هل ستفقد الأرض قمرها يوماً ما؟

ينسل القمر مبتعداّ عن الأرض ببطء، ولكن هل ستفقد الأرض قمرها يوماً ما قبل أن تتحول الشمس إلى عملاق أحمر وتدمر الأرض والقمر معاً؟

هل ستفقد الأرض قمرها
هل ستفقد الأرض قمرها يوماً ما؟ حقوق الصورة: Jeremy Horner

يبدو مدار القمر حول الأرض منتظماً انتظاماً عالياً حتى حددت بعض الحضارات مدة الشهر بناءً على حركة القمر لآلاف السنوات. غير أن القمر في الحقيقة ينسل مبتعداً عن الأرض ببطء، لذا هل ستفقد الأرض القمر في مرحلة ما؟

معدل ابتعاد القمر

حدد العلماء المعدل الذي ينجرف فيه القمر مبتعداً عن الأرض، وذلك عن طريق وحدات عاكسة ثبتتها ناسا على القمر خلال مهمات أبولو. واستمر العلماء خلال خمسين سنة بإرسال حزم من الليزر من الأرض إلى هذه المرايا، يتبعها قياس المدة المحتاجة لرصد النبضات المنعكسة.

وقدر العلماء باستخدام سرعة الضوء بالطبع بأن القمر يبتعد عن الأرض بمعدل ٣.٨ سم في السنة. أي بمعدل سرعة نمو أظافر اليدين تقريباً وفقاً لناسا.

ما الذي يحرك القمر؟

يتحرك القمر مبتعداً عن الأرض بسبب التأثيرات الثقالية التي يؤثر بها كل منهما على الآخر. فالسحب الثقالي الناتج عن القمر يجبر محيطات الأرض على الانتفاخ باتجاهه، ما ينتج عنه حركات المد القمري.

وفي المقابل تسبب الأرض ذات التأثير المدي على القمر، الأمر الذي يجعل القمر أشبه بكرة القدم الأمريكية إلى حد طفيف.

يؤدي السحب الثقالي الناتج عن الانتفاخ المدي الأرضي إلى التأثير على القمر. في حين يؤدي تحرك المحيطات بسبب حركات المد القمري إلى التأثير بقوة الاحتكاك على سطح الأرض، ويؤدي ذلك إلى إبطاء حركة دوران الأرض.

فمنذ ما يقارب ٤.٥مليار عام، أي في بداية تشكل القمر، كانت حركة الدورانية للأرض أسرع بكثير، بحيث بلغ طول اليوم ٥ ساعات تقريباً.
وتعمل كل هذه القوى على دفع القمر أبعد عن الأرض.

العزم الزاوي وحركة القمر والأرض

بما أن الأرض والقمر جزءان من النظام الثقالي المتبادل، فإن العزم الزاوي يجب أن يكون مصوناً، أي أن يبقى نفسه بينهما. والعزم الزاوي يصف الطاقة المحتواة في شيء يدور. وكلما دار أسرع، زاد العزم الزاوي الذي يملكه. وكلما أبطأ دورانه قل العزم الزاوي.

وبالطبع لا يؤثر معدل الدوران لوحده على العزم الزاوي فقط، فبعدك عن مركز النظام له تأثير أيضاً. إذ كلما ابتعدنا عن المركز زاد العزم الزاوي، وكلما اقتربنا من المركز قل العزم الزاوي.

وفي نظام الأرض والقمر: عند انخفاض سرعة دوران الأرض حول نفسها، لا بد لشيء ما من زيادة العزم الزاوي وذلك لإبقاء العزم الزاوي مصوناً. فما الذي يزيده؟ يزيده جسم يدور كالقمر ويزيد بعده.

ويرجح أن يكون القمر قد نشأ عن حطام نجم من اصطدام جسم بحجم المريخ بالأرض حديثة النشوء. وساعدت القوى المدية بسحب القمر إلى موقعه الذي يبلغ متوسط بعده عن الأرض ٣٨٤٤٠٠ كم.

تبطئ التأثيرات المدية أيضاً من سرعة دوران القمر حول محوره، ما يؤدي إلى التقييد المدي للقمر بالأرض، أي يظهر دوماً الوجه ذاته من القمر للأرض. وتبطئ هذه القوى أيضاً سرعة دوران الأرض حول نفسها.

الأرض والقمر في المستقبل

في غضون ٥٠ مليار عام، ومع تباطؤ حركة دوران الأرض ستصبح الأرض مقيدة مدياً مع القمر، أي سيظهر من الأرض الوجه ذاته للقمر دوماً. وعند هذه المرحلة سيتوقف ابتعاد القمر والأرض عن بعضهما.

وبعد ٥ مليارات عام من الآن، وعندما تبدأ نهاية الشمس، ستنتفخ متحولة إلى نجم عملاق أحمر. وعند هذه المرحلة تحديداً سيتهدم نظام القمر والأرض بالتأكيد ويدمر.

وإذا استمر القمر بالانجراف بعيداً بعد ٥ مليارات عام بالمعدل ذاته، فعندها سيكون القمر قد تحرك ١٨٩ ألف كم مبتعداً، وعندئذ ستلتهمه الشمس العملاقة الحمراء.
وفي النهاية، لن يغادر القمر الأرض، ولا الأرض ستغادر القمر، بل كلاهما ستزيله الشمس من الوجود.

ملخص المقال

يبتعد القمر في الحقيقة عن الأرض ببطء، فهل ستفقد الأرض القمر في مرحلة ما؟

قدر العلماء أن معدل ابتعاده ٣.٨ سم في السنة. وسبب هذا التباعد هو القوى الثقالية المتبادلة بين الأرض والقمر، ومبدأ مصونية العزم الزاوي.

وإذا استمر الابتعاد إلى مرحلة نهاية الشمس بعد ٥ مليار عام، فسيكون قد ابتعد ١٨٩ ألف كم. وعندها ستلتهم الشمس المنتفخة الأرض والقمر معاً.

المصدر

هنا