتة، ونظرية الانفجار العظيم، ونظرية الكون الدوري والمتعدد والمضاد وغيرها. ولم نصل بالطبع إلى إجابة قاطعة عن بدء الكون، ولا بدء الزمن.

فهل بدأ الزمن مع الانفجار العظيم؟ وبهذا لا معنى لسؤالنا ماذا كان قبله. أم الزمن أزلي، أم أنه وهم وغير موجود؟ بالطبع نحتاج المزيد من التقدم للإجابة.

المصدر

هنا