مجرة درب التبانة: كل ما تحتاج معرفته
إذا أمعنا النظر إلى السماء في ليل حالك سنرى حزاماً ضبابياً من الأجرام اللامعة ممتداً من الشمال إلى الجنوب، أشبه بالنهر أو الطريق. والحقيقة أنه جزء من المجرة التي نقع مع شمسنا ضمنها.
درب التبانة أو الطريق اللبني هي مجرة حلزونية من حيث تصنيفها، تضم مجموعتنا الشمسية بالإضافة إلى مليارات النجوم والأجرام الأخرى، فماذا تعرف عنها؟
إليك كل ما تحتاج معرفته عن مجرة درب التبانة.
ما هي مجرة درب التبانة؟
هي مجموعة ضخمة من الغبار والغاز والنجوم ومن بينها شمسنا. وتقع الأرض داخل هذه المجرة، لذلك غالباً ما نسميها مجرتنا الأم، أو مجرتنا ببساطة.
قد يصعب علينا أن نصدق، لكن ذلك الذراع المليء بالنجوم الذي نراه يقطع السماء في الليل هو جزء من مجرة ضخمة تمتد مليارات الكيلومترات حول كوكبنا، فكم حجم هذه المجرة؟
حجم مجرة درب التبانة
تعد مجرة درب التبانة المجرة الثانية من حيث الحجم في مجموعة المجرات المحلية بعد مجرة أندروميدا. وتمتد مجرة درب التبانة مسافة ١٠٥٧٠٠ سنة ضوئياً عرضاً. بينما تمتد أندروميدا مسافة ٢٢٠٠٠٠ سنة ضوئية عرضاً.
ومن الجدير بالذكر أن المجموعة المحلية -مجموعة من المجرات من ضمنها درب التبانة- تمتد لما يقارب ١٠ مليون سنة ضوئية حولنا في الفضاء.
تسميات درب التبانة (الدرب اللبني) حول العالم
يعود أصل اسم مجرتنا كمعظم الأجسام الفضائية الأخرى إلى الثقافات الإغريقية والرومانية. فقد رأى الإغريق والرومان هذا الشريط المليء بالنجوم أشبه بنهر من الحليب. وقد آمن الإغريق أن ذلك هو الحليب الذي انسكب من الإلهة هيرا عبر السماء، بينما قالت أسطورة الرومان أن درب التبانة حليب من آلهتهم أوبس.
وكان لدى الثقافات الأخرى أساطيرهم واعتقاداتهم عن هذا الدرب النجمي المضيء في الليل. إذ أطلق عليه سكان شرق آسيا النهر الفضي للسماء. في حين اعتقد الفنلنديون والأستونيون أنه درب الطيور. أما في جنوب أفريقيا فيسمى العمود الفقري لليل.
وأطلق العرب على هذا الشريط اللامع اسم أم النجوم الشوابك. وشبهت العرب المجرة بالنهر الجاري فأسمتها نهر المجرة.
إلى أي نوع من المجرات تنتمي درب التبانة؟
هناك ٤ انواع رئيسية للمجرات: الحلزونية والبيضاوية والشاذة وغير المنتظمة. وتنتمي مجرتنا درب التبانة إلى النوع الأول الحلزوني. وتبدو مثل دولاب الهواء.
ومجرتنا تدعى «مجرة حلزونية ضلعية» على وجه التحديد. ويعني هذا وجود نواة مركزية على شكل ضلع من النجوم. حيث يحوي نواة المجرة في وسطه وله ذراعان حلزونيان في الأطراف. ولو كانت درب التبانة مجرة حلزونية عادية لكانت أذرعها تقود مباشرة إلى مركزها أو نواتها كما مجرة أندروميدا.
تضم مجرة درب التبانة بصفة عامة ٤ أذرع ألا وهي: ذراعان رئيسيان متصلان بالضلع الرئيسي وهما (ذراع قنطورس وبرشاوس أو حامل رأس الغول). وذراعان ثانويان وهما (ذراع الدجاجة المجري وذراع رامي القوس) يتوضعان بينهما.
اعتقد العلماء في السابق أن كل هذه الأذرع أذرع رئيسية. لكن صور الأشعة تحت الحمراء من تلسكوب سبيتزر التابع لناسا أظهرت غير ذلك.
أين تقع الأرض في مجرة درب التبانة؟
نحن بعيدون جداً عن مركزها، وهذا أمر جيد لابتعادنا عن الثقب الأسود. وتبعد شمسنا ٢٧ ألف سنة ضوئية عن نواة المجرة، أي نصف المسافة بين المركز وطرف المجرة.
يقع نظامنا الشمسي بين الذراعين الرئيسيين وتحديداً ضمن ذراع الجبار الفرعي الصغير. ويبلغ اتساع هذا الذراع ٢٠ ألف سنة ضوئية، وأخذ اسمه من مجموعة الجبار. وموقعنا داخله هو السبب الذي يجعلنا نرى العديد من الأجسام اللامعة ضمن مجموعة الجبار.
ماذا يوجد في مركز مجرة درب التبانة؟
تدعى المنطقة المركزية في درب التبانة المركز المجري. ويحتوي المركز ثقباً أسود فائقاً، تبلغ كتلته ٤ مليون كتلة شمسية يسمى ساغاتيروس أ* (الرامي أ). ولكي ترى الثقب الأسود تحتاج إلى تلسكوب راديوي خاص.
ويمكن لأي راصد عادي أن يرى مركز المجرة لأنه شديد الإضاءة رغم المسافة البعيدة عن الأرض (٢٧ ألف سنة ضوئية). وسبب هذه الإضاءة الشديدة ببساطة يعود إلى وجود ما يقارب ١٠ مليون نجم ضمن فرسخ نجمي واحد في مركز المجرة.
كيف نعرف أن شكل مجرتنا كما هي عليه؟
من الصعب جداً أن نكتشف شكل مجرتنا من موقعنا داخلها. وليس لدينا صور لمجرتنا من الجانب لأننا لا نستطيع مغادرتها حالياً في الواقع. إلا أن لدينا الكثير من الأدلة التي تدلنا على شكلها.
يرصد علماء الفلك المجرات الأخرى ويقارنونها بسلوك مجرتنا. على سبيل المثال، قاس العلماء سرعات النجوم والغاز في مجرة درب التبانة، وقد وجدوا حركة دورانية إجمالية تختلف عن الحركات العشوائية. وهذه خاصية في المجرات الحلزونية.
في حين تبدو لنا مجرة درب التبانة شريطاً طويلاً عبر السماء، فهذا يعني أن شكلها أشبه بقرص نراه من مسقط جانبي. كما يمكننا إيجاد الانتفاخ في المركز. ومن خلال المجرات الأخرى نعرف أن المجرات الحلزونية أقراص لها انتفاخات مركزية.
إن ما تحويه مجرتنا من غاز ولون وغبار مشابه للمجرات الحلزونية الأخرى.
كيف ترصد مجرة درب التبانة؟
إن الخبر الجيد أن مجرة درب التبانة ترى طوال العام بغض النظر عن مكان وجودك على الأرض. وعلى أي حال، أثناء دوران كوكبنا، تتحرك المجرة أيضاً، وكذلك مركزها. وأحيانا يختفي المركز عن بصرنا.
وإليك عدة نصائح لأفضل رؤية لمجرتنا ومركزها:
- يقع مركز المجرة في كوكبة الرامي، ويمكن رؤيته كما كوكبة الرامي فقط بين خطي عرض +٥٥° و -٩٠°. فإذا كنت تعيش في منطقة فوق خط عرض +٥٥° لن ترى مركز المجرة. ويمكنك أن ترى جزءاً من المركز فقط وأفضل وقت لذلك قبل وبعد الصيف.
- يرى المركز المجري في نصف الكرة الشمالي من آذار إلى تشرين الأول، بينما يرى في النصف الجنوبي بين شباط وتشرين الأول.
- لا ترى نواة المجرة باقي الأشهر لأنها تكون أثناء ذلك قريبة جداً من الشمس.
- تكون ظروف الرصد من خطوط العرض الجنوبية أفضل لأن ذروة الرؤية هناك تكون في الشتاء، وعندها تكون السماء أكثر ظلمة ومدة الليل أطول.
- يمكن أن يرى مركز المجرة في بداية فترة رؤيته قبل الشروق بوقت قصير. ومع مرور الوقت يصبح مرئياً لمدة أطول ليصل ذلك إلى الذروة في حزيران وتموز. إذ يرى طوال الليل أثناءهما.
- تحتاج مكاناً مظلماً تماماً وخالياً من التلوث البصري.
- يجب أن تكون السماء صافية وخالية من الغيوم.
- طور القمر أساسي في عملية الرصد. حيث يكون القمر الجديد (المحاق) مثالياً لأنه لا يتداخل مع عمليات الرصد.
أسئلة شائعة
كم عدد النجوم في درب التبانة؟
من الصعب إعطاء رقم دقيق، ولكن هناك ١٠٠ مليار نجم على الأقل في مجرتنا. بل تشير تقديرات العلماء حالياً إلى وجود ١٠٠ إلى ٤٠٠ مليار نجم.
كم عدد الكواكب في درب التبانة؟
يقدر العلماء وجود ١٠٠ مليار كوكب، و١٠ مليار منها كواكب صخرية.
كم عدد الأنظمة الشمسية في درب التبانة؟
هناك نظام شمسي واحد في مجرتنا لأن نظامنا هو الوحيد الذي يسمى بهذا الاسم. لكن علماء الفلك وجدوا أكثر من ٣٢٠٠ نجم مع كواكب تدور حولها في درب التبانة.
كم عدد المجموعات النجمية في درب التبانة؟
كما يرى من الأرض، تحتل مجرة درب التبانة منطقة من السماء تضم ٣٠ مجموعة نجمية. ويقع أكثر جزء مضيء من مجرتنا -مركزها- في مجموعة الرامي.
الملخص
يقدم المقال كل ما تحتاج معرفته عن مجرة درب التبانة:
فدرب التبانة أو الطريق اللبني هي مجرة حلزونية من حيث تصنيفها، تضم مجموعتنا الشمسية بالإضافة إلى مليارات النجوم والأجرام الأخرى، وتختلف تسميتها عبر الثقافات.
لها ذراعان رئيسيان وذراعان ثانويان. ويقع نظامنا الشمسي بين الذراعين الرئيسيين وتحديداً ضمن ذراع الجبار الفرعي الصغير.
يوجد في مركزها ثقب أسود فائق. ويمكن رؤية مركزها في حال وجودك بين خطي عرض +٥٥° و -٩٠°.
وأخيراً، تضم مجرتنا مليارات النجوم والكواكب والمجموعات النجمية.