ما هو شكل الكون؟
كيف يمكن لعلماء الفضاء وصف شكل الكون؟ وما هو مصيره؟
إن قياس شكل الكون أمر معقد. وفي الحقيقة إن السؤال عن شكل الكون له إجابات تتحدى المنطق. لأننا عندما نفكر في شكل شيء ما، فإننا نفكر به كما يرى من الخارج.
وبالطبع، لا يجب أن نفكر بشكل الكون بهذه الطريقة. فالكون ليس له حد خارجي، ولا شيء يقع خارجه، فلا وجود لشيء يسمى ما خارج الكون!
على سبيل المقارنة، انظر إلى شكل مجرتنا درب التبانة. يمكننا أن نستنتج أن شكلها حلزوني بناء على خرائط النجوم في الأذرع الحلزونية. ولكننا لا نستطيع الخروج إلى ما خارج المجرة لنرى البنى الحلزونية مباشرة بأعيننا. ولكننا يمكننا أنرى مجرات حلزونية أخرى عبر التلسكوب من خارجها، ونستنتج بناء عليه أن درب التبانة مثلها.
وتسقط هذه المقارنة بالطبع عندما نرى أننا لا نستطيع الخروج من الكون، فلا وجودلما يسمى خارج الكون. فالكون بالتعريف هو كل ما هو موجود، فلا شيء إذاً يقع خارجه. ولكن النظريات الحديثة قد أضعفت دقة هذا التعريف.
ولكننا على أي حال سنتكلم هنا عن الشكل الهندسي للفضاء لا أكثر. فمثلاً على سطح مستوٍ تكون زوايا المثلث دوماً مجموعها ١٨٠ درجة. ولكن المثلث على سطح منحني، يمكن أن يكون مجموع زواياه أقل أو أكثر من ١٨٠ درجة. وعلى السطح المستوي، تبقى الخطوط المتوازية متوازية مهما امتدت. ولكن على السطح المنحني يمكنها أن تلتقي أو تبتعد أو تتقاطع. وما نتحدث عنه عند السؤال عن شكل الكون: إذا بدأت التحرك في اتجاه معين، فهل تستمر بالحركة من حيث بدأت، أو هل تعود ملتفاً إلى حيث بدأت؟
أسئلة عن شكل الكون
كيف يعرف العلماء شكل الكون؟
نقيس الكون هندسياً عبر قياس الكثافة المتوسطة للمادة في الفضاء ومقارنتها بالكثافة الحرجة، والتي تفرض انحناء الكون.
ما الذي يحدد شكل الكون؟
يمكن للتأثير الثقالي على المادة أن يؤثر على انحناء الكون وفق النسبية العامة. لكن التأثيرات الكمومية خلال الانفجار العظيم أثرت على شكل الكون أيضاً.
هل الكون كرة أم مسطح؟
أن يكون الكون منحنياً على شكل كرة مغلقة أم مسطحاً، فهذا يعتمد على مدى قرب كثافة المادة من الكثافة الحرجة. وتظهر القياسات أن الكثافة والكثافة الحرجة متكافئان تقريباً. وهذا ما يشير إلى كون مسطح.
ما هو الشكل الحقيقي للكون؟
إذا كان الكون مسطحاً فله شكل هندسي إقليدي، وأبسط شكل له هو شكل ورقة. ولكن هناك أشكال أخرى أكثر تعقيداً للكون المسطح بالطبع.
الأشكال المحتملة للكون
قاس مسبار ويلكنسون لقياس تباين الموجات المكروية ومرصد بلانك قيمة أوميغا (الكثافة الحرجة) بدقة كبيرة، وبناء عليه يثق علماء الفضاء بشدة بأن شكل الكون مسطح. وهذه الدقة فرضتها الكثافة الحرجة والنسبية العامة.
وقد وجد فريق دولي أن احتمال الكون المسطح لا ينفي وجود أشكال معقدة أخرى. وركزو في بحثهم على شكل يسمى الطارة أو الحلقة المستديرة أو القاعدة ثلاثية الأبعاد.
تسمى الدائرة ذات البعد الواحد باسم القاعدة الأحادية، والقاعدة الثنائية لها بعدان وشكل كعكة الدونات. أما القاعدة ثلاثية الأبعاد، فتصور مكعباً مقلوباً من الداخل للخارج، مع استمرار انحناء والتفاف الجوانب المتعاكسة لصبح مواجهة وتلامس بعضها البعض. ولهذا الشكل ثلاثة أنواع: النمط الأساسي، والنمط الملتف بمقدار ٩٠ درجة وآخر يلتف بمقدار ١٨٠ درجة. ويمكن لهذا الشكل بأنواعه الثلاثة أن يحافظ على انطباع الشكل المسطح للكون، والهندسة الإقليدية.
القاعدة ثلاثية الأبعاد
ويمكن لشكل القاعدة ثلاثية الأبعاد أو للأشكال الغريبة الأخرى نظرياً أن تكون ناتجة عن تأثيرات كمومية حدثت أثناء الانفجار العظيم، وحددت شكل الكون. ولكن كيف نعرف إذا كنا نعيش في كون شكله قاعدة ثلاثية الأبعاد؟ إن شكل الفضاء فيه الذي يلتف عائداً إلى نفسه يعني أننا سنرى صوراً متكررة للجزء نفسه من الكون في أجزاء مختلفة من السماء. وذلك أثناء انتقال الضوء عبر مسارات مختلفة في هذه الحلقة المعقدة. الأمر أشبه بأن تكون في وسط قاعة من المرايا، وكل ما علينا هوأن نحدد الصور المتكررة.
وقد درس الفريق الدولي الخلفية الكونية المكروية بحثاً عن أي نماذج، لكنهم لم يجدوا. ولكن هناك ثغرتان: أولهما أن مقياس شكل القاعدة الثلاثية هائل، أي أن انتقال الضوء في دورة واحدة فيها لم يحظَ بالوقت الكافي للعودة إلينا بعد. والآخر يقول بأن شكل القاعدة الثلاثية الأساسي وإن أمكننا إهماله إذا كان مقياس طوله صغيراً بما يكفي، فإن شكليه ذوي الالتفاف بزاوية ٩٠ درجة و١٨٠ درجة لا يمكننا استبعادهما بعد. وذلك لأنهما يستطيعان حني الصور المتكررة بطريقة تجعل تحديدها معقداً. ولم ينفذ بحث شامل في الخلفية المكروية عن هذه الصور بعد.
وحتى لو كانت أشكال القاعدة ثلاثية الأبعاد كلها يمكن استبعادها، فهناك ١٨ شكلاً رياضياً مفترضاً وجميعها تتوافق مع كون مسطح. وربما أحدها هو الشكل الصحيح للكون.
شكل الكون في فضاء متعدد الأبعاد
وفقاً لبعض النظريات التي لا يوجد لها دليل قاطع، هناك شيء خارج الكون. وهذا الشيء فضاء فائق متعدد الأبعاد. وداخله يقع كوننا رباعي الأبعاد وفق النظرية. وهي أبعاد فيزيائية ثلاثة وبعد الزمن الرابع. ويقع كوننا وفقها على غشاء ضمن هذا الفضاء فائق الأبعاد. وعدد الأبعاد في هذا الفضاء الفائق يختلف حسب النظريات بين خمسة إلى سبعة وبعضها أكثر. وقد يوجد أغشية أخرى ضمن الفضاء الفائق ولكل منها كون مستقل. وقد تصطدم هذه الأغشية أحياناً فيحدث انفجار عظيم جديد. وهذا النموذج الدوري للأغشية المتصادمة يسمى نظرية الكون الملتهب.
نموذج التوسع الكوني الفوضوي
أما النموذج الآخر فهو التوسع الأبدي والفوضوي، والذي يضيف إلى نظرية التوسع لآلان غوث منذ بداية الثمانينيات. إذ طرحت نظرية التوسع لتفسير سبب ظهور أجزاء مختلفة من الكون بصورة متشابهة رغم البعد الشاسع بينها. إذ تشير نظرية التوسع أو التضخم أن تلك المناطق في لحظة الانفجار العظيم كانت قريبة بما يكفي لجعل خصائصها مشتركة. ولكن انفجاراً تضخمياً عنيفاً وقصيراً باعد بين مناطق الكون الوليد هكذا.
وقد صمم نموذج توسع الكون الفوضوي لحل مشكلات في نموذج غوث الأصلي حول توسع الكون. ولكنه يشير إلى أن بعض أجزاء الكون المتوسع تتوقف عن التوسع في فترات مختلفة. وهذه الأجزاء تنفصل عن الجيب الكوني التي تنتمي إليه، ويصبح لكل منها خصائصه وانحناءاته وأشكاله.
ملخص المقال
تحديد شكل الكون أمر معقد. ببساطة لأننا لا نستطيع أن نفكر أننا خارج الكون ونرى شكله. فالكون بالتعريف هو كل شيء ولا شيء خارجه.
ويمكن عبر دراسة كثافة المادة في الخلفية الكونية الميكروية تحديد إذا كان الكون مفتوحاً أو مسطحاً أو مغلقاً.
ومن الأشكال المفترضة: الطارة أو الحلقة المستديرة أوالقاعدة ثلاثية الأبعاد، وهذا الشكل يحافظ على انطباع الشكل المسطح للكون. وهناك نموذج يفترض وجود الكون في كون فائق متعدد الأبعاد. ونموذج يفترض أن التوسع مسؤول عن اختلاف خصائص مناطق الكون المختلفة وانحناءاتها وأشكالها.