هل يمكن لمركبة فضائية أن تحلق إلى داخل عملاق غازي كالمشتري؟
من حيث المبدأ لا يملك المشتري لبّاً صلباً!
دفعت ناسا بثلاث مركبات إلى العمالقة الغازية. واثنتان من هذه المركبات كانتا في نهاية مهمتيهما وهما غاليليو وكاسيني، اللتان لقيتا نهايتيهما في الغلاف الجوي للمشتري وزحل على التعاقب.
ولكن مركبة غاليليو وصلت مع راكب آخر، وهو مسبار صمم لينزل في الغلاف الجوي للعملاق الغازي.
وقد فقد علماء ناسا الاتصال مع المسبار بعد ما يقارب الساعة من دخوله الغلاف الجوي للمشتري، على عمق ١٥٠ كم فيه.
ولم يتيقن العلماء إلى أي عمق وصل المسبار بعد ذلك قبل أن يتحطم. وذلك نتيجة الضغط الجوي الشديد في غلاف المشتري الجوي وحرارته العالية. فهل نتمكن يوماً ما من إرسال مسبار أعمق من ذلك داخل عملاق غازي كالمشتري أو زحل؟
فباعتبار أن هذه الكواكب الهائلة لا تملك سطحاً صلباً لكي تتحطم عليه المركبات بالطبع. فهل يمكن لمركبة فضائية أن تحلق إلى داخل عملاق غازي كالمشتري؟
الإجابة على السؤال
وفقاً لبروفيسور علوم الكواكب في جامعة ليستر ليه فليتشر فالجواب لا. لا يمكن لمركبة فضائية أن تنجو برحلة إلى داخل عملاق غازي.
يقول فليتشر: المشكلة في محاولة التحليق إلى داخل العملاق الغازي هي ازدياد كل من الكثافة والضغط ودرجة الحرارة مع الدخول أكثر ضمنه. إلى درجة أن الهدروجين الغازي الموجود قرب مركز المشتري على سبيل المثال، عادة ما يتحول إلى معدن سائل. الأمر الذي يجعل المكان مجنوناً وأشبه بسطح الشمس.
ولكي نعطي فكرة عن الضغط قرب مركز المشتري، نذكرك بأخدود ماريانا في كوكبنا، وهو أعمق مكان في محيطاتنا. إذ يصبح الضغط على عمق ١١ كم فقط ١٠٠٠ بار تقريباً. ويعادل هذا ضغط ٨ طن لكل إنش مربع. أما عند سطح البحر فتشعر بضغط يبلغ ١ بار.
وبالمقارنة، يقفز الضغط في مركز المشتري إلى رتبة الميغا بار أو مليون بار. وفوق هذا الضغط الهائل كله تأتي الحرارة المرتفعة التي تصل إلى عشرات آلاف الدرجات المئوية.
وعند هذا الحد، ستتعرض أية مركبة فضائية للسحق والذوبان، وستتفكك جميعها إلى ذراتها المكونة لها.
ما الذي ستواجهه المركبة داخل العملاق الغازي؟
إليك ما قد ستواجهه المركبة الفضائية أثناء رحلتها إلى مركز المشتري على سبيل المثال.
أولاً، إن المسبار المثالي الذي سيدخل العملاق الغازي يجب أن يكون على شكل رصاصة، وذلك لكي يحسن ديناميكا الهواء ولكي يسمح بالهبوط إلى أعمق مسافة ممكنة.
ستواجه المركبة في بداية دخولها إلى العملاق الغازي مجموعة من سحب النشادر، ويحتمل أن تمر عبر سماء زرقاء. ويعود ذلك إلى ظاهرة تشتت الضوء نفسها التي تحدث على الأرض.
وبعد عبور المركبة من سحب هيدروسيلفيد النشادر البنية المحمرة والقذرة، ستصل إلى عمق ٨٠ كم تقريباً، إلى منطقة هائلة من السحب الركامية، التي يحتمل أن عواصف برقية ضخمة تضيئها.
أما أعمق من ذلك على مسافة ٧٠٠٠ إلى ١٤٠٠٠ كم، ستواجه المركبة غلافاً جوياً حاراً جداً إلى درجة توهجه. وهناك ترتفع درجة الحرارة إلى عشرات آلاف الدرجات المئوية، ويرتفع الضغط إلى مرتبة الميغا بار. وعندها تبدأ المركبة بالتفكك.
أعمق مناطق المشتري
في هذه المنطقة التي ما تزال غامضة داخل المشتري يتحول الهيدروجين والهيليوم إلى سائل. وقد اكتشف العلماء من مهمة جونو التي أطلقت عام ٢٠١١ أن المشتري لا يملك لباً صلباً بل لباً من مواد منتشرة ومنها النتروجين والكربون وحتى الحديد.
وفي الوقت الذي تصل ليه إلى هذا اللب المغشى فلن يكون لك وجود بعدها.
وصحيح أن جاليليو ومسبارها وكاسيني وحتى مركبتنا المفترضة التي تشبه الرصاصة تتحلل إلى ذراتها المكونة لها، إلا أنها ستبقى في النهاية جزءاً من هذا العملاق الغازي بعدها. فلا شيء يدخل في العملاق الغازي ويختفي أبداً.
ملخص المقال
لا تملك الكواكب الغازية العملاقة لباً صلباً من حيث المبدأ، فهل يمكن لمركبة فضائية أن تحلق إلى داخل عملاق غازي كالمشتري على سبيل المثال؟
الإجابة لا، ويعود ذلك إلى الضغط الشديد الذي يصل إلى رتبة ميغا بار، والحرارة الشديدة التي تصل إلى عشرات آلاف الدرجات المئوية، بالإضافة إلى الكثافة الشديدة.
وما ستواجهه المركبة سحب النشادر في البداية، يليها سحب ركامية على عمق ٨٠ كم، يليه غلاف جوي حار ومتوهج على عمق ٧٠٠٠ إلى ١٤٠٠٠ كم. وعندها تتفكك المركبة نتيجة الضغط والحرارة الشديدين إلى ذراتها المكونة.