مصادر النبضات الراديوية السريعة: بحث جديد يستطلع ٤ مصادر قريبة

البحث عن مصادر النبضات الراديوية السريعة
البحث عن مصادر النبضات الراديوية السريعة. حقوق الصورة: CHIME/Andre Recnik

تعد النبضات السريعة في الفضاء، والمسماة الانفجارات أو النبضات الراديوية السريعة أحجية كونية. غير أن فريقاً دولياً يقوده باحثون كنديون نشر نتائج جديدة تشير إلى أن انفجارات المستعرات العظمى هي أهم ما يساهم في تكوين مصادر تعطي في النهاية النبضات الراديوية السريعة FRBs.

يقول موهيت بهاردواج، من ضمن فريق تلسكوب رصد النبضات الراديوية السريعة التابعة للتجربة الكندية لرسم خرائط كثافة الهيدروجين CHIME/FRB، وزميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كارنيجي ميلون: تعد النبضات الراديوية السريعة إحدى أعظم غوامض الفضاء. إذ يمكن لهذه الانفجارات الراديوية القوية جداً السفر مسافات كونية، وأن تصدر طاقة أكثر مما تصدره الشمس في ألف عام. مع أنها لا تبقى إلا لأجزاء من الألف من الثانية!
وما يزيد غرابتها أنها تصدم الأرض كل دقيقة ومن جميع أنحاء الكون، ومع هذا لا يعرف مصدرها.

الورقة البحثية

فحص الباحثون يقودهم علماء كنديون، وبمشاركة فرق من الولايات المتحدة وتشيلي وأستراليا ١٨ مصدراً قريباً للنبضات الراديوية السريعة. وكانت جميعها مجرات حلزونية أو مجرات من النوع المتأخر. وتشير غلبة المجرات من النوع المتأخر بأن مصادر النبضات الراديوية السريعة يسود حدوثها في المجرات الحديثة نسبياً. مع وجود مصادر يحتمل أنها صدرت عن انفجارات مستعرات عظمى تنجم عن انهيار لب نجم ضخم.

تقول المؤلفة المشاركة وطالبة الدكتوراه بريدجيت أندرسون: يتناول هذا البحث اتجاهاً مثيراً يشير إلى أن النبضات الراديوية السريعة المحلية تأتي من انفجارات المستعرات العظمى الناجمة عن انهيار لب نجم على الأرجح. ومن المثير في الدراسات المستقبلية بالطبع أن نرى إن كان هذا المنحى يبقى ثابتاً في عدد أكبر من المجرات المصدر لهذه النبضات.

ولهذا البحث في الواقع أهمية كبيرة، والسبب في ذلك أنه عقب رصد مصدر نبضات راديوية سريعة منذ عام قادمة من عنقود نجمي كروي في مجرة ميسيه ٨١ -فيه عدد من أقدم التجمعات النجمية- طرحت افتراضات بأن مثل هذه المصادر للنبضات الراديوية السريعة قد تكون هي الغالبة.

يقول بهاردواج بأن نتائج الفريق لا تفضل مثل هذا السيناريو. إنما يذهبون مع الفرضية القائلة بأن القسم الأعظم من مصادر النبضات الراديوية السريعة تنشأ عن موت النجوم الضخمة. والتي ينتج عنها إما ثقوب سوداء أو نجوم نيوترونية.

ومستقبلاً عندما تجمع عينات أكبر لنبضات راديوية رصدت رصداً أكثر دقة، يمكننا إمعان النظر بهذه العلامات الفارقة للنبضات الراديوية السريعة القريبة والبعيدة.

ونأمل عن طريق إجراء المزيد من التحليلات المعمقة أن نصقل فهمنا للأصول المتنوعة للنبضات الراديوية السريعة، وربما أن نكشف عن الآليات الخفية التي تؤدي إلى هذه الظواهر. لنلقي بذلك الضوء على تعقيدات انفجارات الكون الراديوية السريعة هذه.

التطورات الأخيرة

تمكن فريق تلسكوب رصد النبضات الراديوية السريعة التابعة للتجربة الكندية لرسم خرائط كثافة الهيدروجين مؤخراً، تمكن من مضاعفة قائمة النبضات الراديوية السريعة المتكررة والمعروفة، واستمروا بالتقدم في هذا المنحى. وتتوفر ورقتهم البحثية الأخيرة على موقع arXiv

وستنشر في مجلة أستروفيزيكال جورنال ليترز. وهذه الورقة ذات أهمية لأنها تحدد المجرات المصدر للنبضات الراديوية السريعة الجديدة والقريبة.

أهمية معرفة أصل هذه النبضات

إن فهم أصول النبضات الراديوية السريعة تحدّ أساسي في علم الفلك المعاصر. وحتى الآن تبدت النبضات الراديوية السريعة من خارج المجرة بشكل ظاهرة راديوية على وجه التحديد. وعن طريق تحديد مصادرها، يمكن لعلماء الكونيات الوصول إلى كشوف جديدة حول البيئات الفضائية الفيزيائية الشديدة التي أدت لظهور هذه الإشارات، وحول الآليات الفيزيائية المسؤولة عنها.

إن القدرة على تحديد المجرة التي جاءت منها هذه النبضات كانت أساسية لهذه الدراسة. ولكن مع التلسكوب المذكور أعلاه يمكننا أن نحدد المجرات المصدر الأقرب فقط. ويجري بناء تلسكوبات تعد امتداداً له في الولايات المتحدة وكندا. وذلك للتمكن من تحديد أدق لمكان النبضات الراديوية السريعة المرصودة. وهذا سيحدث ثورة في هذا المجال ويمكن من اختبار الأفكار المطروحة في البحث.

فرضيات عن النبضات الراديوية السريعة

إحدى الفرضيات السائدة تربط هذه الانفجارات الشديدة من الأمواج الراديوية بعمليات فيزيائية فلكية من بينها النجوم النيوترونية. وقد ازداد بروز هذه الفرضية عام ٢٠٢٠، عندما رصد التلسكوب نبضات شبيهة بالنبضات الراديوية السريعة من نجم نيوتروني معروف عالي المغنطة وهو (SGR 1935+2154) في مجرتنا. ما أدى إلى عد النجوم المغناطيسية مصدراً محتملاً.

وبصرف النظر عن مصدر النبضات الراديوية السريعة، تبقى مصدراً واعداً لأبحاث علم الكون. فيمكننا تقدير كمية المادة المؤينة التي مرت بها كل نبضة في طريقها إلى الأرض. وهذا بلا شك يجعل من النبضات مسباراً واعداً لدراسة توزيع الغاز المؤين في الشبكة الكونية.

ملخص المقال

لا يعرف مصدر النبضات الراديوية السريعة وهذا ما يجعلها أحجية كونية بالطبع. ويشير بحث جديد إلى احتمال أن تكون المستعرات العظمى مسؤولة عن هذه النبضات.

ويؤيد الفريق الباحث الفرضية التي تقول بأن القسم الأعظم من مصادر النبضات الراديوية السريعة تنشأ عن موت النجوم الضخمة. والتي ينتج عنها إما ثقوب سوداء أو نجوم نيوترونية.

ومهما كانت مصادرها تبقى أمراً واعداً لأبحاث علم الكون. فيمكننا على سبيل المثال تقدير كمية المادة المؤينة التي مرت بها كل نبضة في طريقها إلى الأرض، وذلك بالطبع يجعل من النبضات مسباراً واعداً لدراسة توزيع الغاز المؤين في الشبكة الكونية.

المصدر

هنا