٥ ابتكارات لناسا أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية

إن مصطلح «تكنلوجيا الفضاء» يرتبط غالباً بالأجهزة فائقة الحداثة ذات التكاليف الباهظة. ولكن الأمر ليس كذلك بالمطلق. فالعديد من الأدوات التي أصبحت منذ زمن شيئاّ مألوفاً لنا، ظهرت تحديداً بفضل تكنلوجيا عصر الفضاء. وسنخبركم عن ٥ ابتكارات لناسا أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية.

سماعات الرأس اللاسلكية

عام ١٩٦١ وخلال هبوط الكبسولة ليبرتي بيل ٧ في مياه المحيط، فتح الباب بوقت سابق لأوانه. فدخلت المياه إلى الكبسولة، وفقد رائد الفضاء غاس غريسون بسبب ذلك إشارة الاتصال مع المنقذين ونجا من الغرق بأعجوبة.

السماعات اللاسلكية
السماعات اللاسلكية

ولتتجنب ناسا وقوع مثل هذه الحوادث مجدداً، بدأت تطوير أجهزة ذاتية أكثر إحكاماً تبقي الطواقم على اتصال دائم. واتخذت أحدث سماعات رأس للطيارين على الخطوط التجارية أساساً لها.

وتمكن مختصوا ناسا من حل المشكلة، وسرعان ما حصل الرواد على أنظمة اتصال نقال استخدمت بنجاح لاحقاً، خاصة في مهمات الطيران إلى القمر.

ولكن القصة لم تنتهِ عند ذلك. إذا تطورت هذه التكنلوجيا ودخلت السوق المدني، ما أدى للتطور السريع من أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى سماعات الرأس اللاسلكية والأجهزة الذكية الحديثة.

النظارات الواقية من الأشعة فوق البنفسجية

بدأ الباحثون في مختبر ناسا للدفع النفاث بدايات عام ١٩٨٠ دراسة الخواص الضارة للضوء في الفضاء، إلى جانب الإشعاع الصناعي الناتج عند استخدام الليزر واللحام.

وخلال الأبحاث وصل العلماء إلى حقيقة غريبة، ألا وهي أن النسور والعقبان وغيرها من الطيور المفترسة، والتي تملك أكثر رؤية حدة، تنتج غدد في عيونها قطرات زيتية.

تساعد هذه القطرات في تصفية أشد الأشعة الضوئية (الأزرق والبنفسجي وفوق البنفسجي). مما يخفف الانعكاس ويزيد نقاء الرؤية. وبفضل هذه الآلية الطبيعية تستطيع هذه الطيور تمييز فرائسها جيداً من مسافات بعيدة.

النظارات الواقية من الأشعة فوق البنفسجية
النظارات الواقية من الأشعة فوق البنفسجية

وبناءً على نتائج الدراسة، تمكن العلماء من ابتكار طبقة واقية مشابهة قادرة على امتصاص الأشعة الضارة بالبصر وتصفيتها وتبديدها. وتستخدم في إنتاجها أصبغة خاصة وجزيئات صغيرة من أوكسيد الزنك يمكنها امتصاص الضوء فوق البنفسحي. وسرعان ما ركز صناع النظارات الشمسية اهتمامهم على هذه التقنية، ونالت شعبية سريعة.

الكاميرات الرقمية

كاميرا رقمية
كاميرا رقمية

بدأت أول التجارب في بناء كاميرات تعمل دون فيلم في السبعينيات. وفي الثمانينيات كانت ناسا تستخدم تقنية التصوير الرقمي بكثرة ولكن كانت المنظومات الحساسة للضوء التي كانت تستخدم في هذه الكاميرات مكلفة جداً ومعقدة كثيراً لاستخدامها في السوق المدني.

ولكن التقدم المفاجئ حدث عام ١٩٩٣، وذلك عندما قام فريق من مهندسي مختبر الدفع النفاث التابع لناسا يقوده إيريك فوسوم بتطوير مستشعر بصري نشط، وكان أرخص تكلفة وأصغر ويستهلك القليل من الطاقة مقارنة بالمنظومات الحساسة للضوء السابقة.

وفي البداية لم يلقَ الابتكار الجديد الاهتمام اللازم، ولكن تغير كل شيء بعد ثورة الاتصال بالأجهزة النقالة.

إذ سمحت هذه المستشعرات بتركيب كاميرات رقمية في الأجهزة النقالة. كما استخدمت على نحو واسع في أجهزة الفاكس وكاميرات الويب وكاميرات المراقبة وغيرها من الأدوات. لذلك كلما التقطنا صورة سيلفي، فإننا نستخدم تقنية فضائية طورتها ناسا.

المكانس الكهربائية اللاسلكية

أصبحت المكانس الكهربائية اللاسلكية شائعة في السنوات الأخيرة وحلت محل نظيراتها التقليدية. والسبب لا يفاجئ، ألا وهو تكاملها وقابلية حركتها، وكونها مريحة عند الاستخدام. وبالطبع لن يشك أي شخص ينظف بيته بإحداها أنها نتاج للسباق الفضائي نحو القمر!

صورة مكنسة كهربائية لاسلكية
مكنسة كهربائية لاسلكية

فإحدى أبرز مهمات رواد أبولو كان جمع عينات من التربة القمرية. وكان العلماء يهتمون اهتماماً خاصاً بالصخور الموجودة على أعماق كبيرة. ومن أجل الحصول عليها برزت الحاجة إلى أداة حفر صغيرة ذات مصدر طاقة ذاتي.

وقررت ناسا بعد دراسة شاملة للموضوع إبرام عقد لتصنيع مثقب متنقل مع شركة بلاك وديكر. ونجحت الشركة بالمهمة. وقد استخدم الدرس المتعلم من التطوير الناجح لحفار قمري متنقل لبناء أجهزة إلكترونية أخرى للمستهلكين، ومنها على سبيل المثال المثقب المتنقل ومفكات البراغي الآلية وحديثاً مكانس الكهرباء اللاسلكية.

مصفيات المياه

الماء مصدر الحياة، وهذا المقولة تصح في الأرض وفي الفضاء. فبعد كل شيء، الماء مهم لرواد الفضاء لا للشرب فقط، إنما لأغراض أخرى من إنتاج الأوكسجين إلى استخدامها في أنظمة التبريد.

وفي نفس الوقت كل كيلوغرام من الحمولة المرسلة إلى الفضاء تكلّف آلاف الدولارات، والماء بالطبع من بينها، ولا عجب أن تتوجه وكالات الفضاء إلى إعادة تدوير كل قطرة مياه في الفضاء.

صورة فلتر المياه

والحل الرئيسي لهذه المشكلة هو أنظمة لتصفية المياه يمكن الاعتماد عليها. ولكن ليست كل المصفيات بذات الكفاءة، فبعضها يتعامل مع الأوساخ بشكل جيد، ولكن ليس لها قدرة على التعامل مع الفيروسات والجراثيم وهي خطيرة على حياة الرواد.

ولحسن الحظ تمكن المهندسون باستخدام الخبرة المتراكمة عبر سنين من عصر الفضاء في بناء أنظمة تصفية مياه فعالة تجعل إعادة استخدام المياه عملية آمنة. والشركات التجارية على استعداد لاستخدام هذه التقنية.

ومن الأمثلة الجيدة عبوات التصفية التي طورتها شركة أوكو مدعومة من ناسا. وهي تتألف من مصفاتين منفصلتين يمكنهما أن تحصرا الأحياء الدقيقة الضارة ثم تقتلانها بشوارد الفضة. وحالياً تستخدم فلاتر هذه الشركة في أكثر من ١٢٠ بلداً حول العالم.

وما ذكرناه ليس الأمثلة الوحيدة، فالعديد من مصفيات المياه وأنظمة تنقية المياه تستخدم حلولاً تقنية اختبرت بداية في الفضاء.

ملخص المقال

إن العديد من الأجهزة المنزلية والأدوات يعود الفضل في ابتكارها إلى تكنلوجيا الفضاء، ومنها ٥ ابتكارات لناسا أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، وهي:

  1. سماعات الرأس اللاسلكية
  2. النظارات الواقية من الأشعة فوق البنفسجية
  3. الكاميرات الرقمية
  4. المكانس الكهربائية اللاسلكية
  5. مصفيات المياه

المصدر

هنا