مسباري فوياجر التوأم في وضع حرج
مسباري فوياجر التوأم التابعين لناسا في وضع حرج، وذلك بعد ٤٥ عاماً من إطلاقهما. حل خريف عمادي عمل ناسا، ولكنهما لم يستعدا للاستسلام بعد.
يوم ٢٠ آب/ أغسطس ١٩٧٧ أطلقت ناسا مسبار فوياجر-٢ إلى الفضاء، قبل انطلاق توأمه فوياجر-١ بستة عشر يوماً. وحالياً، ليسا فقط أبعد شيئين من صنع الإنسان في الفضاء فحسب، إنما أيضاً أطول مهمة جارية لناسا. إذ تستمر المركبتان بإرسال البيانات وهما في طريقهما إلى أقصى حدود النظام الشمسي، بينما يقتربان من عمر ٤٥ سنة في الفضاء.
إلا أن المركبتين مزودتان بمصدر طاقة نووي محدود، وكلا هذين المصدرين يتناقصان إلى مستويات منخفضة انخفاضاً خطيراً. فكل من المركبتين يحوي خزاناً من نظائر البلوتونيوم-٣٨ المشعة. وأثناء تفكك هذه النظائر تطلق طاقة، تحولها ثلاثة مولدات حرارية كهربائية بالنظائر المشعة إلى كهرباء. وقد زودت هذه المحركات كل مركبة عند إطلاقها بمقدار ٤٥٠ واط من الطاقة. وهذه المحركات تنتج اليوم أقل من نصف هذه القيمة تقريباً. إذ أن خرجها الكهربائي ينخفض بمقدار ٤ واط كل سنة.
ويذكر أن تشغيل جهاز الإرسال في المركبة بحاجة إلى ٢٠٠ واط تقريباً. وذلك لتتمكن من إرسال الإشارة إلى الأرض. وحالياً تعمل المركبتان بمستوى طاقة منخفض، ويبلغ الهامش المتبقي ٥ إلى ٦ واط تقريباً!
هل يعني أن النهاية اقتربت؟
لا، فمع هذا، لم ينتهِ العرض بعد. إذ أن فريق فوياجر-١ وفوياجر-٢ يطبقون استراتيجية في استهلاك الطاقة في الوقت الحالي. وذلك عن طريق إطفاء بعض الأنظمة الثانوية في المركبتين كليهما. الأمر الذي يسمح بعمل وظائف أخرى لمدة أطول.
الاستمرار بالعمل
مما يدعو إلى التعجب أن المتبقي من الأدوات العلمية ما زالت تعمل على نحو جيد، وذلك رغم درجة الحرارة الباردة. فمن الجيد أننا ما زلنا نتلقى بيانات منها حتى اليوم.
وسيعقد فريق المركبيتين هذا الصيف بين ذكرى إطلاق كل منهما اجتماعاً، وذلك لمناقشة آخر النتائج. لا سيما أن البيانات المجمعة ستصبح أساساً لنموذج جديد، وسيكون الدليل الموجه للخطط القادمة للمركبتين. بما فيه أي تعطل للأدوات.
ويقدّر الفريق أنه باستخدام استراتيجيات الحفاظ على الطاقة، قد تعمل المركبة لخمس سنوات أخرى. وإذا حالفهم الحظ، قد يستطيعون العمل تحت العتبات المذكورة سابقاً. وبذلك قد يتمكنون من استمرار العمل في المركبتين إلى ٢٠٣٠ تقريباً.
هل من مشكلات أخرى سوى الطاقة؟
غير أن الطاقة ليست المشكلة الوحيدة، فالعمر المتقدم للمركبتين يفرض مشكلة أخرى، ألا وهي تعطل العتاد الصلب أو البرمجيات. فعلى سبيل المثال، منذ عدة أشهر، بدأ نظام توجيه المركبة وتوجيه هوائي الاتصالات فيها بإرسال بيانات قياس سيئة إلى الأرض. إلا أن الفريق يعرف أن هذا النظام يعمل بشكل صحيح فقط عندما تبقى إشارة الهوائي الواصلة مستقرة. أي أن الفريق يستطيع إرسال الأوامر إلى المركبة، ويمكن للمركبة إرسال البيانات العلمية. لكن هذا النظام لا يستطيع أن يرسل لهم موضحاً بأنه يعمل كالمعتاد أم لا.
بناءً على ذلك، يتوقع لمثل هذه الشذوذات أن تظهر، وذلك لأن عمر مركبتي فوياجر وأي خلل فيهما يمكن أن يؤدي إلى فقدان المركبة، وذلك حتى إذا كانت ما تزال حاوية للطاقة. مع هذا، مهما كانت المدة التي ستعمل بها المركبتان، فإن هذه المهمة تعد نجاحاً باهراً. ففي الحقيقة كانت المهمة الأصلية هي التحليق القريب من الكواكب الغازية في النظام الشمسي، وحول أقمارها، ومن ثم إرسال البيانات إلى الأرض. وتلك المهمة قد أنجزتها المركبتان تماماً بحلول عام ١٩٨٩.
بعد ذلك، بدأت مهمة فوياجر الثانية في الفضاء الخارجي. وكانت المهمة الجديدة حصول المركبتين على معلومات عن خفايا الفضاء خارج النظام الشمسي. فكيف تتغير الأشياء كلما ابتعدت عن الشمس؟ وكيف يتغير تفاعل الحقل المغناطيسي مع الفضاء الخارجي كلما ابتعدت عن النظام الشمسي؟ وكيف تتغير كثافة البلازما كلما ابتعدنا؟ ولعل الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب قبل كل شيء المحافظة على عمل المركبتين أطول مدة ممكنة.
ملخص المقال
بعد مرور ٤٥ عاماً من إطلاق مركبتي فوياجر-١ وفوياجر-٢ التابعتين لناسا، يبدو أنهما في عد تنازلي إلى نهاية عملهما. يذكر أن المركبتين مزودتان بمصدر طاقة نووي، تولد من خلاله ثلاثة محركات الكهرباء اللازمة. إلا أن الخرج الكهربائي لهذه المحركات انخفض بمقدار النصف تقريباً، وبقي هامش صغير فقط. ويحاول الفريق الخاص بهما تطبيق استراتيجيات تخفيض الطاقة، وذلك لإطالة عمريهما. غير أن الطاقة ليست المشكلة الوحيدة، فقدم المركبيتين قد يؤدي إلى أعطال في العتاد الصلب أو البرمجيات. وعلى أي حال، سيبقى ما أنجزته المركبتان نجاحاً باهراً، وستجيبان في ما تبقى من عمريهما عن أسئلة كثيرة.