ما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟

تتنوع ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية بتنوع ألوان الطيف، فما الذي يجعل كل كوكب يأخذ لوناً معيناً؟ ولماذا تختلف فيما بينها؟

ما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟
حقوق الصورة: NASA/JPL

يختلف مظهر كواكب مجموعتنا الشمسية، فعطارد لونه رمادي مائل للزرقة، بينما لون الزهرة أبيض لؤلؤي، والأرض أزرق زاهٍ، والمريخ أحمر داكن. وحتى الكواكب الغازية العملاقة تختلف ألوانها فنبتون وبلوتو بلون أزرق كمد، بينما لون المشتري وزحل بيج تقريباً مع أحزمة بنية محمرة. فما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟

الأمر يعود إلى البداية

تكونت النجوم والكواكب كما يبدو في الوقت ذاته من قرص من الغاز والغبار الذي يسمى السديم الشمسي.  ومعظم الغاز الذي يتكون بصورة أساسية من الهيدروجين والهيليوم ابتلعه نجمنا في بداية عمره. ولا غرابة في ذلك. إذ أن كتلة الشمس تتراوح بين ٩٩.٨ إلى ٩٩.٩٪ من كتلة النظام الشمسي.

وفي ذات الوقت أخذ الحطام الموجود في السديم يتصادم مع الوقت، ليتجمع في النهاية معطياً كواكب مصغرة ومن ثم كواكب ناشئة. وتمكن المشتري وزحل ونبتون وبلوتو من امتصاص بعض هيدروجين وهيليوم السديم، ولفّ بها كل منها لبّه. ما مكنها من أن تكبر إلى أحجام هائلة.

وبالقرب من الشمس كانت الحرارة هائلة وتؤدي إلى تبخر كل شيء انخفضت نقطة انصهاره، وبقيت الصخور فحسب. ودارت معادن الحديد والكبريت والألمينيوم والنيكل وغيرها من المركبات المعدنية حول الشمس الوليدة لملايين السنين، متصادمة مع بعضها البعض لتندمج في النهاية لتشكل لب الكواكب.

ولكن هذه الكواكب الفتية لم تكن قادرة على سحب كميات من الغاز كما الكواكب العملاقة. ولا يرجح أن يكون قد بقي أي كميات من الغاز تمكنت من سحبها. واعتمدت الكواكب الداخلية بدلاً من ذلك على الغازات الناتجة عن الارتطامات والانبعاثات الغازية البركانية لتكوين الغلاف الجوي الذي نراه اليوم.

وكل ما ذكرناه يعني أن وحدات البناء الأولى لكل كوكب تسهم في أغلفة الكواكب الملونة. ولكن، ما هي الأشياء الخاصة بكل كوكب في النظام الشمسي والتي تحدد مظهره المميز وتعطيه لونه؟

منظومة ذات ألوان جامحة

ألوان الكواكب
حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Carnegie

عالم رمادي صغير

يحوي عطارد كمية كبيرة من الحديد وبالكاد يحوي غلافاً جوياً. وعندما تنظر إليه بالتلسكوب تراه مليئاً بالحفر ورمادياً غامقاً. وقد بينت لنا مهمة مسنجر التابعة ناسا والتي انتهت الآن أن سطحه مغطى بطبقة ثخينة من الغبار وصخور السيليكا البركانية.

أما لماذا هو صغير جداً، وأن معظمه من الحديد، فهناك بعض النظريات. إحداها يقول أن عطارد كان أكبر عند تكونه، ولكنه حظي لسوء الحظ بكوكب مصغر مزعج أفقده معظم قشرته وغلافه الجوي.

وأخرى تقول بأن مدار عطارد القريب جعل السديم الشمسي يسحب منه الجزيئات الأخف قبل أن تتمكن من التجمع على هذا الكوكب المصغر في نشأته.

ألوان الكواكب
حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech

توأم كوكبنا المزيف

ليست الصور الحقيقية للزهرة مثيرة ومنبئة كما في الصور المركبة والملونة بألوان غير حقيقية مما نراه. فهذه الصور تستخدم أطوال أمواج ضوئية متنوعة تساعدنا على رؤية الأشياء، كمعالم السطح ومحتوى الغلاف الجوي ونشاطه.

ولكنك عندما تنظر إلى الزهرة بواسطة تلسكوب، فسترى كوكباً بلون أبيض لؤلؤي فحسب، مع مسحة اصفرار. وغلاف الزهرة الجوي يتكون بشكل أساسي من ثاني أوكسيد الكربون. ويبدو أبيضاً لأن الغيوم تتكون بمعظمها من حمض الكبريت، وهو عاكس شديد.

ويعتقد البعض أن المواد المجهولة الماصة للأشعة فوق البنفسجية قد تكون سبب المسحة الصفراء في لون الكوكب.

وسطح الزهرة مغطى بالكامل بطبقة غيوم ثخينة. ولكن لدينا صورة ملونة للسطح أرسلتها مركبة الهبوط السوفيتية عام ١٩٨٢. وستزودنا المهام القادمة بصور ومعلومات أفضل عن الزهرة.

ألوان الكواكب
تغير مظهر المريخ كلياً بسبب العاصفة الغبارية في الصورتين من ناسا عام ٢٠٠١. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/MSSS

الكوكب البني المحمر

يبدو المريخ بلون بني محمر لأنه مغطى بالغبار الذي يحوي كميات عالية من الحديد. فهذا الغبار مثل دراجة قديمة تركت في العراء، غبار متأكسد أو صدئ.

ولكن الكوكب ليس بذات الحمرة التي تبدو لنا في الصور المنتشرة. فالعديد منها جرى تعديله لإظهار التباين، مما يحقق الإثارة في الصورة، ويمكن العلماء من الدراسة السمات الطبولوجية والجوية المميزة.

ويمكن أن يتغير لون المريخ قليلاً، فوجود الكثير من الغبار يمكن من يشكل عواصف غبارية على امتداد الكوكب، مما يحول لون الكوكب من أحمر خفيف إلى برتقالي أو أصفر.

ألوان الكواكب
حقوق الصورة: NASA, ESA, A. Simon (Goddard Space Flight Center), and M.H. Wong (University of California, Berkeley)

إن لم تستطع أن تكون نجماً، كن عملاقاً

يتكون المشتري من الهدروجين والهليوم بغالبيته كما الشمس. ولكنه لم يراكم ما يكفي من الكتلة أثناء تكونه لكي يبدأ عملية الاندماج النووي. والمشتري كرة غازية كبيرة، إلى درجة أنه يتسع لـ ١٣٠٠ كرة أرضية.

ومع مثل هذا الغلاف الجوي والنظام الجوي الذي يشابه نظامنا الجوي بصورة ملحوظة، فلا عجب أن يكون الكوكب موطناً لعواصف عملاقة كعاصفة البقعة الحمراء العظيمة.

أما لماذا هي حمراء، فهذا غامض قليلاً، وإحدى التفسيرات النظرية المقبولة عموماً تقول  لأن العاصفة تقع على ارتفاع كبير في الغلاف الجوي، فإن بعض العناصر الكيميائية القليلة كالأمونيا والأسيتيلين تتلقى جرعة أكبر من الإشعاع الشمسي.

وتحول هذه الأشعة العاصفة إلى لونها المميز. أما بالنسبة لأحزمة المشتري البنية والبيج المميزة، فتعزى إلى الهيليوم والهيدروجين وبعض المواد النادرة.

ما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟
NASA, ESA, A. Simon (GSFC), M.H. Wong (University of California, Berkeley) and the OPAL Team

زحل يملك حلقة جميلة حوله

اسأل أي شخص ما هو الكوكب المفضل لديك، فيرجح أنه سيقول زحل. وذلك بسبب حلقاته اللماعة الضخمة. وهذا الكوكب شبيه بلون المشتري نظراً لأنه يحوي تركيبة كيميائية مشابهة. وهي تتكون من ٩٠٪ هيدروجين و١٠٪ هيليوم. إلى جانب كميات قليلة من عناصر أخرى مثل جليد الميثان وجليد الماء.

ويرينا التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء بأن الكوكب تحت السديم الجليدي السميك نشط جداً؛ ولكن العواصف أعمق، ولذلك رؤيتها أصعب بالتلسكوب البصري. وأحياناً تصل هذه العواصف إلى سطحه، فتلطخ الكوكب الهادئ لولاها ببقع بيضاء ناصعة.

ما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟
أورانوس على اليسار، ونبتون على اليمين

الأخوان الزرقاوان

تفيد الأرقام بأن أورانوس ونبتون يتكون معظمها من الهيليوم والهيدروجين، ولكن يحويان نسبة أكبر من الميثان (١ إلى ٢) مقارنة بالمشتري أو زحل. ويعتقد بأن معظم كتلتيهما قد تعود إلى جليد الماء أو الميثان أو الأمونيا.

أما غلافاهما الجويان فأقل ضبابية من العملاقين الغازيين الآخرين. ما يعطيهما مظهرهما الهادئ والأزرق. وقد يرى الراصدون بقعة بيضاء هنا أو هناك مع بقع أغمق، وتشير إلى عواصف تضرب بعنف في أعماقها.

اختلاف ألوان الكواكب
NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute/Alex Parker

قلب وحيد

بلوتو كوكب قزم ويعتقد بأنه مكون من الجليد بمعظمه مع لب صخري. وقد أعطتنا نيوهورايزنز أول لمحة جيدة له عام ٢٠١٥. وقاد التحليل اللاحق للصور العلماء بأنه مغطى بجليد النتروجين والميثان وأول أوكسيد الكربون. بالإضافة إلى بعض المواد العضوية التي تعطي سطحه لوناً ضارباً للحمرة.

ملخص المقال

تتنوع ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية بتنوع ألوان الطيف، ما ألوان كواكب مجموعتنا الشمسية، ولماذا تختلف؟ يجيب مقالنا بأن ذلك يعود إلى نشوء هذه الكواكب ذاته والعناصر التي يتكون منها كل كوكب. فعطارد يحوي كمية كبيرة من الحديد ولونه رمادي غامق. أما الزهرة فسحب الكبريت العاكسة تعطيه لونه الأبيض.

والكوكب الأحمر مغطى بغبار يحوي كميات كبيرة من الحديد الذي يتأكسد. أما الكواكب الغازية فيعطيها لونها الهيدروجين والهيليوم غالباً، وتظهر بعض البقع والأحزمة بألوان أخرى بفعل عواصف أو مواد أخرى. وبعضها مغطى بجليد ماء أو غيره كالكوكب القزم بلوتو.

المصدر

هنا