مستعمرة بشرية على المريخ: هل ستكون ممكنة يوماً ما؟

لقد شاهدنا الأفلام كلنا، أنفاق تشق في صخور المريخ الأحمر، وقبب زجاجية عملاقة تمتد بين طرف فوهة مريخية إلى طرفها الآخر، زراعة مائية بلا تربة، وغيرها. ولكن المريخ تحدٍّ حقيقي، فهل سنرى مستعمرة بشرية على المريخ مستقبلاً؟

مستعمرة بشرية على المريخ

إذا أخذنا تطلعات البشرية لاستعمار النظام الشمسي، فإن المريخ هو الأصعب. وبالطبع، من المفترض يوماً ما أن يستطيع بعض البشر السكن والعمل على القمر. ولكن القمر قريب، ليس فيه ذاك التحدي. لكن المريخ فيه، فهو كوكب قائم في ذاته، وقد كان يأوي الحياة.

المريخ والتحدي

يستكشف البشر كوكبنا ويبنون المستعمرات منذ آلاف السنين، لم يتوقفوا يوماً، فهذا جزء مما نحن عليه ولكن مستعمري الماضي عندنا كانت المزايا لديهم منخفضة. فحيثما ذهبوا، من أعماق الأدغال إلى القطبين المتجمدين كانت الجاذبية ذاتها لم تتغير، والهواء ذاته، والماء الذي يمكن إيجاده بسهولة ويسر، وعشرات المواد والكائنات التي يمكن أن يستغلها ليعيش.

لا شيء على المريخ

على المريخ، لا وجود للهواء، أو لنقل، يوجد هواء لكن ضغطه يبلغ ١٪ من ضغط الهواء على الأرض، ومكون من غازات سامة. ولا وجود للماء، أو لنقل يوجد ماء لكنه متجمد. وإما محصور تحت سطحه أو عالق في جليد الفوهات الصدمية.

ولا وجود للجاذبية، أو لنقل موجودة، لكنها أضعف من جاذبية الأرض. وإذا نسينا أمر العيش لفترات طويلة في بيئة منخفضة الجاذبية، هل يمكن للجنين أن ينمو لديه عمود فقري مستقيم بلا الجاذبية القوية للأرض.
لا شيء حي أبداً، على الأقل إلى الآن بالطبع. ولا وجود لأرض قابلة للزراعة. كما لا توجد أشجار عليه. ولا شيء ليحميك من الأشعة الكونية القاتلة، فقضاء يوم على المريخ أشبه بتلقي أشعة سينية بلا انقطاع.

الكثير من التربة المريخية

من الأمور التي فيها أخذ ورد أن أقصى نقطة وأقساها على الأرض هي محطة أمندسن سكوت في القطب الجنوبي، حيث تقع في وسط القارة المتجمدة الجنوبية. وأقيمت هناك لتكون محطة بحثية وبلغت تكلفتها ١٥٠ مليون دولار، وعشرات الملايين لتحافظ على عملها. وكل ذلك مع مزية أن محطة البحث ما تزال قائمة على الأرض.

أما المريخ لا شيء فيه، لا شيء من بهارج الحضارات التي تتمتع بها، بدءاً من الجهاز الذي تستخدمه الآن إلى السندويش الذي تأكله. ولا يوجد أي شيء مما نحتاجه لبناء وصناعة هذه الأشياء. فإما عليك أن تعتمد على نفسك دون مساعدة لتصل إلى مستوى القرن العشرين على المريخ، وهو نوع من التحدي لأنك لن تجد شجرة تقطعها أو حديقة تزرعها، أو أن تعود من هناك.

وفي كلا الحالتين، ليس الأمر مستحيلاً، فالإنسان متكيف ومبتكر وذكي وواسع الحيلة. سنحل تلك المسألة يوماً ما لا بد بالطبع. وسيكون لنا في المستقبل البعيد مستعمرة مزدهرة على المريخ، ويسكنها أناس مريخيو الجنسية وأطفال مريخيون، وأنواع خاصة من الجبن المنتج على المريخ.

ولكن هذا اليوم في الحقيقة ليس قريباً، فكل عملية إطلاق إلى الفضاء تكلف ملايين الدولارات ومهما كانت الطريقة، فإن بناء واستمرار مستعمرة على المريخ سيكلف الكثير من المال، ربما أكثر مما يملكه العالم كله اليوم. ونحن ببساطة لا نملك فائض الموارد لاكتشاف الصعوبات والعوائق التقنية والمخاطر كلها التي ستواجهنا في بناء مستعمرة خارج الكوكب.
فكم سيستغرق الأمر حتى نتمكن من ذلك نحن العرق البشري؟ لا أحد يعلم، لا تحبس أنفاسك، بل قدر وجود هواء مجاني تتنفسه الآن على الأرض، وهذا ما لن تجده على المريخ!

ملخص المقال

هل يمكن للبشر بناء مستعمرة بشرية يوماً ما على المريخ؟ الأمر ليس بهذا السهولة.
لا هواء أو جاذبية أو موارد على المريخ تؤهل للعيش، كما أن تكاليف بنائها إن أمكن ذلك ستكون هائلة، وربما أكبر من الموارد التي نملكها على الأرض كلها.
ولكن الإنسان مبتكر وواسع الخيلة، وسيتمكن من لذك يوماً ما، لكن بالتأكيد في المستقبل البعيد.

المصدر

هنا