هل يجب أن نرسل البشر إلى بلوتو؟

هل يجب أن نرسل البشر إلى بلوتو
صورة بلوتو من مركبة نيوهورايزنز في تحليقها القريب عام ٢٠١٥. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute

درس موقع يونيفرس تودي إمكانية إرسال البشر إلى قمر المشتري المتجمد يوروبا وكوكب الزهرة وتيتان أكبر أقمار زحل، جميعها مع أنها بعيدة جداً ولكل منه بيئته القاسية. ومن خلال المناقشات مع خبراء علم الكواكب، توصلوا إلى أن سفر البشر إلى ما ذكرناه ممكن في المستقبل المنظور، وذلك رغم الظروف القاسية فيها، والزمن الذي تستغرقه الرحلات، خصوصاً إلى تيتان.

ولكن ماذا إذا أردنا أن نرسل البشر إلى أماكن أبعد بكثير في النظام الشمسي، بل وأبعد من تيتان؟ فهل سيكون الكوكب القزم بلوتو وجهة محتملة لإرسال البشر إليها، سواء في المستقبل المنظور أو البعيد؟ ومع أن بلوتو لا يملك قساوة بيئات يوروبا أو الزهرة، ولكنه كما تيتان بعيد جداً، وهذا ما يثير بعض المخاوف. فهل يجب أن نرسل البشر إلى بلوتو؟

إجابة مختصرة

يقول د. ألان ستيرن من مهمة نيوهورايزنز التابعة لناسا: أعتقد بأننا يجب أن نرسل البشر إلى كل مكان في النظام الشمسي. ولكنه قد يكون من المبكر إرسال البشر إلى معظم الأماكن فيه، ومن بينها بلوتو.

والسبب في ذلك أننا لا نعرف الكثير عنه لكي نصمم مهمة مناسبة له. كما أنه يقع على مسافة بعيدة تتجاوز قدراتنا التقنية الحالية ولا حاجة حالية لتكاليفه المادية التي سيكلفها. وقد يكون الأمر بعد ٢٠٠ سنة أو ٥٠٠ سنة مختلفاً كلياً.

هل نستطيع إرسال البشر إلى بلوتو حالياً؟

أطلقت نيوهورايزنز التابعة لناسا عام ٢٠٠٦، وأصبحت أسرع مركبة صنعها الإنسان مما أطلق إلى الفضاء. إذ انطلقت مبتعدة عن الأرض بسرعة ١٦.٢٦ كم في الثانية.

ومع هذه السرعة الهائلة التي مكنتها من الوصول إلى المشتري خلال عام، إلا أنها استغرقت ٨ سنوات و٥ أشهر أخرى لوصولها إلى بلوتو عام ٢٠١٥، على بعد ١٢٤٧٢ كم عن سطحه.

ويرجع ذلك إلى بعد بلوتو الشاسع. فبينما يبعد تيتان عن الشمس ١.٤ مليار كم، يبلغ متوسط بعد بلوتو عن الشمس ٣.٧ مليار كم، في حزام كايبر.

يقول د. مايك براون من معهد كالتك: يبدو من الواضح جداً أننا لن نرسل أي بشر إلى بلوتو أو إلى حزام كايبر أو إلى أي مكان في النظام الشمسي الخارجي. ولا أعتقد بأن أي جماعة عاقلة تفكر بالأمر حالياً أو في المستقبل. هذا شيء لن يحدث أبداً.

هل يمكن إرسال البشر بعد عدة مئات من السنين؟

ستستغرق تقنياتنا الحالية حتى مع مسار تحليق مباشر إلى بلوتو سنوات كثيرة للوصول. وحتى لو انطلقت مركبة مدارية غير مأهولة إلى بلوتو، ستستغرق ما يزيد عن ٢٠ سنة للوصول إليه. وذلك بسبب الحاجة إلى إبطاء سرعتها للدخول في المدار. ولكن هل سيتغير الأمر مع تطور التكنلوجيا بعد عدة مئات من السنين؟

يقول د. ستيرن: الأمر سيكون أسهل في المسقبل البعيد. ولذلك سيكون الأمر أقل تكلفة. وستكون الرحلة إلى بلوتو كأنها نزهة قصيرة مقارنة بالسفر الفضائي اليوم. وأعتقد أننا سنحصل على الكثير من العلم منه.

تحليق نيوهورايزنز القريب من بلوتو

حصلت المركبة أثناء تحليقها المنخفض قرب بلوتو على صور مذهلة لسطحه. وكشفت عن طيف متنوع من سهول نتروجين ملساء، وسلاسل جبلية واسعة من جليد الماء. وقد قدر العلماء بالاستعانة ببيانات أخذت من غلافه الجوي الذي يغلب عليه النتروجين -إضافة إلى الصور- وجود محيط من الجليد السائل تحت سطحه. وقد أعطى ذلك صورة مختلفة تماماً عن بلوتو مقارنة بالنماذج السابقة.

المحاسن والمساوئ والمهام

وهنا يجب أن نسأل: ما المحاسن والمساوئ التي سنقف عليها بإرسال البشر إلى بلوتو؟ وما هي المهام العلمية التي يمكن أن تنفذها بعثة بشرية زيادة على بعثة روبوتية؟

تجيب د آن فيربسير من جامعة فرجينيا وعالمة مشاركة في نيوهورايزنز: لعل المحاسن تتمثل بأن البشر مستكشفون بطبيعتهم أكثر كفاءة من الروبوتات. وهناك الكثير من المساوئ نظراً للصعوبات التقنية على بلوتو بسبب بعده عن الشمس والأرض.

يمكن للبشر أن يقوموا بتجارب مباشرة لا يمكن للروبوتات القيام بها. ولكن يمكن استخلاص الكثير من عدة مهمات روبوتية في البداية قبل إرسال البشر.

ويأتي هذا النقاش لكون قطاع الفضاء لدى الحكومات والشركات الخاصة من المتوقع له أن يتنامى في المستقبل المنظور.

إذ يهدف برنامج أرتيمس التابع لناسا في غضون سنوات إلى إرسال أول امرأة وأول شخص ملون إلى سطح القمر. وتأمل شركة أكسيوم الفضائية إلى تأسيس أول محطة فضاء تجارية في مدار الأرض. وترغب إدراة الفضاء الوطنية الصينية في إرسال رواد إلى القمر بحلول عام ٢٠٣٠، وسبيس إكس تجهز مركبتها ستارشيب وهدفها إرسال البشر إلى المريخ يوماً ما.

ملخص المقال

إن إرسال البشر إلى قمر المشتري المتجمد يوروبا وكوكب الزهرة وتيتان أكبر أقمار زحل ممكن في المستقبل المنظور وفق خبراء. ولكن هل يجب أن نرسل البشر إلى بلوتو رغم بعده الهائل؟

بالطبع يجب استكشاف النظام الشمسي كله. لكن يقول البعض أن ذلك يتجاوز قدراتنا التقنية والمادية حالياً، وقد نحتاج ٢٠٠ إلى ٥٠٠ عام أخرى.

ومن دواعيه بالطبع، أن البشر يمكنهم أن يقوموا بما لا تستطيعه الروبوتات من تجارب وغيرها هناك. ومع تنامي قطاع الفضاء المستمر لا بد من إرسال البشر يوماً ما إلى ما هو أبعد من بلوتو.

المصدر

هنا