كيف تسبب قطع الخردة الفضائية الدقيقة أضراراً كبيرة؟

يرجع كل شيء إلى السرعة.

الخردة الفضائية
صورة فنية للخردة الفضائية تدور حول الأرض. حقوق الصورة: Shutterstock

في عام ٢٠١٥ شارك رائد الفضاء تيم بيك التابع لوكالة الفضاء الأوربية صورة لتجويف في زجاج محطة الفضاء الدولية عمقه ربع بوصة. أما ما سببه فهو قطعة صغيرة من الخردة الفضائية في الواقع!

قطعة الحطام هذه قد تكون قشر من طلاء، أو فتات معدني من قمر صناعي، ولا تزيد أبعادها عن أجزاء من الميلمتر. أي أنها ليست أكبر بكثير من خلية الإشريكية القولونية الجرثومية.

ولكن كيف لشيء بذلك الحجم الصغير أن يسبب أذية مرئية؟ إليك أضرار الخردة الفضائية.

تفسير أضرار الخردة الفضائية

يعود كل شيء إلى السرعة. فالأجسام التي تدور على ارتفاع محطة الفضاء الدولية ومعظم الأقمار الصناعية، أي على ارتفاع ٤٠٠ كم عن سطح الأرض، تدور حول الأرض مرة كل ٩٠ دقيقة وفقاً لوكالة الفضاء الأوربية.

وهذا يعني أنها تسير بسرعة ٢٥ ألف كم في الساعة تقريباً. أي أسرع من متوسط سرعة الرصاصة على الأرض بعشر مرات!

وطاقة الاصطدام لا ترتبط فقط بحجم الجسم، بل إن السرعة والاتجاه لهما ذات الأهمية. ولذلك السبب تسبب الرصاصة ضرراً كبيراً. فعند التحرك بسرعة مرتفعة بما يكفي، يمكن لأي جسم أن يكون خطيراً في الحقيقة.

يجب أن نتذكر أن السرعة تضاف إلى بعضها. لذا إذا كان هناك جسمان يتحركان باتجاه بعضهما البعض عندما يتصادمان، فإن ذلك يزيد من طاقة الاصطدام.

الأمر أشبه بما يحدث عندما تقود على طريق سريع، فإذا كان هناك سيارتان تسيران في نفس الاتجاه، يمكن أن يمسا بعضهما بشكل عادي. أما إذا كان هناك مركبة خفيفة، كالدراجة النارية مثلاً، واصطدمت بالسيارة في الاتجاه المعاكس، فالأمر قد يكون كارثياً لكلا السائقين بصفة عامة.

والأمر سيان بالنسبة لقطعة طلاء تتحرك بسرعة في الفضاء، فإذا اصطدمت بمحطة الفضاء الدولية فإنها تحدث علامة كبيرة نسبياً.

أضرار الخردة الفضائية
عندما اصطدمت قطعة صغيرة من الحطام الفضائي بزجاج محطة الفضاء الدولية تاركة هذا التجويف. حقوق الصورة: ESA/NASA

مسار الخردة في الفضاء

تسير الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية والحطام الفضائي على مسارات مختلفة. فبينما يدور جسم ما أفقياً حول خط الاستواء، فإن جسماً آخر قد يدور بشكل عمودي حول القطبين.
حتى أن بعض الأجسام تدور بالمقلوب، أي أنها تدور باتجاه معاكس لمدار الأرض.

ومع تراكم المزيد والمزيد من الحطام الفضائي في الفضاء، فإن مدار الأرض المنخفض الذي تدور فيه محطة الفضاء الدولية يتحول إلى طريق سريع مكتظ في ساعة الذروة. أي أن هناك احتمالاً بوقوع الكثير من الضرر.

وقد كان رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية محظوظين حيث لم تصطدم بنافذتهم قطعة حطام كبيرة.

فقطعة حطام بحجم ميكروب قد تسبب انطعاجاً، ولكن قطعة حطام بحجم حبة الفول يمكن أن تعطل أنظمة الطيران الحساسة وفقاً لوكالة الفضاء الأوربية.
أما قطعة حطام بحجم كرة البينغ بونغ فستكون كارثة!

فقطعة حطام بهذا الحجم يمكن أن تسبب تخلية الضغط من محطة الفضاء الدولية مباشرة، مما يجعل رواد الفضاء غير قادرين على التنفس على متنها.

مشكلة الخردة الفضائية وعلاجها

مشكلة الخردة الفضائية مشكلة متنامية، فمدار الأرض يحوي ١٢٨ مليون قطعة من الخردة الفضائية على الأقل، و٣٤ ألف قطعة منها أكبر من ١٠ سم. وهذه القطع هي القطع الكبيرة بما يكفي لرصدها فحسب.

تنشأ هذه القطع الأصغر نتيجة تعرض الأقمار الصناعية إلى إشعاعات فوق بنفسجية شديدة بالحالة الطبيعية، أو عند تصادم قطع خردة فضائية كبيرة، أو عند تدمير الأقمار الصناعية عمداً. أما القطع الكبيرة فتشمل ٣٠٠٠ قمر صناعي خارج عن الخدمة، بالإضافة إلى براغي وأجزاء أخرى تطرحها المركبات الفضائية عند عمليات الإطلاق.

وعن طريق تعقب الخردة الفضائية، يمكن للعلماء إخبار الدول والشركات متى يجب أن تناور بمركباتها الفضائية بعيداً عن مسار قطع حطام فضائي متسارع.

وقد قامت محطة الفضاء الدولية بـ ٢٥ عملية مناورة من هذا النوع منذ عام ١٩٩٩.
والعلماء يحاولون تطوير طريقة لصيد هذه القطع وإخراجها من الفضاء، عن طريق استخدام الخطافات مثلاً أو الشبكات أو المغناطيسات، وإعادة هذا الحطام إلى الغلاف الجوي الأرضي.

إن الكثير من الخردة الفضائية تجعل من الصعب على البشر استخدام مدارات الأرض للأقمار الصناعية وغيرها من أنواع المركبات الفضائية. ونحن لم نصل إلى هذا الحد بعد، ولكن من الضروري التقدم على مشكلة الخردة هذه ومنع تجمع المزيد منها.

فنحن نعتمد على الفضاء من أجل القيام بالعديد من الأشياء كالاتصالات والتنبؤ بالطقس وعمليات البنوك والتسلية والأمور العسكرية. وفيما يخص تطورنا بصفتنا حضارة متقدمة، فسنعود إلى الوراء خطوات إن لم نتمكن من الولوج إلى الفضاء بحرية بالتأكيد.

ملخص المقال

سببت قطعة حطام فضائي صغيرة تجويفاً في زجاج محطة الفضاء الدولية عمقه ربع بوصة عام ٢٠١٥. فما أضرار الخردة الفضائية وكيف تسبب قطع الخردة الفضائية الدقيقة أضراراً كبيرة؟

يعود ذلك إلى السرعة الكبيرة التي تدور بها الأجسام، إذ تكون سرعتها على ارتفاع محطة الفضاء الدولية ٢٥ ألف كم في الساعة.

ويرتبط الضرر بحجم القطعة واتجاهها أيضاً، فقطعة طلاء تتحرك باتجاه المحطة وبسرعة كبيرة ستسبب ضرراً كبيراً.

ويحوي مدار الأرض الكثير من قطع الخردة الفضائية، وهناك الكثير من المحاولات لالتقاطها وإعادتها إلى غلاف الأرض.

والقطع الكبيرة يجري تعقبها والإخبار عنها للمناورة بالمركبات حولها. وبالطبع تنظيف الفضاء منها مهم لتطور البشرية وقدرتها على الولوج إلى الفضاء.

المصدر

هنا