الوقت المقدر للقراءة: 4 دقائق
ماذا لو امتلكت الأرض حلقات حولها؟
تمنح حلقات زحل الكوكب فخامة تليق بكوكب سمي تيمنا بملك العمالقة. وتتكون بكاملها تقريباً من قطع ودقائق جليدية تمتد مئات الكيلومترات عنه. وحلقاته هذه أبرز معالمه الآسرة، وقد فتنت البشر منذ أن اكتشفها غاليليو عام ١٦١٠.
فماذا لو امتلكت الأرض حلقات حولها؟ رسام الخيال العلمي الفضائي رون ميلر أبدع صوراً استثنائية لمنظر السماء لو كانت الأرض تمتلك حلقات بذات النسب كما زحل.
وبالطبع أنسب أماكن هذه الحلقات ستكون حول خط الاستواء. وبهذا يختلف منظرها باختلاف خط العرض. فمثلاً سترى هذه الحلقات عند خط الاستواء من حافتها الداخلية من مسقط أفقي، فتراها خطاً رقيقاً يرتفع عن الأفق.
أما من الدائرتين القطبيتين، ستبدو الحلقات كحدبة فوق الأفق.
أما من خطوط عرض متوسطة فستبدو الحلقات كقوس ضخم تعبر من طرف السماء إلى الطرف الآخر.
وهذه الحلقات لن تشرق أو تغرب. بل ستبقى في مكانها في السماء تماماً. وسترى هذه المعالم الكونية ليل نهار.
صخرة مضيئة
قد تختلف حلقات الأرض المفترضة عن حلقات زحل بجانب وهو أنها لن تحوي الجليد. والسبب أن الأرض أقرب إلى الشمس من زحل، وستذهب أشعتها بالجليد طبعاً.
ومع هذا، حتى لو تكونت حلقات الأرض من الصخور، فلا يعني هذا بأنها ستكون قاتمة. فها هو القمر رمادي بصورة كبيرة ويعكس ١٢٪ من الضوء الساقط عليه فقط. ومع هذا يبدو القمر المكتمل شديد الإضاءة لأن كثيراً من الضوء يسقط عليه ولأنه قريب جداً منا أيضاً.
كم ستكون إضاءة هذه الحلقات إذاً؟
يصدم أعلى غلافنا الجوي ١٣٠٠ واط من ضوء الشمس في المتر المربع تقريباً. فإذا عكست الحلقات ١٠٪ منه فقط، فإن كل متر مربع منه سيعكس ضوءاً مساوياً لضوء مصباح ١٣٠ واط.
أقرب من القمر
كم سيكون قرب هذه الحلقات من الأرض؟ وهل ستعترض مسارات الطائرات؟
أقرب مسافة يمكن أن تصلها الحلقات ستكون فوق طبقة الثيرموسفير من الغلاف الجوي. وترتفع هذه الطبقة عن الأرض ما يقارب ١٠٠٠ كم. لذلك ستكون الطائرات التجارية بخير، إذ أنها تطير على ارتفاع ١١ كم فقط. وبالطبع ستؤدي المقاومة الجوية إلى إسقاط أية مواد تنخفض كثيراً من الحلقات. وإذا حدث ذلك، ستحترق هذه المواد الصخرية كما الشهب تاركة ذيلاً من النار خلفها.
ما المسافة التي ستمتدها هذه الحلقات مبتعدة عن الأرض؟
إن أي جسم يدور ضمن بعد معين عن الأرض يعرف بحد روش سيتحطم بسبب قوة جاذبية الأرض. وحالما يتحطم الجسم تنضم قطعه إلى الحلقة الصخرية. أي أن أي جسم بحجم القمر على سبيل المثال، وينخفض إلى ارتفاع أدنى من ١١٨٥٠ كم من سطح الأرض، سيتحطم مكوناً حلقة حول الأرض. وبالمجمل ستدور الحلقات أقرب إلى كوكبنا من القمر.
حلقة أو حلقات؟ قمر أو أقمار؟
يعتمد استضافة الأرض لحلقة أو أكثر على امتلاك الأرض لأقمار رعاة. وهي أقمار صغيرة تنظف الفراغات بين الحلقات وتبقي الصخور داخل الحلقات. تماماً كم تحافظ كلاب الراعي على الخراف مع بعضها دون أن تضل مبتعدة عن القطيع.
وبالفعل تملك حلقات زحل أقماراً رعاة مثل قمر بروميثيوس. ويمكن أن تكون الأقمار الرعاة في حلقاة الأرض أشبه بلآلئ مشرقة تدور حول حواف الحلقات.
ولا يرجح أن تحتفظ الأرض بحلقاتها لمدة طويلة بوجود قمر بحجم قمرنا. فالقوى المدية التي يؤثر بها القمر على الأرض ستؤثر على الحلقات وتحدث الفوضى فيها مؤدية إلى تفككها.
ظلال ساقطة
سيسقط ظل الأرض على الحلقات تبعاً للوقت من اليوم والفصل وخط العرض الذي يقف فيه الراصد. وسيكون شكل ظل الأرض بيضاوياً على الحلقات ويتحرك مع مرور الزمن.
وفي وقت الاعتدالين ستتوضع الشمس على مستوي الحلقات ذاته. وستبدو الحلقات عند خط الاستواء وكأنها تقسم الشمس، ملقية ظلالاً رائعة فوق نصف العالم.
وبالمثل ستلقي الحلقات ظلالها على الأرض خلال الصيف في النصف الشمالي وفي الشتاء في النصف الجنوبي، والعكس صحيح.
وهذا يعني أن الشتاء في النصفين سيكون أكثر برودة وأقسى مما هي. ومن ناحية أخرى قد يزيد ضوء الحلقات الضوء الإجمالي الذي تتلقاه الأرض، وبهذا تصبح تأثيرات المناخ صعبة التحديد.
الحلقات والفضاء
يمكن للأقمار الصناعية والمركبات من حيث المبدأ أن تحلق أسفل الحلقات تبعاً لوضع الحلقات. فمحطة الفضاء الدولية على سبيل المثال تحلق على ارتفاع ٤٠٠ كم عن سطح الأرض، وهذا يعني أنها ستكون أسفل الحلقات. في حين تحلق الأقمار الصناعية في المدار الجغرافي الثابت على ارتفاع ٣٥٧٨٦ كم فوق سطح الأرض، ما يعني أنها ستكون أعلى الحلقات.
وبكل حال قد تشتت الحلقات إشارات المركبات والأقمار الصناعية في المدارات المدارية، ما يؤدي إلى محدودية فائدتها.
كما قد تتداخل الحلقات مع علم الفضاء أيضاً، إذ ستحجب الرؤية المحيطة في الليل. وهذا بدوره قد يضع حداً لما يستطيع العلماء معرفته عن تفاصيل اساسية عن الكون، كوجود مجرات أخرى مثلاً، أو توسع الكون.
حلقات المريخ وحلقات الأرض
ما احتمال امتلاك الكواكب الصخرية لحلقات؟
وجد بحث سابق أن قمر المريخ فوبوس ربما كان سابقاً بصورة حلقات حول الكوكب الأحمر. ومع اقتراب فوبوس من المريخ أكثر فأكثر، قد يتحطم ليعود حلقة من جديد. وذلك على مدى ملايين السنين بالطبع.
ومن المحتمل أن تكون الأرض قد امتلكت حلقات سابقاً. فالأرض نشأت منذ ٤.٥ مليار عام، وتشير أبحاث سابقة إلى أن القمر نشأ بعد ذلك بوقت قصير.
والتفسير الشائع لنشوء القمر يقول بأنه نتيجة اصطدام كوكبين أوليين. أحدهما كانت الأرض الوليدة، والأخر صخرة بحجم المريخ تسمى ثيا. ويرجح أن الاصطدام ولد حلقة من الحطام حول الأرض تراكمت في النهاية مكونة القمر.
وفي الحقيقة، مع أن الأرض ذات الحلقات قد تبدو فكرة خيالية، غير أنه من المحتمل أنها كانت في لحظة من اللحظات حقيقة.
ملخص المقال
ماذا لو امتلكت الأرض حلقات حولها؟ قد تكون شبيهة بحلقات زحل لكنها لا تحوي الجليد. وسيختلف شكلها باختلاف الموقع على الأرض. وبالطبع ستعكس ضوءاً قوياً. ويرجح أن تدور أقرب للأرض من القمر.
وسيسقط ظل الأرض على الحلقات معطية أشكالاً مختلفة. وستلقي في المقابل الحلقات ظلالها على الأرض. أما المركبات والأقمار الصناعية ستتأثر إشاراتها وفعاليتها بوجود الحلقات. كما ستؤثر على علم الفضاء وما يمكن للعماء معرفته عن الكون من الأرض.
وفي الحقيقة، مع أن الأرض ذات الحلقات قد تبدو فكرة خيالية، غير أنه من المحتمل أنها كانت في لحظة من اللحظات حقيقة.