كم عدد النجوم الموجودة في الكون؟

هل يمكننا أن نقدر عدد النجوم الإجمالي في الكون؟

قد تتساءل وأنت تنظر إلى سماء الليل كم عدد النجوم الموجودة في الكون. ولعل حساب عدد النجوم التي ترى بالعين المجردة عمل يثير التحدي لهواة الفلك، وأيضاً التي ترى بالتلسكوبات الأكبر، حيث ترى المزيد من النجوم ويطول العد. إذاً فكيف يكتشف علماء الفلك كم عدد النجوم الموجودة في الكون؟

إن الجزء الشائك الأول هو محاولة تعريف معنى «الكون». ولا نعرف الإجابة ببساطة لأننا لا نعرف إن كان الكون كبيراً إلى ما لانهاية أم لا.

ويبدو أن الكون المنظور يرجع إلى ١٣.٨ مليار عام. ولكن، بعد حدود ما نراه قد يكون هناك المزيد والمزيد.

ويعتقد بعض علماء الفلك أننا نعيش في كون متعدد، حيث يكون هناك أكوان أخرى كما كوننا محتواة في كيان ما أكبر.

ما الإجابة إذاً؟

إن أبسط إجابة على سؤالنا الرئيسي عن عدد نجوم الكون وفق وكالة الفضاء الأوربية قد يكون عن طريق تقدير عدد نجوم مجرة عادية، ثم ضرب العدد بعدد المجرات المقدر في الكون.

ولكن حتى هذا قد يكون صعباً بالطبع، وذلك لأن بعض المجرات تضيء إضاءة أفضل في الضوء المرئي وبعضها بالأشعة تحت الحمراء على سبيل المثال. وهناك معيقات أخرى يجب التغلب عليها.

وقد أشارت صور الحقل العميق من تلسكوب هابل عام ٢٠١٦ بأن هناك ١٢ تريليون مجرة في الكون المنظور. أو أن هناك عشرة أضعاف عدد المجرات المقدر سابقاً. ووفقاً للعلماء، هناك ما يقارب ١٠٠ مليون نجم في المجرة المتوسطة.

وعلى أي حال، قد لا تكون التلسكوبات قادرة على رؤية كل النجوم في المجرة. وقد وجدت تقديرات لمسح سلون الرقمي للسماء عام ٢٠٠٨، والتي تفهرس كل الأجسام الموجودة في ثلث السماء، ما يقارب ٤٨ مليون نجماً.

ويعادل هذا نصف ما توقع العلماء رؤيته تقريباً في الواقع. ونجم كشمسنا قد لا يظهر حتى في مثل هذه القائمة.

إذاً، يقدر العديد من العلماء عدد النجوم في مجرة معينة اعتماداً على كتلتها. وهذا الأمر له صعوباته. وذلك لأن المادة المظلمة ودوران المجرة يجب أن يعزلا قبل القيام بالتقدير.

مهمة غايا

ويذكر أن هدف مهمة غايا التابعة لوكالة الفضاء الأوربية عام ٢٠١٣ كان تحديد أماكن مليار نجم في درب التبانة، وذلك بناءً على مهمة هيباركوس التي سبقتها.

وقد حددت بدقة مواقع ١٠٠ ألف نجم، ووضعت خارطة لمليون نجم لكن بدقة أقل. وأطلقت بياناتها في حزيران ٢٠٢٢.

وكانت الأرقام مذهلة، فمن خلال تحليل البيانات المرسلة إلى الأرض والبالغ عددها ٧٠٠ مليون يومياً، على مدى ٣٤ شهراً. وفرت معلومات عن أكثر من ١.٨ مليار نجم.

 

وتضمنت المهمة مراقبة حركة كل نجم من هدفها البالغ مليار نجم ٧٠ مرة خلال فترة السنوات الخمس. ومن ثم تحديد مواقعها ومسافاتها وحركاتها وتغيرات لمعانها بالضبط.

وباجتماع هذه البيانات كلها تبنى صورة غير مسبوقة لبنية ولتطور مجراتنا بالطبع. وبفضل مهمات كهذه، نقترب خطوة من الوصول إلى تقدير أكثر موثوقية يجيب عن سؤالنا المتكرر: كم عدد النجوم الموجودة في الكون؟

الكون المنظور

حتى وإن ضيقنا مجال تحديد عدد النجوم إلى الكون المنظور فقط، أي في الكون الذي يمكننا رصده، فإن تقدير عدد النجوم فيه يتطلب معرفة كم يبلغ حجم الكون.

والتعقيد الأول الذي سنواجهه هو أن الكون يتمدد. والثاني أن نسيج الزمكان ينحني.

ولإعطاء مثال بسيط، فإن الضوء من الأجسام الأكثر بعداً عنا سيستغرق ١٣.٨ مليار عام للوصول إلى الأرض. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأجسام الأصغر عمراً ستكون محجوبة لأن الضوء لم يتمكن من الانتقال في الكون المبكر.

إذاً فنصف قطر الكون المنظور يجب أن يكون ١٣.٨ مليار سنة ضوئية، بما أن الضوء لديه تلك المسافة فقط للوصول إلينا.

ولكن هل يجب أن يكون الأمر كذلك؟ إنها طريقة منطقية لتعريف المسافة، ولكن ليس كما يعرف مؤيد النسبية المسافة.
حيث سيستخدم جهازاً، كأداة أو معيار قياس. ويقيس المسافة على طول هذا الجهاز، ومن ثم مدها بقدر ما يتطلب الأمر.

وهذا يعطي جواباً آخر، وهو نصف قطر يبلغ ٤٨ مليار سنة ضوئية. ويتنوع الرقم بتنوع المصادر. وذلك لأن الزمكان يمكن أن ينحني. وبينما يقوم الراصد بالقياسات بأدوات القياس هذه، ينتقل الضوء بنفس الوقت ويؤثر الأمر على القياسات.

عمليات رصد المجرة

من الأسهل عدّ النجوم عندما تكون داخل المجرات. إذ أنه المكان الذي تميل للتجمع فيه على شكل مجموعات. وللبدء حتى في تقدير عدد النجوم، فقد تكون بحاجة لتقدير عدد المجرات والوصول إلى متوسط ما.

وتحدد بعض التقديرات كتلة نجوم مجرة درب التبانة بأن فيها ١٠٠ مليار كتلة شمسية، أو ١٠٠ مليار من كتلة الشمس. وبحساب متوسط أنماط النجوم في مجرتنا فهذا سيعطي ١٠٠ مليار نجم في المجرة.

وهذا بالطبع خاضع للتغير على أي حال، وذلك بناءً على عدد النجوم الأكبر من شمسنا والأصغر منها. وتقول تقديرات أخرى أن درب التبانة قد تكون حاوية على ٢٠٠ مليار نجم وأكثر.

إن عدد المجرات عدد يذهل العقل كم تظهر تجارب تصوير نفذها تلسكوب هابل. حيث أنه وجه على مر عدد من السنوات كاشفه نحو بقعة ضئيلة في السماء لإحصاء المجرات. وأكمل عمله بعد تحديثه.

وقد أفضت عملية كشف لبقعة من الدب الأكبر عن ٣ آلاف مجرة خافتة. وفي عام ٢٠٠٣ و٢٠٠٤، وباستخدام أدوات محدثة، نظر العلماء إلى بقعة أصغر في كوكبة القرن ووجدوا ١٠ آلاف مجرة. وباستخدام تقنيات أكثر حداثة عام ٢٠١٢ في نفس المنطقة، كشف عن ٥٥٠٠ مجرة.

ما الإجابة إذاً عن سؤالنا حول عدد نجوم الكون؟

يقول الأستاذ المساعد في كلية إيثاكا في نيويورك ومؤسس خدمة «اسأل عالم فلك» في جامعة كورنيل، ديفيد كورنريتش بتقدير تقريبي جداً أن هناك ١٠ تريليون مجرة في الكون. وبضرب هذا العدد بعدد النجوم المقدرة في مجرة درب التبانة مثلاً، فسينتج عدد كبير بالفعل يعادل ١ كوادريليون نجم في الكون (أي ١ وأمامه ٢٤ صفراً).
ويؤكد كورنريتش بأن التقدير الإجمالي هذا أقل من الواقع. فمزيد من البحث المفصل في الكون سيظهر المزيد من المجرات.

ملخص المقال

قد تتساءل وأنت تنظر إلى سماء الليل كم عدد النجوم الموجودة في الكون؟ وأبسط إجابة على سؤالنا هي تقدير عدد نجوم مجرة عادية، ثم ضرب العدد بعدد المجرات المقدر في الكون. ولكن ذلك قد يكون صعباً.

أشارت تقديرات عام ٢٠١٦ وجود ١٢ تريليون مجرة، وفي المجرة المتوسطة ١٠٠ مليون نجم.
وبالطبع من الأسهل عدّ النجوم عندما تكون داخل المجرات لتجمعها.
وللعلم، تقول بعض التقديرات بوجود ١٠٠ مليار نجم في مجرتنا وبعضها يقول ٢٠٠ مليار نجم!
أما التقدير الإجمالي لعدد نجوم الكون فيعادل ١ كوادريليون نجم (أي ١ وأمامه ٢٤ صفراً) وقد يكون هذا أقل من الواقع!

المصدر

سبيس