ماذا لو اختفت الشمس؟

صورة للشمس بأطوال أمواج مختلفة. حقوق الصورة: NASA
صورة للشمس بأطوال أمواج مختلفة. حقوق الصورة: NASA

إن الشمس هي النجم الوحيد في مجموعتنا الشمسية، وهي المسؤولة عن إمداد كوكبنا بالطاقة خلال آخر ٤.٥ مليار سنة. وقد كانت هذه الطاقة وما تزال سبب ازدهار الحياة عبر تاريخ الأرض. ولكن، إلى أي مدى نعتمد على الشمس؟ ما التأثيرات قصيرة المدى أو طويلة المدى التي ستحدث إذا اختفت الشمس فجأة؟
وفي الحقيقة، لن يكون خيراً ما سيحدث في حال اختفاء الشمس بالطبع.

الشمس وبروزاتها. حقوق الصورة: NASA
الشمس وبروزاتها. حقوق الصورة: NASA

ما الذي سيحدث للأرض؟

أولاً، إذا اختفت الشمس في هذه اللحظة، فلن نعلم بذلك حتى مرور ٨.٥ دقيقة. ذلك لأن الضوء يستغرق هذه المدة للوصول إلينا من الشمس. وفجأة، عندما يصل آخر شعاع من أشعة الشمس إلى سطح الأرض في نصفها المضاء، ذلك بعد ٨.٥ دقيقة من اختفائها، ستغيب الشمس عن المشهد ببساطة.
ثم سيحل ليل أبدي على كوكب الأرض، وستبدأ الأرض التحرك نحو الفضاء الخارجي بسرعة تبلغ ٣٠ كم في الثانية تقريباً.

الكواكب
حقوق الصورة: NASA

ولأن لا شيء يسير أسرع من الضوء، بما فيه الجاذبية، فالجاذبية بسرعة الضوء وفقاً لأنشتاين، فهذا يعني أننا سندور في سلام حول الشمس المتلاشية لنفس المدة تقريباً، وذلك بدون إدراك هلاكنا الوشيك. وبما أن الشمس هي مركز الجاذبية الرئيسي في النظام الشمسي، وتدور حولها نتيحة لذلك كواكب المجموعة الشمسية، ومن بينها الأرض، فإن الكواكب ستهيم في الفضاء، ومن بينها الأرض أيضاً. وإذا لم تصطدم الأرض بكوكب آخر أو كويكب أو غيره، وفي حال لم يبتلعها ثقب أسود، فستستمر متحركةً في خط مستقيم آلاف السنوات، إلى أن تجد نجماً آخر لتدور حوله.

القمر
القمر. حقوق الصورة: NASA, Apollo 16

أما عن القمر، فخلال ثانيتين، سيتحول القمر المكتمل الذي يعكس ضوء الشمس في النصف المظلم من الأرض إلى الظلمة. وبالمثل، فإن كل كواكب المجموعة الشمسية ستتوقف عن اللمعان، وذلك لأنها ستتوقف عن عكس أشعة الشمس إلى الأرض، بينما ستبقى النجوم لامعة في السماء.
وبالنسبة لدرجات الحرارة، فستهبط بسرعة وسيبدأ الكوكب بالتجمد. بالطبع سيستغرق تجمد الأرض كلها وتحولها إلى كرة جليدية ملايين السنين، ولكن هنا على قشرة الأرض، ستنخفض درجة الحرارة تحت درجة الصفر المئوي خلال الأسبوع الأول. ثم تنخفض إلى ما دون -١٠٠ درجة مئوية خلال السنة الأولى. هكذا ستستقر حراة الأرض في النهاية على درجة -٢٤٠ لبضعة ملايين من السنين، في حين تبقى طاقتها الحرارية الجوفية فعالة. ونتيجة لهذه الطاقة أيضاً ستتشكل طبقة جليدية ثخينة على سطح المحيطات، بينما يبقى الماء سائلاً في جوفها. بمعنى آخر، جهزّ لنفسك معطفاً من نوع جيد جداً، هذا إذا بقيت على قيد الحياة!

ماذا عن النباتات والكائنات الحية؟

في نفس الوقت، ستتوقف عملية التركيب الضوئي مباشرةً، وبهذه العملية تحول النباتات الضوء إلى طاقة لتبقى حية. نتيجة لذلك، ستهلك جميع النباتات على الأرض. حيث ستموت النباتات الصغيرة خلال عدة أيام، وقد تصمد الأشجار الكبيرة لعدة عقود. علاوة على ذلك، ستصمد معظم الأنواع الموجودة على الكوكب لمدة قصيرة فقط، ثم ستهلك أيضاً، وآخر من سيبقى من الحيوانات تلك التي تتغذى على الجيف، إلى أن يأتي دورها. وهذا سيكون أكبر انقراض جماعي في تاريخ كوكبنا الصغير. ولعل الكائنات الوحيدة التي ستبقى لمليارات السنين هي الكائنات التي تعيش في قاع المحيطات، حيث أنها لا تعتمد على ضوء الشمس وستعيش معتمدة على طاقة الأرض الحرارية الجوفية القريبة منها. وذلك إلى أن تتحول الأرض إلى كتلة صخرية متجمدة آخر الأمر!

وفي وسط درجات الحرارة المتطرفة تلك، بالإضافة إلى الرعب والذعر وانهيار الحضارة، ستختفي معظم البشرية عن وجه البسيطة. ومن تبقى ممن نجوا، سيكون عليهم الهجرة بطريقة ما إلى قرب مركز الأرض، أو في قاع المحيطات، للعيش بالاستفادة من الطاقة الحرارية الجوفية للأرض في مدينة على شاكلة مدينة الماتريكس!
وفي نهاية المطاف سيتجمد كوكبنا بكامله، وستصبح الأرض عندها كرة صلبة متجمدة تبحر في الفضاء.

النبأ السار لنا

في الواقع، لن يحدث كل هذا إلا بعد ملايين السنين، ذلك فقط إن كان هناك احتمال لذلك. وحتى ذلك الوقت، نأمل أن يكون البشر قد اكتشفوا طريقة لمغادرة هذا الكوكب، الذي كان مزدهراً يوماً ما، إلى وطن جديد حي. والخبر المفرح هو أن احتمال اختفاء الشمس إلى الأبد احتمال ضعيف جداً، فلا داع للقلق أبداً.

النظام الشمسي
النظام الشمسي

ملخص المقال

إن الشمس هي النجم الوحيد في مجموعتنا الشمسية، وهي المسؤولة عن إمداد كوكبنا بالطاقة، فماذا سيحدث إن اختفت فجأة؟ لن نعلم إلا بعد ٨.٥ دقيقة من اختفاء الشمس، وسيحل ليل أبدي على الأرض. وفي نفس الوقت سيؤدي غياب جاذبية الشمس إلى تحرك الأرض نحو الفضاء الخارجي بسرعة تبلغ ٣٠ كم في الثانية تقريباً. أما عن القمر فسيظلم، وستهبط درجات الحرارة إلى حدود جنونية ليتجمد كل شيء، وستبقى فقط طاقة الارض الحرارية الجوفية، إلى أن يتحول كامل الكوكب إلى كتلة صخرية متجمدة بالكامل. أما عن النباتات والكائنات الحية، بما فيها الإنسان، فستنقرض جميعها. والنبأ السار أن احتمال اختفاء الشمس إلى الأبد احتمال ضعيف جداً، فلا داع للقلق أبداً.

اقرأ أيضاً

نجم يقترب كثيراً من النظام الشمسي قد يحدث الفوضى

١٠ أشياء لا تعرفها عن القمر