مجرة قزمة منعزلة تحير علماء الفلك
مجرة قزمة منعزلة ولا تشكل النجوم؟
في العقد المنصرم على الأقل، قضّت مجموعة المجرات القزمة المعروفة في كوننا مضجع العلماء وأربكت فهمهم لكوننا. والآن تأتينا مجرة قزمة أخرى محيرة اكتشفها تلسكوب جيمس ويب التابع لناسا.
قال الباحثون من جامعة أريزونا أن المجرة القزمة PEARLSDG محيرة بسبب أمرين: أولهما أنها منعزلة عن أي مجرة كبيرة بقربها. وثانيهما أنه لا تنشط فيها أية عملية تشكل نجوم. وهذا المزيج بكونها منعزلة مع احتوائها على نجوم قديمة كما يبدو، يعاكس توقعات العلماء عن سلوك المجرات القزمة، ويعاكس كيفية تكون المجرات وتطورها عموماً. وقد نشر البحث في مجلة ذا أستروفيزيكال جورنال ليترز في ٣١ يناير الفائت.
لا ينبغي أن تكون المجرة القزمة هناك
لم يكن الفريق يبحث عن مجرة قزمة منعزلة، إنما كان هدفهم عنقوداً مجرياً. ولكنهم رصدو بالقرب من حقل الرصد مباشرة مجرة قزمة وأطلقوا عليها اسم PEARLSDG.
ومجرد وجودها هناك لفت نظر العلماء بالطبع. فالمجرة نفسها غير عادية. فهي على بعد ٩٨ مليون سنة ضوئية وأكثر مجرة قزمة انعزالاً وسكوناً. كما لم تعد تتشكل فيها النجوم ولا تتفاعل ثقالياً مع أي من المجرات القريبة.
وفسر الفريق ذلك بقولهم أن مثل هذه المجرات المنعزلة والساكنة لم ترَ بالفعل من قبل، عدا حالات قليلة. إذ لا يفترض بها أن تكون موجودة وفق فهمنا الحالي لتطور المجرات. ولهذا يساعدنا رصدنا لمثل هذه الأجسام في تطوير نظرياتنا عن تشكل المجرات. وبالعموم فإن المجرات القزمة الموجودة لوحدها تستمر في تشكيل النجوم الجديدة.
المجرة القزمة ساكنة وبعيدة
إن المجرة PEARLSDG نوع غريب من المجرات. إذ يقول العلماء أن هذه المجرة القزمة يفترض بأنها ما تزال تشكل النجوم. كما ينبغي أن تتفاعل مع المجرات الضخمة القريبة الأخرى. ولكن هذه المجرة تخالف القاعدة.
ويقول البحث أن عددا كبيراً من عمليات الرصد أشار إلى أن السواد الأعظم من المجرات القزمة التقليدية ما زالت تشكل النجوم اليوم. ولكن عمليات الرصد الأخيرة للعدد الكبير للمجرات فائقة الانتشار التي وقعت أبعد من مجال المسوح التلسكوبية السابقة، تشير إلى أن فهمنا للمجرات القزمة قد يكون ناقصاً. فهذا البحث الأخير يتحدث عن اكتشاف عرضي لمجرة منعزلة وساكنة في جوارنا الكوني!
بالإضافة إلى ذلك، إن النجوم الموجودة في المجرة القزمة عالية السطوع كما بدا في صور جيمس ويب. وذلك السطوع سهّل قياس المسافة الفاصلة والبالغة ٩٨ مليون سنة ضوئية.
وقد استخدم الباحثون كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (نيركام) في جيمس ويب لتصوير المجرة القزمة PEARLSDG. وما مكن من رؤية نجوم المجرة الدقة الزاوية للكاميرا وحساسيتها.
ولم يعتمد الفريق على تلسكوب جيمس وحده، بل على أدوات أخرى مثل مطياف ديفيني البصري في تلسكوب لويل ديسكفري في فلاجستاف، أريزونا. وصور مستكشف تطور المجرات التابع لناسا غاليكس، وتلسكوب سبايتزر الفضائي وغيرها.
الألوان وأطوال الأمواج
إن نجوم مجرة PEARLSDG من بين أبعد النجوم التي رصدت حتى اليوم. وقد درس العلماء ألوان هذه النجوم، مستخدمين طيفاً واسعاً من بيانات التصوير، وتشمل أطوال الأمواج فوق البنفسجية وتحت الحمراء والبصرية.
وقد كشفت البيانات أن ألوان تلك النجوم لا تشير إلى أنها نجوم تشكلت حديثاً. وأظهر ذلك بأن هذه المجرة لا تشكل نجوماً جديدة.
وعن طريق دراسة أطوال أمواج الضوء القادم من النجوم، تمكن العلماء أيضاً من رصد حركة المجرة. وتشمل هذه التقنية تأثير دوبلر المعروف.
هذا كله بين بأن هذه المجرة منعزلة ولا تتفاعل ثقالياً مع أي مجرة قريبة.
كما أكدت أطوال الأمواج ذاتها البيانات الأخرى فيما يتصل بعمر النجوم. إذ أن النجوم الجديد فيها نادرة إن وجدت. وكل ذلك جعل من هذه المجرة مفاجأة تتحدى توقعات الباحثين.
هل هناك المزيد من المجرات المنعزلة القزمة؟
إذا وجد تلسكوب جيمس ويب هذه المجرة القزمة الغريبة بالصدفة، فمن المحتمل وجود الكثير منها. وقد بين الفريق بأن هناك حاجة لمزيد من التحليل المفصل لتاريخ تشكل النجوم في هذه المجرة وديناميكياتها، وذلك مع أخذ ما يحيط بها بعين الاعتبار لزيادة فهمنا لتاريخ تشكلها.
كما يشير كل ذلك بالطبع إلى أن هناك الكثير من المجرات الشبيهة والتي يملك جيمس ويب الأدوات اللازمة لكشفها.
ملخص المقال
اكتشف علماء الفضاء بالصدفة مجرة قزمة منعزلة تحير علماء الفلك. كما أنها أقل نشاطاً من معظم المجرات القزمة، وسميت PEARLSDG.
وتعد هذه المجرة محيرة بسبب أمرين: أولهما أنها منعزلة عن أي مجرة كبيرة بقربها ولا تتفاعل ثقالياً مع أي منها. وثانيهما أنه لا تنشط فيها أية عملية تشكل نجوم، وهذا يخالف القاعدة.
من المحتمل وجود الكثير من هذه المجرات، وجيمس ويب لديه الأدوات اللازمة للكشف عنها.