هل ينبغي أن نقلق من كويكب يصدم الأرض؟

هل نقلق من كويكب يصطدم بالأرض

تقدم لنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر أخباراً عن صخور قادمة من الفضاء لتصطدم بنا. ولكن هل احتمال ارتطام كويكب مثلاً بالأرض كبير في المستقبل القريب؟ هل ينبغي أن نقلق من كويكب يصدم الأرض؟ لنكتشف ذلك في مقالنا.

هل هناك كويكب يتجه للأرض في عام ٢٠٢٣؟

إليك قائمة بالكويكبات التي ستقترب من الأرض أكثر من ٥ مسافات قمرية (المسافة القمرية هي متوسط المسافة بين الأرض والقمر وتبلغ تقريباً ٤٠٠ ألف كم). ووفقاً لبيانات الأبحاث فإن أحدها سيرتطم بالأرض.

الكويكب 2023DZ2 في ٢٥ آذار

  • القدر الظاهري: ١٢.٣٣
  • الكوكبة: السرطان
  • أقرب نقطة للأرض: الساعة ١٩:٥١ على بعد ٠.٤٥ مسافة قمرية.

مرّ الكويكب المكتشف حديثاً 2023DZ2 على بعد ١٧٤٦٧٦ كم عن الأرض. أي أقرب بمرتين تقريباً من القمر. ويشاهد بالتلسكوب بالطبع بهيئة نجم صغير. وبالطبع لم يصطدم هذا الكويكب بالأرض هذا العام.

كويكبات أخرى ستقترب من الأرض هذا العام

  • الكويكب 2020UQ3 في ١٨ تموز
  • الكويكب 2013TG6 في ٢٨ أيلول
  • الكويكب 2022UX1 في ١١ تشرين الأول
  • الكويكب 1998HH49 في ١٧ تشرين الأول
  • الكويكب 2019CZ2 في ٢٥ تشرين الثاني
  • الكويكب 2020YO3 في ٢٣ كانون الأول

من أين أعرف عن أحدث الكويكبات المتوجهة نحو الأرض؟

يمكنك أن تعرف إذا كان هناك أي كويكب متوجه إلى الأرض بسهولة من هذا الموقع minorplanetcenter

يضع الموقع قائمة بالكويكبات المعروفة كلها التي ستمر بالقرب من الأرض ضمن مدى قريب منها خلال الأشهر القادمة. وتضم معلومات عن أسمائها وأقرب مسافة لها وتوقيتها وأحجامها.

ما هي احتمالات صدم كويكب للأرض؟

إن اصطدام الأجسام الفضائية ببعضها شيء طبيعي من ناحية علم الفلك. وقد تجد من المفاجئ أنها تحدث بكثرة. فالكويكبات الصغيرة (قطرها ١متر) على سبيل المثال تصطدم بالأرض كل أسبوعين، ولا نرى شيئاً هاماً يحدث.

غير أن كويكباً كبيراً سيسبب كارثة عالمية. فأطنان من الغبار والرماد سترتفع إلى السماء وتحجب الشمس لعدة سنوات. فيموت الزرع وتبدأ حرائق الغابات مما سيؤدي إلى مجاعة جماعية.

ولحسن الحظ فإن الكويكبات التي يتجاوز قطرها ١٠٠ متراً مما يسبب الضرر بالأرض تصطدم بنا مرة كل ١٠ آلاف عام. أما الصخور الفضائية العملاقة التي تتجاوز أقطارها ١ كم فلا تأتي إلينا إلا مرة كل عدة ملايين من السنين.
بعبارة أخرى، هناك احتمال ضئيل جداً لارتطام كويكب مؤذٍ بالأرض خلال حياتنا. ولكن لا بد من الحيطة.

كيف نميز الكويكبات الخطرة من غير الخطرة؟

اكتشف أكثر من مليون كويكب ولا يجب القلق من كل واحد منها. وما يهم العلماء هو ما يصنف منها من الكويكبات الخطرة. ولكي يصنف الكويكب ضمن قائمة الكويكبات الخطرة المحتملة. يجب أن يحقق عدة معايير.

  • أولاً: يجب أن تكون مسافة تقاطع المدار الدنيا مع الأرض تساوي ٠.٠٥ وحدة فلكية أو أقل. وضمن هذه المسافة يمكن أن يقترب الكويكب بصورة خطرة من الأرض في الواقع.
  • ثانياً: يجب أن يكون ذا قدر مطلق يبلغ ٢٢.٠ أو أقل. إن أصغر كويكب بهذا القدر يقدر بأن يكون حجمه ١١٠ إلى ٢٤٠ متراً. وهو قادر على إلحاق ضرر محلي كبير في حال الاصطدام.

ويقاس احتمال خطورة الكويكب باستخدام مقياسين: مقياس تورينو ومقياس باليرمو. إذ يستخدم مقياس تورينو لإبلاغ العامة بخطر اصطدام كويكب في المستقبل.

وهو مقياس بسيط يتدرج بين ٠ و١٠ بناءً على احتمالية الاصطدام والطاقة الحركية للتصادم المحتمل.
أما مقياس باليرمو فهو مقياس مشابه ولكنه أكثر تعقيداً، ولذلك يستخدمه علماء الفلك بصفة خاصة.

تتغير مدارات الأجسام الفضائية تحت تأثير جاذبية الشمس والكواكب وغيرها من الكويكبات. ولهذا، حالما يعد الكويكب خطراً، يتتبع العلماء مساره ويجرون حسابات بالغة الدقة. فإذا رصد كويكب لمدة ١٠ سنوات، يمكن حساب مداره لمئتي عام قادمة.

ما الحجم الذي يكون عنده الكويكب خطراً؟

كما قلنا مسبقاً، لا يؤدي كل اصطدام إلى كارثة. ومن هنا، كم يجب أن يبلغ حجم الكويكب لكي يسبب ضرراً خطيراً؟ ولكي نجيب عن هذا السؤال دعونا نلقي نظرة على الأمثلة:

  • الكويكب تشيكسولوب الذي سبب انقراضاً جماعياً على الأرض منذ ٦٥ مليون عام بقطر يقارب ١٠ كم. وهذا الكويكب بالتحديد يرجح بأنه أنهى عصر الديناصورات على الأرض.
  • كويكب تنجوسكا الذي انفجر في الهواء وأزال ٨٠ مليون شجرة في غابة تايفا عام ١٩٠٨ كان ذا قطر يبلغ ١٠٠ متر. وهذا كان أكبر اصطدام كويكبي في التاريخ الحديث.
  • وأخيراً، نيزك تشيليابنسك الذي دخل الغلاف الجوي عام ٢٠١٣ كان بقطر ٢٠ مترا تقريباً. ومع أنه لم يصل سطح الأرض، إلا أن انفحاره دمر أكثر من ٧٠٠٠ مبنى.

ويمكنك الآن أن تقدر بنفسك. فحتى الصخور الصغيرة نسبياً كنيزك تشيليابنسك يمكنها أن تسبب ضرراً محلياً. وبهذا يكون للكويكبات التي يتجاوز قطرها ١ كم تأثيرات على الأرض كلها تسبب تغيراً مناخياً دائماً.

 

ما عدد الكويكبات الخطرة المحتملة؟

رصد العلماء حتى شباط ٢٠٢٣ من الكويكبات الخطرة ٢٣٣٠ كويكباً، ومن بينها ١٥١ كويكباً بقطر أكبر من ١ كم. وأكبر كويكب خطر محتمل هو الكويكب (53319) 1999 JM8، ويقدر قطره بـ ٧ كم.

ولا بد من القول أن هذه البيانات لا تعني بأن هذه الكويكبات سترتطم بالأرض حتماً. إنما فقط هناك احتمالية لحدوث ذلك. ولا يوجد بين هذه الكويكبات ما يشكل خطراً كافياً خلال السنوات المئة القادمة.

كيف نرصد الكويكبات القريبة من الأرض؟

حققنا تقدماً هاماً في اكتشاف الكويكبات القريبة من الأرض، إذ يعلن علماء الفضاء عن كويكب جديد كل يوم تقريباً. وتعمل العديد من المشروعات بصورة متواصلة لتحديد الأجسام القريبة من الأرض، أي الكويكبات والمذنبات التي تمر قرب الأرض. ومن هذه المشروعات:

  • مشروع أطلس في هاواي. ويتألف من تلسكوبين نصف متر (٢٠ إنشاً) يتوضعان على بعد ١٦٠ كم عن بعضهما ويمسحان السماء كل ليلة. ومن بين الأجسام القريبة من الأرض التي اكتشفها أطلس المذنب المشهور C/2019 Y4 (ATLAS).
  • ماسح السماء كاتالينا (CSS) ويتوضع في جبال كاتالينا في أريزونا في أمريكا. ويركز هذا الماسح الفضائي تحديداً على رصد الكويكبات الخطرة المحتملة وتقدير أخطار الارتطام.
  • بالإضافة إلى التلسكوبات الأرضية لدينا تلسكوب فضائي في مدار الأرض. يدعى هذا التلسكوب مستكشف الأشعة تحت الحمراء عريض المجال للأجسام القريبة من الأرض NEOWISE.

ويبحث حالياً عن كويكبات يحتمل أن تصطدم بالأرض. ومن بين ما اكتشفه هذا التلسكوب المذنب الذي يرى بالعين المجردة C/2020 F3 (NEOWISE).

رصدت التلسكوبات والماسحات الأرضية التابعة لناسا في السنوات العشر الماضية آلاف الأجسام القريبة من الأرض. وقدمت إسهامات كبيرة في المعرفة بتتبع الكويكبات والمذنبات.

وقد اكتشف وفقاً لبيانات حديثة أكثر من ٩٠٪ من الكويكبات القرببة من الأرض والتي يتجاوز قطرها ١ كم (كبيرة بما يكفي لحدوث عواقب على مستوى العالم).

ومن جهة أخرى، يكتشف أكثر من نصف الكويكبات الصغيرة بعد أن تمر من جانب الأرض فقط. وقد يلاحظ العلماء كويكباً قبل وصوله قرب الأرض بأيام فحسب. وذلك كما حدث مع الكويكب 2023BU الذي مر قرب الأرض في كانون الثاني ٢٠٢٣. وهذا أفضل ما يمكننا فعله حتى الآن.

كيف يمكننا أن نمنع الكويكبات من الاصطدام بالأرض؟

إذاً ما الذي يمكننا فعله إذا كان هناك كويكب يتوجه نحو الأرض؟ يبحث العلماء بالطبع عن طرق للدفاع عن الأرض. والخبر الجيد أن لدينا عدداً من الحلول المقترحة وقد اختبر واحد منها على الأقل ونجح.

أما الخبر السيء فهو أننا لا نستطيع أن نعرف ما يخبئه اختبار كل منها مباشرة. لذلك تستغرق مهمة فضائية مثل هذه سنوات عدة من الموافقة وحتى الإطلاق. وهذا يعني أننا يجب أن نرصد الكويكبات الخطرة قبل أعوام -والأفضل قبل عقود- من اقترابها من الأرض، وذلك إذا كنا نريد بناء مركبة لكي تحرفها عن مسارها.

لهذا السبب من المهم رصد ما يمكن من الأجسام المحتملة القريبة من الأرض مسبقاً واحتساب مداراتها. وإليك عدة أفكار نمتلكها لتجنب اصطدامها في الوقت الراهن:

مهمة دارت

اختبرت مهمة «دارت» التابعة لناسا تقنيات لمنع الاصطدام. وكان هدف المهمة كويكب ديمورفس. وهو القمر الصغير للكويكب القريب من الأرض ديديموس. وفي أيلول ٢٠٢٢ اصطدمت المركبة دارت بالقمر المذكور الذي يبلغ حجمه ١٦٠ متراً، وبهذا غيرت سرعته ومدته المدارية. وأثبتت هذه التجربة أن الصخور الفضائية الخطرة يمكن حرفها عن مسارها.

قاطرة الجاذبية

كويكبات

تتضمن الطريقة أن تقوم مركبة فضائية بمرافقة كويكب خطر لعدة سنوات وتستخدم جذبها الثقالي لحرف الصخرة عن مسارها ببطء. ويمكنها العمل مع جميع أنواع الكويكبات من حيث تركيبها وأشكالها  ويمكن التحكم بها تحكماً عالياً، ما يضمن وضع الكويكب في مدار آمن بالنسبة لنا. ولكنها قد لا تكون قادرة على سحب الكويكبات الأكبر التي يتجاوز قطرها ٥٠٠ متر، وهي التي تمثل خطراً أكبر على الأرض.

الطلاء بالرش

اصطدام الكويكبات
تأثير ياركوفيسكي

يختلف الطلاء عندما يتعلق الأمر بالكويكبات عما تبادر إلى ذهنك. تعتمد الفكرة هنا على ظاهرة تعرف باسم تأثير ياركوفيسكي، ويصف كيف تؤثر أشعة الشمس على مدار الكويكب. وهو من حيث المبدأ قوة تؤثر على جسم يدور حول نفسه في الفضاء ناتجة عن انبعاثات تشتتية تتألف من فوتونات حرارية تحمل زخماً حركياً.

وباختصار تعكس السطوح المظلمة أقل، والسطوح الفاتحة تعكس أكثر. لذلك عن طريق تغيير كمية الضوء المنبعثة عن الكويكب يمكن تغيير مساره (أشبه بطلائه بالضوء). وقد ينقص هذه الطريقة الدقة وتحتاج إلى سنوات أو عقود لتظهر أي تأثير ملموس. ومن ناحية أخرى، إذا حدث خطأ ما يكون لدى العلماء وقت كافٍ لإجراء حسابات والمحاولة مجدداً.

السلاح النووي

يمكن أن تكون القنبلة النووية آخر خيار إذا كان الكويكب على وشك الاصطدام بالأرض، فلن يكون هناك المزيد من الوقت للكشف عن خيارات أخرى.
وفكرته أن تقذف قنبلة نووية إلى مسافة مناسبة من الكويكب لا على سطحه لإخراجه عن مداره الحالي.

من إيجابيات هذه الفكرة أنها سريعة وباستخدام تقنية موجودة لدينا. أما السلبيات أن الكويكب قد يتشظى إلى أجزاء قد تسبب ضرراً أكبر.

هل سيصدم كويكب الأرض عام ٢٠٤٦؟

يتناقش العالم مؤخراً بأخبار الكويكب 2023DW الذي يحتمل أن يصطدم بالأرض في ١٤ شباط ٢٠٤٦.

الكويكب 2023DW ماذا عنه؟

اكتشف هذه الكويكب في ٢٦ شباط عام ٢٠٢٣  ويبلغ قطره وفقاً لناسا ٥٠ متراً ، ويتحرك بسرعة ٢٥ كم في الثانية، ويكمل دورة واحدة حول الشمس كل ٢٧١ يوماً. ويحتمل لهذا الكوكب أن يقترب ٩ مرات من الأرض بين عامي ٢٠٤٧ و ٢٠٥٤ إلى جانب احتمال اصطدامه باللأرض عام ٢٠٤٦.

ماذا يحدث إذا ارتطم 2023DW بالأرض؟

إن هذا الكويكب يحقق الدرجة ١ على مقياس تورينو، وهذا يعني في الواقع أنه كويكب اعتيادي لا يشكل خطراً غير عادي. وحتى لو اصطدم بالأرض لن يسبب كارثة عالمية.
غير أن مثل هذا الكويكب يسبب ضرراً محلياً كبيراً. فمثلاً الصخرة الفضائية التي انفجرت عام ٢٠١٣ فوق تشيليابنسك في روسيا كانت بنصف حجم الكويكب 2023DW.

ومع هذا، أحدثت موجة صدمة حطمت النوافذ وألحقت الضرر بالأبنية في ٦ مدن قريبة، وأصيب اكثر من ١٥٠٠ شخص.
من هنا سيكون الضرر الذي سيلحقة انفجار هذا الكويكب أشبه بضرر قنبلة نووية.
ومع أن هذا الكويكب يقع على لائحة الكواكب الخطرة، إلا أن احتمال اصطدامه بالأرض وفقاً لناسا يبلغ ١ من ٣٦٠، ويتغير الرقم باستمرار مع الحصول على المزيد من البيانات.

ملخص المقال

نسمع دائماً أخباراً عن صخور قادمة من الفضاء لتصطدم بنا. فهل ينبغي أن نقلق من كويكب يصدم الأرض؟
الإجابة باختصار: لا توجد كويكبات معروفة ستصطدم بالأرض عام ٢٠٢٣. ولا حتى على اىمدى القريب.

ويرصد العلماء بصورة دائمة الكويكبات الخطرة ويعملون على طرق لتجنب الارتطام. ونحن بحاجة للمزيد من البحث لاكتشاف الكويكبات المجهولة بأسرع ما يمكن.

المصدر

هنا