هل العواصف الشمسية تسبب التسونامي؟
كيف يمكن لهذه الانفجارات الشمسية أن تسبب هذه الأمواج الضخمة؟
للشمس مزاج حاد، وغالباً ما تطلق العنان له ليتبدى بشكل عواصف شمسية. حيث تقذف كميات ضخمة من البلازما متداخلة مع جسيمات مشحونة، يمكنها أن تعبث بالأقمار الصناعية والإنترنت ونظام تحديد المواقع العالمي على الأرض.
مع كل الدمار الذي تكون هذه الانفجارات الحارقة قادرة عليه، هل يمكن لهذه العواصف الشمسية أن تسبب التسونامي على الأرض؟
العواصف الشمسية والتسونامي
الإجابة المختصرة على هذا السؤال: الرياح الشمسية لا تسبب التسونامي على نحو مباشر. وذلك لأن التسونامي لكي تحدث على الأرض يجب أن تضرب هزة أرضية قاع المحيط. لتزيح الماء بعد ذلك وتولد موجة عملاقة هائلة السرعة عبر عمود الماء كله.
ومثل هذه الزلالزل تسببها حركة الصفائح التكتونية ذاتها التي تثير البراكين وتسبب اهتزاز المدن.
ولكن مهما كان يبدو من المرعب أن تجلد الأرض بالرياح البلازمية الشمسية الناتجة عن لهب الشمس (دفقات كثيفة من الإشعاع الكهرومغناطيسي من الشمس). أو من الانبعاثات الكتلية الإكليلية الشمسية (سحابة ضخمة من الجسيمات المشحونة كهربائياً من الشمس تتحرك بسرعات عالية). فهذه القوى لا يمكن أن تسبب مباشرة خروج تسونامي من بطن المحيط.
ومع هذا، يقول بعض الباحثين أن العواصف الشمسية تؤدي بشكل غير مباشر إلى التسونامي على الأرض.
تسونامي في الشمس
يتوافق العلماء على أن العواصف الشمسية يمكنها أن تسبب موجات صدمة من نمط تسونامي. أو ما يسمى تسونامي شمسية. ولكنها تلحق الضرر بالشمس لا بالأرض. وقد رصدت ناسا هذه الظاهرة عام ٢٠٠٦.
تعرف موجة الصدمة هذه باسم موجة موريتون أيضاً، وقد كانت قوية إلى درجة ضغطت فيها الهيدروجين وغازات أخرى ورفعت حرارتها في الشمس. وذلك إلى الدرجة التي زادت إشعاعات احتراق الشمس بكاملها. وقد حدث ذلك لدقائق فقط.
يظهر في صورة الشمس مزيج من الضوء فوق البنفسجي
بقايا انفجارات شمسية على الأرض
بعض الانفجارات الشمسية شديدة جداً إلى درجة أنها تترك أثراً على الأرض! فقد وجد فريق من العلماء في بحث عام ٢٠٢٢ دليلاً عن دقائق ناجمة عن انفجار شمسي أصابت غرينلاند منذ ٩ آلاف عام تقريباً.
حيث احتبست جسيمات دخلت مع الرياح الشمسية في قلب الجليد وكشف عنها لاحقاً في المختبر. وهذا الحدث الضخم لم يثر تسونامي على الأرض.
ولكن دراسة عام ٢٠٢٠ تحدثت عن رابط محتمل بين العواصف الشمسية والزلازل الضخمة على الأرض. وهي زلازل يعرف عنها تسببها بالتسونامي.
حيث وجد ترابط مرتفع بين الزلازل الكبيرة حول العالم والكثافة البروتونية قرب الغلاف المغناطيسي، وذلك بسبب الرياح الشمسية. وهذه النتيجة مهمة من أجل تطبيقات مستقبلية في التنبؤ بالزلازل.
إن العواصف الشمسية التي تؤثر على الأرض نتيجة للوهج الشمسي أو الانبعاثات الكتلية الإكليلية الشمسية
وهي تحدث عندما تتشابك الحقول المغناطيسية على الشمس أو تنقطع. وكلاهما ينفجر بكميات هائلة من الطاقة ويطلق رياحاً شمسية كثيفة إلى الفضاء.
وعندما تصل الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية طبقة الأينوسفير في غلاف الأرض، وهي آخر طبقة في الغلاف الجوي. فإنها تسبب الخلل في إشارات الأقمار الاصطناعية ونظام تحديد المواقع.
وقد يسبب تداخلها مع الغلاف المغناطيسي أكثر من ذلك. فالغلاف المغناطيسي للأرض يصل مداه أبعد من الأينوسفير. وفي هذه المنطقة المحيطة بالأرض للحقول المغناطيسية تأثيرات كبيرة، تغير شاكلتها الرياح الشمسية التي تخترق هذه الحقول.
كيف تؤدي الرياح الشمسية إلى التسونامي؟
يفترض باحثون بأن الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية التي تضرب الغلاف المغناطيسي للأرض، يمكن أن تؤثر على شدة الزلازل.
حيث يعتقدون باحتمال ارتباط هذه الجسيمات بحركة الصفائح التكتونية. وذلك لأن كهرباءها يمكنها أن تفاقم الاضطراب الموجود، كما في انزلاق الصفائح التكتونية. والانزلاق التكتوني يحدث عندما تدفع صفيحة تكتونية صفيحة أخرى تحتها.
حيث قالوا بأنه كلما زادت بروتونات الرياح الشمسية التي تصطدم بالغلاف المغناطيسي للأرض، زاد احتمال جعلها الزلازل أشد. ويسبب بعض هذه الزلازل التسونامي.
ولكن هذه الفرضية ما زالت نظرية، حيث لم تتفحص عدد حوادث التسونامي خلال فترات الرياح الشمسية في ذروتها أو أقصى انخفاضها.
وهناك ما يؤيد هذه الفكرة، ففي دراسة عام ٢٠١١، لاحظ العلماء أن الزلازل زادت خلال فترة ذروة النشاط الشمسي. وهي المدة الزمنية ضمن دورة الشمس البالغة ١١ عاماً، والتي تكون فيها الشمس بأعظم نشاط لها.
ويكثر احتمال إطلاق الشمس خلالها دفقات من الرياح الشمسية يمكن أن تشوه شكل الغلاف المغناطيسي الأرضي. وهذا يمكن أن يؤدي لمزيد من الضغط على قشرة الأرض. وذلك عن طريق دفع الحقل المغناطيسي الأرضي للصفائح التكتونية المتوضعة أسفل القشرة. مؤثرة بذك على الزلالزل المسببة للتسونامي.
هل هذه النتائج صحيحة؟
حتى الآن لا يزال الجدل قائماً حول هذه النتائج. ففي عام ٢٠١٢ فنّد علماء الجيوفيزياء في مقال علمي ذلك، قائلين بأن العلاقة بين الزلازل والعواصف الشمسية غير مثبتة بعد.
«يتبين أن العلاقة بين النشاط الشمسي والزلازل ظاهرة مخادعة».
إذاً، فالعواصف الشمسية المرعبة قرب الشمس أكثر منه في الأرض، لا تسبب التسونامي مباشرة على الأرض. فالنشاط التكتوني مستمر بغض النظر عن النشاط الشمسي.
إما إذا كانت الجسيمات التي تطلقها الرياح الشمسية تبذل أي قوة على الصفائح التكتونية، فهذا ما زال غامضاً.
ملخص المقال
تقذف الشمس كميات ضخمة من البلازما مع جسيمات مشحونة، يمكنها أن تعبث بالأقمار الصناعية والإنترنت ونظام تحديد المواقع العالمي على الأرض.
والسؤال هل تسبب هذه العواصف الشمسية التسونامي؟
والإجابة المختصرة على هذا السؤال: لا تسبب التسونامي على نحو مباشر. فالتسونامي تحدث نتيجة هزة أرضية ضخمة تضرب قاع المحيط.
لكن يفترض باحثون بأن الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية التي تضرب الغلاف المغناطيسي للأرض، يمكن أن تؤثر على شدة الزلازل. التي تسبب التسونامي بدورها.
وحتى الآن لا يزال الجدل قائماً حول هذا الافتراض، والعلاقة بين الزلازل والتسونامي والعواصف الشمسية غير مثبتة بعد.