٨ أفكار مثيرة عن الثقوب السوداء
الثقوب السوداء غريبة بحق.
هل هناك في الكون ما هو أكثر إذهالاً من الثقوب السوداء؟ وحوش الجاذبية الغريبة هذه لا تحني الزمان والمكان فحسب، بل وحتى التفكير بها يمكن أن يوسع ويلوي مخيلات الناس أيضاً.
وإلى جانب السمات الآسرة التي ربما سمعت بها، ككتله الهائلة وحجمها. فالثقوب السوداء تملك عشرات من الصفات الشاذة الأخرى غير المعروفة بالطبع. وسنلقي الضوء على أكثر ٨ أفكار مثيرة عن الثقوب السوداء، والاحتمالات النظرية التي تتعلق بهذه الغرائب الكونية.
١- لربما للثقب الأسود ‹شَعر›
اقترح العالم الفيزيائي جون ويلر في الستينيات أن الثقوب السوداء «ليس لها شعر». ويعني بذلك أن كل جسم كوني بعينه يمكن تمييزه عن أخوته عن طريق دورانه وزخمه الزاوي وكتلته. وأي معلومة فارفة أخرى عن الثقوب السوداء تعتبر «شعرة». ويعتقد أنها تختفي خلف أفق حدث الثقب الأسود المبهم. وهو حد يحيط بالثقب الأسود لا يمكن لشيء أن يتخطاه أو الإفلات منه، ومن بينها الضوء.
وبالانتقال إلى ٢٠١٦ مباشرة، افترض العالم ستيفن هوكينغ أن الثقوب السوداء لها ما يشبه تسريحة الشعر الغزيرة، تتكون من جسيمات شبحية منعدمة الطاقة. وأن كتلة الشعر الكثيف تلك تحتوي معلومات عن المواد التي ابتلعها الثقب الأسود.
ولم تثبت هذه الفرضية بعد، ولكنها يمكن أن تساعد في حل الإشكال القائم منذ زمن بعيد عمّا يحدث للغاز والغبار الذي يسقط في داخل الثقب الأسود.
٢- تندفق نوافير من الثقوب السوداء
لا ينبغي أن يتمكن شيء من الإفلات من قبضة الجاذبية الهائلة للثقب الأسود. ولكن هذا ينطبق فقط على المادة التي تقترب بشدة من حافة الثقب الأسود. والعديد من الثقوب السوداء في الحقيقة محاطة بتيارات من الغاز والغبار. حيث تدور حول الثقب، كما تدور المياه حول مصرف المياه.
يولد الاحتكاك في هذه المواد الحرارة. والتي تكوّن بدورها تشكيلات تدور بعنف كالعاصفة في الغاز والغبار.
وتشير عمليات الرصد الأخيرة بأن هذه الحركة تولد أيضاً حلقات مقوسة تحيط بأعمدة داخلية من المادة. وتنطلق مباشرة إلى الفضاء، لتكون بذلك شبيهة بنافورة المياه.
٣- يمكن للثقوب السوداء أن تتلاشى
توفر ميكانيك الكم للجسيمات طريقة أخرى للإفلات من الثقب الأسود. فوفقاً لنظرية الكم، فإن أزواج الجسيمات دون الذرية تختفي وتظهر إلى الوجود باستمرار كالوميض، وذلك حول أفق حدث الثقب الأسود.
ومن وقت لآخر تصطف هذه الجسيمات بالطريقة المناسبة تماماً لكي يسقط أحدها في الثقب الأسود.
وعندها يقذف النظير الثاني المطابق لهذا الجسم بعيداً بسرعة عالية جداً. سارقاً من الثقب القليل من الطاقة.
وهذا يعطي ما يعرف بإشعاع هوكينغ، تيمناً بستيفن هوكينغ الذي اكتشف الظاهرة. ولأن الطاقة والكتلة متساويان، فهذا يسبب تقلص الثقب الأسود. وفي النهاية يتلاشى، على مدى فترات زمنية كبيرة.
٤- الثقوب السوداء قد تكون محاطة بجدار من النار
إحدى مشكلات إشعاع هوكينغ هو أنه يخلق ألغازاً للفيزيائيين. فالجسيمات دون الذرية التي ينتجها هذا الإشعاع متشابكة. وهذا يعني أن ما يحدث بإحدها يتأثر به الآخر.
فإذاً ما الذي يتأثر به النظير الثاني الذي لا يقع في الثقب الأسود عندما يقع نظيره وينسحق في نقطة شديدة الكثافة؟ لا أحد يعلم.
تقول إحدى النظريات أن الثقب الأسود يخرب هذا التشابك بين الجسيمات. وهذا وفقاً لقوانين ميكانيك الكم ينتج كمية جنونية من الطاقة. وهذا يعني بدوره أن كل الثقوب السوداء محاطة بجدران مضطربة من النار.
٥- الثقوب السوداء قد تبتلع المعلومات وقد لا تفعل
من الصعب تأطير كتلة الثقوب السوداء الهائلة في قوانين ميكانيك الكم بالطبع. والتي تقول بأن المعلومات عن الجسيمات لا يمكن أن تدمر.
ولكن المادة التي تنزلق خلف حافة الثقب الأسود مصيرها أن تضيع إلى الأبد لصالح الكون. ويدعى هذا اللغز مفارقة معلومات الثقب الأسود.
وهو يراوغ العلماء حتى يومنا. وتشير الأبحاث الأخيرة إلى أن المعلومات التي تدخل ضمن الثقب الأسود يمكنها أن تمرر إلى الجسيم النظير في خارج الثقب الأسود في إشعاع هوكينغ. وعلى أي حال، لا يوجد إجابة قاطعة لهذه المفارقة.
٦- الثقوب السوداء يمكن أن تكون مادة مظلمة
يفترض بعد الانفجار العظيم بقليل بأن الكون شكل الكثير من الثقوب السوداء الصغيرة. ولأن هذه التشكيلات تكون أجساماً مرتفعة الكتلة ولا تعطي أي ضوء، بالتالي قدر بعض العلماء أن هذه الثقوب السوداء البدائية مسؤولة عن المادة المظلمة. وهي تلك المادة الغامضة التي تتكون منها معظم المادة في الكون.
ولكن الفكرة محل جدل، وذلك بسبب استبعاد بيانات مرصد لايغو أن الكون مملوء بثقوب سوداء صغيرة.
ولربما هناك ثقوب سوداء متوسطة الحجم، ومع هذا تشير عمليات الرصد بأنها تشكل بأقصاها ١٪ إلى ١٠٪ من المادة المظلمة.
٧- المادة قد تسافر إلى المستقبل في الثقوب السوداء
تواجه الثقوب السوداء مشكلة اللانهاية. حيث أن كتلة الثقب الأسود منحشرة في نقطة كثيفة غير متناهية الصغر. وهذا ليس منطقياً من الناحية الفيزيائية أبداً. لذلك بحث العلماء عن إطارات بديلة ليعرفوا عن الثقوب السوداء.
وأحد هذه الطروحات هو نظرية الجاذبية الكمومية الحلقية والتي تشير إلى أن نسيج الزمكان شديد الانحناء قرب مركز الثقب الأسود. وهذا ينتج عنه أن جزءاً من الثقب الأسود يمتد للمستقبل. أي أن المادة التي يمتصها قد تسافر نحو المستقبل. وحتى الآن ما تزال الفكرة نظرية.
٨- قد يكون العلماء قد رصدوا ثقوباً سوداء من كون آخر
تشير إحدى الملاحظة عالية الإثارة للجدل أن كوننا أتى متأخراً. وربما كان هناك أكوان أتت قبل كوننا في الحقيقة، ولربما حوت ثقوباً سوداء.
يقول الرياضي والفيزيائي روجر بينروز بأن أشعة الخلفية الكونية -وهي من بقايا الانفجار العظيم- تحوي بصمات هذه الثقوب السوداء من وقت أسبق. وقال بعض العلماء أن بيانات العالم روجر ليست إلا لغطاً عشوائياً ولكن احتماله يبقى مثيراً بالطبع.
ملخص المقال
لا يوجد في الكون ما هو أكثر إذهالاً من الثقوب السوداء. إنها وحوش الجاذبية تحني الزمان والمكان ومخيلات الناس معها. وإلى جانب ما تعرفه عنها هناك أفكار لا تعرفها عنها بالطبع. يلقي هذا المقال الضوء على أكثر ٨ أفكار مثيرة عن الثقوب السوداء وهي:
- لربما للثقب الأسود ‹شَعر›
- تندفق نوافير من الثقوب السوداء
- يمكن للثقوب السوداء أن تتلاشى
- الثقوب السوداء قد تكون محاطة بجدار من النار
- الثقوب السوداء قد تبتلع المعلومات وقد لا تفعل
- الثقوب السوداء يمكن أن تكون مادة مظلمة
- المادة قد تسافر إلى المستقبل في الثقوب السوداء
- قد يكون العلماء قد رصدوا ثقوباً سوداء من كون آخر