ما هي كرة دايسون؟
تعد كرة دايسون مشروعاً هندسياً ضخماً.
الوقت المقدر للقراءة: 3 دقائقكرة دايسون مشروع نظري هندسي عملاق، يتكون من هياكل تحيط النجم وتدور حوله. وهو الحل النهائي لمكان العيش وإنتاج الطاقة. إذ يزود مبتكريه بمساحة سطحية واسعة للسكن، والقدرة على التقاط كل إشعاع من الإشعاعات الشمسية التي تصدر من نجمه المركزي.
لمَ بناء كرة دايسون؟
لمَ قد يبني أي أحد مثل هذا البناء الهائل الغريب؟ وفقاً لعالم الفيزياء النظرية البريطاني الأمريكي فريمان دايسون، الذي يعد أول من فكر بهذه البنى الفرضية عام ١٩٦٠. فقد تفكر أجناس فضائية بمهمة بنائه بعد الاستقرار على بعض الأقمار أو الكواكب في جوارها النجمي المحلي. ومع زيادة عدد هؤلاء الفضائيين، سيبدؤون باستهلاك كميات أكبر من الطاقة.
وبافتراض أن مجتمع الفضائيين وصناعاته سينموان بمعدل متواضع وليكن ١٪ سنوياً، تشير حسابات دايسون إلى أن ما سيحتاجه الفضائيون من مساحة وطاقة سيزداد أسيّاً. ليصبح أكبر بتريليون مرة خلال ثلاثة آلاف عام.
وإذا امتلك نظامهم النجمي جسماً بحجم المشتري، فسيفكر مهندسوهم في اكتشاف كيفية تفكيك هذه الكوكب ونشر كتلته في غلاف كروي.
وعن طريق بنيان يكون على بعد يبلغ ضعفي بعد الأرض عن الشمس، ستكون المواد كافية لبناء عدد ضخم من المساحات الدوارة بثخانة ٢ إلى ٣ أمتار. مما يسمح للفضائيين بالعيش على السطح المواجه لنجمهم.
كتب دايسون: يمكن جعل غلاف بهذه الثخانة قابلاً للعيش عيشاً مريحاً، ويمكن أن يضم كل الآلات اللازمة لاستغلال الإشعاع الشمسي الساقط عليها من الداخل.
ولكن بعد امتصاص الطاقة الشمسية واستغلالها، سيتوجب على هذه الهياكل أن تعيد إشعاع هذه الطاقة في النهاية وإلا ستتجمع، مسببة ذوبان الكرة في نهاية المطاف وفق دايسون. وهذا يعني أن المراقب البعيد قد يرى ضوء النجم الذي تغلفه كرة دايسون يبدو خافتاً أو ربما مظلماً بالكامل- اعتماداً على مدى كثافة الهياكل الدوارة- أثناء توهجه بضوء غير معتاد في نطاق الأشعة تحت الحمراء غير المرئية للعين المجردة.
هل توجد كرة دايسون فعلاً؟
تعد كرات دايسون بسبب أشعتها تحت الحمراء نوعاً من البصمة التكنلوجية، وهي علامة على النشاط التي يمكن أن يستخدمها علماء الفضاء البعيدون لاستنتاج وجود كائنات ذكية في الكون. وقد فحص مجموعة من العلماء على الأرض خرائط الأشعة تحت الحمراء لسماء الليل على أمل رصد كرات دايسون، ولكن حتى الآن لم يرَ أي منهم شيئاً خارجاً عن المألوف.
لكن عام ٢٠١٥، أبلغت عالمة الفلك الأمريكية تيبثا بوياجيان، التي كانت في جامعة يال حينها، عن ضوء غامض يخفت قادماً من النجم KIC 8462852. الذي بدا وميضه غير المنتظم شيئاً لم يره العلماء من قبل.
وأشار علماء آخرون أن انخفاضات الضوء الشاذة يمكن أن تكون ناتجة من كرة دايسون مبنية بناء جزئياً. وتلك الفكرة أحدثت ضجة إعلامية. ولكن حملات البحث عن إشارات نشاط تكنلوجي آخر من ذلك الكيان -الذي سمي لاحقاً النجم تابي تيمناً بالعالمة بوياجيان- لم تصل إلى نتيجة. ومعظم الباحثين يعتقدون حالياً بأن أنماط ضوء النجم لها تفسير آخر لا يتعلق بالفضائيين.
كرة دايسون فكرة قديمة
كانت كرة دايسون لعقود الموضوع الرئيسي لوسائط الخيال العلمي. فمنذ عام ١٩٣٧، وصف مؤلف رواية «صانع النجوم» المنشورة ١٩٣٧ أولاف ستابليدون أن أنظمة في مجرة معينة كانت «محاطة بنسيج من مصائد الضوء، التي تركز الطاقة الشمسية للاستخدام الذكي، وبذلك خفتت المجرة كلها». وهو تصوير قال دايسون بأنه أثر على تفكيره. أيضاً وصف لاري نيفين في روايته «العالم الحلقي» المنشورة ١٩٧٠ بنية صنعية ذات شكل حلقي تحيط بنجم. ووصفت حلقة «الجيل القادم» من سلسلة طريق النجوم عام ١٩٩٢ نجماً محاطاً بغلاف صلب.
أما إذا كانت هذه البنى الخيالية موجودة خارج المخيلة البشرية، فما يزال ذلك أمراً تنتظر رؤيته. ولم يشر دايسون في آرائه إلى أن كل المجتمعات التكنلوجية ستبني هذا المشروع الغريب. إنما بعضها سيفعل ذلك كما اعتقد، لذلك سيكون من القيم أن يبحث علماء الفضاء عن مثل هذه النماذج الهائلة الناتجة عن عقول ذكية.
ملخص المقال
كرة دايسون هي بنى أو هياكل عملاقة، يبنيها الفضائيون حول النجم محيطة به لغرضين: تأمين مساحة للسكن، واستغلال طاقة النجم. وأول من فكر بهذه البنى الفرضية عام ١٩٦٠ هو فريمان دايسون. ولها أسس في الخيال العلمي منذ ١٩٣٧.
وتعد كرة دايسون نوعاً من البصمة التكنلوجية، ويبحث عنها العلماء. وقد اعتقد عام ٢٠١٥ أن النجم تابي يأوي مثل هذا الهيكل. ولكن لم يصل العلماء إلى شيء. وما يزال وجودها من عدمه موضع بحث.