كم تعمّر النجوم؟

الإجابة المختصرة: الأمر يعتمد على حجم النجم.

أعمدة الخلق
التقط تلسكوب هابل هذه الصورة بالأشعة تحت الحمراء لأعمدة الخلق في سديم العقاب. ويمكن رؤية الضوء القادم من النجوم التي في طور النشوء يخترق سحب الغبار والغاز. حقوق الصورة:  NASA, ESA, and the Hubble Heritage Team (STScI/AURA)

تولد النجوم وسط سحب مضطربة، وفناؤها أيضاً يكون بذات الاضطراب. ولكن كم تعمّر النجوم فعلاً؟ إن الإجابة المختصرة أن عمرها يعتمد على حجمها.

حالة النجوم

يوجد النجم لمعظم حياته في حالة متوازنة تعرف باسم توازن هيدروستاتيكي. وفي هذا التوازن يتساوى شد الجاذبية نحو الداخل مع الدفع نحو الخارج الناجم عن التفاعلات الكيميائية في لب النجم.

يحدث هذا الدفع باتجاه الخارج عندما يدمج النجم نوى الهيدروجين لتشكيل نوى الهيليوم. الأمر الذي ينتج عنه دفعات متفجرة من الطاقة تحافظ على شكل النجم ولمعانه في الحقيقة.

وحالما يستنفد الهدروجين كله، يبدأ النجم في طريق لا يمكن الرجوع فيه إلى نهايته. حيث سيحرق النجم الهيليوم لفترة. والنجوم الأكبر ستستمر في حرق العناصر الكيميائية حتى الحديد. ولكن هذه فترة عابرة بالطبع.

والنجوم تكون بأحجام مختلفة، تبدأ بكتلة تبلغ ٧٪ من كتلة الشمس، وتصل إلى كتلة تبلغ ٢٥٠ كتلة من الشمس. فإذاً أي هذه النجوم يفنى أسرع؟

فناء النجوم

لدى النجوم الكبيرة وقود أكثر لحرقه بالطبع، ولكنه بنفس الوقت تحرق بشدة أكبر ولمعان أعلى. وحجمها الكبير يعني وجود جاذبية هائلة تسحق المواد إلى لبها بشدة أكبر مما يحدث في النجوم الصغيرة. لذا فتفاعلاتها النووية تستمر بمعدل مرتفع.

عمر النجوم

إذاً فالنجوم الأكبر حجماً تستنفد الوقود المتاح فيها أسرع بكثير من النجوم الصغيرة. لذلك فمعظم النجوم الضخمة تعمر فترة قصيرة بمقياس الكون، تمتد لعدة ملايين من السنين. تعيش بسرعة وتفنى بسرعة.

أما النجوم التي تبلغ ١٠٪ من كتلة الشمس وأقل، لديها وقود أقل بكثير لحرقه. ومع هذا فإنها تقتصد لتعيش من هذا الوقود لمئات مليارات السنين. لذا فإنها تعيش عمراً أطول.

ميثوسيلا
أقدم نجم في الكون HD140283 أو ميثوسيلا، يبعد عنا ١٩٠.١ سنة ضوئية. حقوق الصورة: Digitized Sky Survey (DSS), STScI/AURA, Palomar/Caltech, and UKSTU/AAO)

نجوم معمرة ونجوم وليدة

إن الكون نشأ منذ ما لا يزيد عن ١٣.٨ مليار عام مضى. لذلك فإنه لم يمض الوقت الكافي للنجوم الصغيرة لبلوغ ذلك العمر الكبير.

إن أقدم النجوم المكتشفة يسمى نجم ميثوسيلا. ويبعد عنا هذا النجم ١٩٠ سنة ضوئية تقريباً. وسمي تيمناً بالشخصية الواردة في الكتاب المقدس والتي عاشت لألف عام تقريباً.

وتتراوح تقديرات عمر هذا النجم حالياً بحدود ١٣.٧ مليار عام تقريباً. أي أنه نشأ بفترة قريبة جداً من الانفجار العظيم.

وعلى النقيض، اكتشف العلماء نجوماً تدعى نجوماً بدئية، وهي ما تزال في طور النشوء. رصدت هذه النجوم بمنظومة مرصد ألما في التشيلي، وهي ذات عمر أقل من ٥٠٠ ألف عام. أي كان الإنسان يستخدم الأدوات الحجرية عندما بدأت شرارة هذه النجوم.

 

https://youtube.com/watch?v=ztPBTNmPopQ

 

كيف يقدر عمر النجم؟

إذاً كيف يقدر العلماء عمر النجم؟ الأمر ليس بسيطاً. حيث يستخدم علماء الفلك مجموعة من القياسات لكتلة النجم ولمعانه وسرعته في الفضاء مقارنة مع نجوم أخرى، وتقدر النمذجة الحاسوبية عمره.

يبلغ عمر نجمنا وهو الشمس ٤.٦ مليار عام. أي في الوسط بين النجوم البدئية ونجم ميثوسيلا. ويعتقد العلماء أن الشمس في وسط عمرها الآن. فبعد ٥ مليارات سنة أخرى ستتوقف الشمس عن دمج الهيدروجين إلى هيليوم في لبها.

وحالما تستنفد الشمس وقودها الذي تعاكس به قوة جاذبية كتلتها، فإنها ستبدأ بالانكماش. وأثناءها سيأخذ غلاف الشمس بالتوسع لوجود بعض الهيدروجين لدمجه. وستصبح الشمس كبيرة جداً إلى درجة تبتلع فيها ما حولها حتى مدار الزهرة وعطارد.

وبعد ما يقارب مليار سنة، سيستنفد الغلاف الشمسي الهيدروجين، وسيتابع بدمج الهيليوم. وفي النهاية سينتهي وقود الشمس بالكامل، ولبها سينكمش إلى كرة من الكربون والأكسجين يسمى القزم الأبيض. وستتحلل طبقاتها الخارجية وتصبح سديماً، وهو غلاف من بقايا البلازما الحارة.

وهذا يذكرنا بأن النجوم تعيش عمراً أطول من عمر الإنسان بكثير، لكن لا شيء يستمر إلى الأبد.

ملخص المقال

قد نتساءل كم تعمّر النجوم؟ والإجابة المختصرة أن عمرها يعتمد على حجمها. فلدى النجوم الكبيرة وقود أكثر لحرقه، ولكنها بنفس الوقت تحرق بشدة أكبر ولمعان أعلى. بالتالي تستنفد وقودها بسرعة وتفنى بسرعة. أما النجوم الأصغر حجماً فتعمر لمدة أكبر.

أما أقدم النجوم المكتشفة فيسمى نجم ميثوسيلا. ويبعد عنا هذا النجم ١٩٠ سنة ضوئية تقريباً. ويقدر عمره بحدود ١٣.٧ مليار عام تقريباً، أي بعمر الكون.

ويقدر عمر النجم باستخدام كتلته ولمعانه وسرعته في الفضاء مقارنة مع نجوم أخرى، ثم تقدر النمذجة الحاسوبية عمره.
أما شمسنا فيبلغ عمرها ٤.٦ مليار عام، ويقدر أنها ستعمر ٥ مليار عام أخرى. حيث ستبتلع النظام الشمسي بعد أن تستنفد وقودها وتفنى.

المصدر:

هنا