ما لون الغروب على الكواكب الأخرى؟

لون الغروب الأزرق على كوكب المريخ
الشمس تغرب وراء الأفق في مشهد بانورامي رائع. صورته مركبة المريخ الجوالة سبيريت التابعة لناسا عام ٢٠٠٥. حقوق الصورة: NASA/JPL/Texas A&M/Cornell

إن سماء الغروب ذات اللون الأحمر الملتهب والصفرة ميزة يتفرد بها كوكبنا. ولكن ما لون الغروب الذي يظهر في الكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسية؟

لون الغروب على الكواكب الأخرى

تعتمد الإجابة على الكوكب بعينه. فعلى المريخ، تشرق الشمس وتغرب يرافقها وهج أزرق اللون. وعلى أورانوس، يتراوح لون غروب الشمس بين الأزرق والفيروزي وفقاً لناسا. أما على تيتان، وهو أحد أقمار زحل، يتغير لون السماء من الأصفر إلى البرتقالي إلى البني أثناء اختفاء الشمس وراء الأفق.

لماذا تختلف ألوان الغروب على الكواكب؟

لا تتماثل ألوان الغروب بين الكواكب، وقسم كبير من هذا يعود إلى أن ه‍ذه الألوان نتيجة للغلاف الجوي لكل كوكب. وتتبع هذه الألوان كيفية بعثرة الجسيمات في هذا الغلاف الجوي لضوء الشمس. وهذا وفقاً للبروفيسور كورت إهلر، مؤلف الورقة البحثية عام ٢٠١٤. والتي درست سبب لون الغروب الأزرق على المريخ.
يقول إهلر: إن الأمر مربك، فكل منا لديه فكرة مسبقة بأن آلية الغروب مطابقة لما نراه على الأرض. ولكن هذا غير صحيح.
فالغلاف الجوي على الأرض يتكون من جزيئات غازية صغيرة، يشكل النتروجين والأوكسجين القسم الأكبر منها. وهذه الغازات ذات فعالية عالية في بعثرة أمواج الضوء القصيرة كالأزرق والبنفسجي، مقارنة بالطويلة. أي أنها تمتص الضوء وتعيد إصداره في اتجاهات مختلفة. يسمى هذا التشتيت الانتقائي الذي تسببه جزيئات الغاز الصغيرة تشتت أو تبعثر رايلي. وهو سبب رؤيتنا للسماء زرقاء اللون في منتصف النهار. أما في وقت الغروب والشروق، ينبغي أن يسير الضوء لمسافة أطول، فتزداد كمية الضوء الأزرق المبعثرة. وما يصل إلى خط رؤيتنا هو الأمواج الأطول، أي الحمراء والصفراء. مشكّلة بذلك تدرجات الألوان التي نراها.

تشتت أطوال الأمواج الضوئية
لاحظ أنه عندما تتشتت أطوال موجية معينة، تصدر مجدداً باتجاهات مختلفة. حقوق الصورة: Shutterstock

لون الغروب في الغلاف الجوي الذي يغلب فيه الغاز

أي كوكب يغلب الغاز على غلافه الجوي سيتبع النموذج ذاته. أي بروز ألوان الأمواج الضوئية الأطول في وقت الغروب والشروق. فعلى أورانوس على سبيل المثال، تقوم جزيئات الهدروجين والهليوم والميثان في غلافه الجوي بتشتيت أمواج الضوء الأقصر، الخضراء والزرقاء. بينما تمتص أمواج الضوء الحمراء الأطول، ولا تعيد إصدار جزء كبير منها وفقاً لناسا. وهذا ينتج السماء الزرقاء الفاتحة التي تتحول إلى الفيروزي عند الغروب. وذلك بسبب بعثرة الضوء الأزرق بعيداً مقارنة بالأمواج الضوئية المائلة إلى الأخضر وهي الأطول.

لون الغروب في الغلاف الجوي الذي تغلب فيه جزيئات غير غازية

إذا كان الغلاف الجوي للكوكب يغلب عليه شيء آخر غير الغاز، فسيختلف كل شيء يتعلق بالغروب على سطحه. ومثال على ذلك الغروب المريخي الأزرق. إن كثافة الغاز في غلاف المريخ الجوي تبلغ ١/٨٠ من كثافته على الأرض. لذلك تسيطر جزيئات الغبار الأكبر على عملية تشتيت الضوء على نحو رئيسي.
وفي دراسة بحثية أجراها إهلر وزملاؤه عام ٢٠١٤. استخدمت بيانات من مركبة المريخ الجوالة سبيريت. وقد وجدت أن غبار المريخ يشتت الضوء تشتيتاً يختلف جداً عن تشتيت جزيئات الغاز له. والسبب الكامن وراء لون الغروب المريخي الأزرق هو النمط الذي يتشتت فيه الضوء على جزيئات الغبار هذه.

اختلاف تشتت الضوء بين جزيئات الغاز والغبار

تشتت جزيئات الغاز الضوء في كل اتجاه، كالجزيئات الغازية الموجودة على الأرض. وعلى النقيض، فإن الغبار يشتت الضوء في اتجاه واحد، وهو الاتجاه نحو الأمام. إضافة إلى ذلك، تشتت جزيئات الغبار الضوء الأحمر بزوايا أكبر مما يتشتت به اللون الأزرق. ولأن مجال تشتت الأزرق لا يكون واسعاً، فإنه يصبح أكثر تركيزاً. لذلك فإن الضوء الأزرق أعلى كثافة بستة مرات من الضوء الأحمر على المريخ.
وعندما تنظر إلى غروب المريخ، فإنك سترى في الواقع أن قرص الشمس لونه أبيض. ذلك لأن الضوء لا يغير لونه عندما يمر عبر غلاف المريخ الجوي. ويوجد حول الشمس وهج مزرق اللون. وكلما ابتعدنا عنها تبدو السماء محمرة. وهناك أنت ترى الأمواج الضوئية الحمراء متبعثرة في زوايا أكبر.
أما في الكواكب والأقمار الأخرى، فمن المستحيل تقريباً أن تتنبأ كيف سيبدو غروب الشمس دون أن يكون لديك فهم وافٍ عن تركيبة أغلفتها الجوية. فإذا كانت هذه الأجرام تمتلك غلافاً غازياً، فتوقع أن ترى أطوال الأمواج الضوئية الأطول عند الغروب.
وعندما تغلب مواد أخرى على الغلاف الجوي، فلا نستطيع التبنأ بلون الغروب. فإن اختلاف أنواع الغبار وتوزعاته الحجمية سيشتت الضوء بطرق فريدة. وإذا كنت تعتقد أن الغروب على كوكب الأرض مدهش، فعليك أن تعيد التفكير. فهذه خصيصة تتميز بها الكواكب ذات الغلاف الغازي.

ملخص المقال

قد تتساءل ما لون الغروب على الكواكب الأخرى. والإجابة أنها قد تختلف تبعاً لنوع الغلاف الجوي والجزيئات والجسيمات التي تسيطر عليه. فالغلاف الجوي الذي تغلب فيه الجزيئات الغازية، ستبرز فيه ألوان الأمواج الضوئية الأطول في وقت الغروب والشروق. كاللون الأحمر والأصفر على الأرض على سبيل المثال. أما الغلاف الذي تغلب فيه مواد أخرى كالغبار، فتختلف الألوان تبعاً لنوع وحجم جزيئاته. ذلك لأنها تشتت الضوء بطرق وزوايا مختلفة. مثال ذلك لون الغروب المريخي الأزرق، الذي ينتج عن تشتت الضوء على جزيئات الغبار بطريقة خاصة به.

 

مصادر: livescience