كم تستغرق لفة واحدة حول سطح القمر؟

قد تكون أسرع مما كنا نعتقد، ولكنها كابوس لوجستياً في الحقيقة.

القمر
حقوق الصورة: Shutterstock

من نقطة نظرنا على الأرض يبدو القمر صغيراً. ولكن إذا قدر لك أن تصعد في مركبة فضائية، وأن تلبس بذة فضائية، وأن تنطلق في تجوال طويل على القمر، فكم تستغرق لفة واحدة حول سطح القمر؟

تعتمد الإجابة على عدد ضخم من العوامل بالطبع، من بينها سرعتك، وكم يمكنك أن تمضي من الوقت كل يوم في السير، وأي الطرق يجب أن تتخذها لتجنب التضاريس الخطرة.

إذاً مثل هذه الرحلة حول القمر قد تستغرق سنة. وفي الواقع هناك الكثير من التحديات لمواجهتها.

وللعلم، عدد الذين حطوا بأقدامهم على سطح القمر ١٢ إنساناً. وجميعهم ضمن بعثات أبولو بين عامي ١٩٦٩ و ١٩٧٢. وأظهرت الصور التي أرسلت للأرض كم كان المشي صعباً على أرض القمر منخفضة الجاذبية، أو لنقل القفز. حيث تعادل جاذبيته جاذبية الأرض.

وعلى أي حال، أشارت أبحاث ناسا منذ ذلك الوقت أنه من الممكن للإنسان المناورة على القمر أسرع مما فعله رواد أبولو. فمن الناحية النظرية، السير حول محيط القمر قد ينجز أسرع مما كان متوقعاً.

حث الخطى

خلال مهمات أبولو وثب الرواد على سطح القمر بسرعة ٢.٢ كم في الساعة. وهذه السرعة المنخفضة تعود بشكل رئيسي إلى البذات الثقيلة والمضغوطة بالطبع، والتي لم تأخذ الحركة في عين الاعتبار عند تصميمها.

فإذا امتلك رواد القمر بذات رياضية أخف سيجدون المشي على القمر أسرع، وبالتالي سيحثون الخطى.

اختبرت دراسة لناسا عام ٢٠١٤ السرعة التي يمكن أن يمشي بها البشر في بيئة تحاكي بيئة وجاذبية القمر. وقد أشركو ٨ افراد، ٣ منهم رواد فضاء. وذلك لكي يستخدموا جهاز الجري على متن المركبة DC-9، حيث طارت هذه المركبة في مسارات على شكل قطع مكافئ على الأرض، لتحاكي جاذبية القمر. وذلك لمدة ٢٠ ثانية في كل مرة.

وقد أظهرت التجربة أن المشاركين استطاعوا السير بسرعة ٥ كم في الساعة قبل البدء بالركض. وهذا ليس فقط ضعف سرعة رواد أبولو، بل قريب من متوسط السرعة على الأرض البالغة ٧.٢ كم في الساعة.

وقد أنجز المشاركون هذه السرعات لأنهم كانوا يستطيعون تحريك أذرعهم بحرية بالطبع. وذلك على نحو مشابه لركض الإنسان على الأرض.
حيث أنشأت هذه الحركة البندولية قوة نحو الأسفل، عوضت قليلاً عن ضعف الجاذبية. ولعدم تمكن رواد أبولو من تلويح أذرعتهم بسبب بذاتهم الثقيلة، كانوا بطيئين.

القمر
حقوق الصورة: Shutterstock

وعند هذه السرعة الافتراضية القصوى، سيستغرق المشي التفافاً على محيط القمر مرة واحدة مسافة ١٠٩٢١ كم مدة ٩١ يوماً.

ولكي نفهم ذلك، سيستغرق قطع مسافة محيط الأرض البالغ ٤٠٠٧٥ كم دون توقف بهذه السرعة ٣٣٤ يوماً. وبالطبع من المستحيل القيام بذلك بسبب المحيطات.
وبالتأكيد لن تستطيع المشي دون توقف لمدة ٩١ يوماً، لذا ستستغرق الدورة أكثر من ذلك بقليل.

التخطيط لمسارك

يفرض المشي حول القمر العديد من التحديات أيضاً. فالأمر ممكن لوجستياً لكنه سيكون مهمة غريبة.
وأحد أكبر التحديات هو وجوب حمل الموارد من ماء وطعام وأوكسجين.

وبالطبع لن تستطيع حملها بحقيبة، فهي ثقيلة حتى مع جاذبية بسدس جاذبية الأرض. لذا تحتاج مركبة لحملها ولتكون مأوىً أيضاً.

والعديد من الوكالات تفكر بمركبة جوالة مضغوطة، تدعم الرواد أثناء مهامهم. فتكون مثل محطة صغيرة متنقلة. فيمكن الدخول إليها في الليل، والخروج وإكمال المسير في النهار.

 

أيضاً يحتاج مغامروا القمر بذة فضاء تسمح بحرية الحركة. فما يزال تصميمها حالياً لا يأخذ التنقل بعين الاعتبار كثيراً. ولكن بعض الوكالات تطور بذات تسمح بحركة أرجحة اليدين، ليكون المشي طبيعياً على القمر.

أيضا هناك تضاريس القمر القاسية، حيث ستجعل إيجاد طريق مناسب صعباً. خصوصاً بوجود فوهات صدمية تمتد لأميال. وبالطبع من الأفضل الالتفاف حولها لخطورتها.

وأيضاً عليك أخذ أمر الضوء ودرجة الحرارة بعين الاعتبار عند التخطيط لمسارك. فعند خط الاستواء القمري تبلغ درجة الحرارة في النهار ١٠٠ درجة مئوية. وتنخفض في الليل إلى ١٨٠ درجة تحت الصفر.

وأيضاً الدورة حول القمر تعني وجود أيام فيها القليل من ضوء الشمس أو انعدامه. ويجب أن تقوم بنصف الرحلة تقريباً في الظلام.

إن تزويد الحماية من درجات الحرارة هذه ممكن بتصميم بذات مناسبة ومركبات جوالة مناسبة. ولكن هذه الحرارة يمكن أن تغير حالة الطبقة الغبارية التي تغطي أرض القمر الصخرية. وبالتالي تؤثر على السرعة التي يمكنك المشي بها.

القمر
صورة من مهمة أبولو ١٧ عام ١٩٧٢. حقوق الصورة: NASA/JSC

هناك أيضاً خطر أعظم، وهو الإشعاع. فالقمر ليس له حقل مغناطيسي يحرف الإشعاع كما الأرض ويمنعه من الوصول لسطحه.

إن حالة الشمس الطبيعية غير خطرة، ولكن إن كانت هناك توهج شمسي أو انبعاثات إكليلية شمسية، وأصابك ذلك القدر من الإشعاع فسيؤذيك أذية كبيرة.

فالوهج الشمسي والانبعاثات الإكليلية الشمسية يحرران كميات هائلة من الطاقة والجسيمات الممغنطة، مع اختلاف أنواعها ومدة كل منها والطريقة التي ينتقل فيها الإشعاع في الفضاء.

كما تتطلب مثل هذه المهمة الكثير من تدريبات التحمل، وذلك بسبب الحاجات المطلوبة للحركة في جاذبية منخفضة من أجهزة عضلاتك وأوعيتك الدموية. أي يجب أن يكون الرائد بمستوى ماراثواني فائق.

ماذا إذا تغلبنا على كل الصعوبات؟

وحتى لو توفر ذلك، سيكون المشي بأقصى سرعة ممكناً لثلاث أو أربع ساعات في اليوم. فإذا مشى الشخص بسرعة ه كم في الساعة، لمدة ٤ ساعات في اليوم، فيستغرق إنهاء اللفة حول القمر ٥٤٧ يوماً، أو ١.٥ عاماً.

وذلك بافتراض عدم وجود الكثير من الفوهات الصدمية في طريقك، وأنك تعاملت مع درجات الحرارة والإشعاع.

ومن المتوقع أن لا يمتلك الإنسان التكنلوجيا التي تمكنه من ذلك حتى العقد أو العقدين القادمين. ولن تقوم بها وكالة ما، بل فقط في حال أراد أحد المليارديرية القيام بهذا بالطبع!

ملخص المقال

إذا قدر لك أن تصعد في مركبة فضائية، وأن تنطلق في تجوال طويل على القمر، فكم تستغرق لفة واحدة حول سطح القمر؟
في الواقع هناك الكثير من التحديات لمواجهتها، ومنها:

  • وجوب حمل الموارد من ماء وطعام وأوكسجين وهذا يحتاج مركبة متنقلة.
  • بذة فضاء تمكن من تلويح الأذرع.
  • الالتفاف حول تضاريس القمر القاسية.
  • تأمين الحماية من تفاوت درجات الحرارة الشديد والإشعاع وتأمين الضوء.
  • تمرينات تحمل لرواد الفضاء بمستوى ماراثوني فائق.

فإذا تغلبنا على كل ذلك وسرنا بسرعة ٥ كم في الساعة:
يستغرق المشي التفافاً على محيط القمر مرة واحدة مسافة ١٠٩٢١ كم مدة ٩١ يوماً. وذلك دون توقف.
ويستغرق بالسير لمدة ٤ ساعات في اليوم: ٥٤٧ يوماً، أو ١.٥ عاماً.

المصدر:

لايف ساينس