لماذا نرى القمر في النهار أحياناً؟

لو لم يكن للأرض غلاف جوي، لكان القمر يرى طيلة الوقت. فلماذا يرى القمر إذاً في بعض أوقات النهار؟

قمر في النهار
طائرة تمر أمام القمر. حقوق الصورة: Photo by Nicolas Economou/NurPhoto via Getty Images

وجود القمر في سماء الليل أذهل البشرية لآلاف السنين. ولكن القمر يرى أحياناً في بعض أوقات النهار، ما سبب ذلك؟

سبب الرؤية هو ذاته

نرى القمر في النهار أحياناً للسبب ذاته الذي نراه فيه في الليل -فهو يعكس ضوء الشمس- وقربه من الأرض يجعله أكثر إشراقاً من إشراق سماء النهار أو الليل. إذ أن القمر هو الجرم الثاني من حيث السطوع بعد الشمس.

ولكن القمر لا يكون مرئياً دائماً خلال النهار، وهذا يعود إلى الغلاف الجوي للأرض وللدورة المدارية للقمر. فلو لم يكن للأرض غلاف جوي، لكان القمر يرى من الأرض بكل أوقات اليوم.

أما أطوار القمر فتعني أن القمر أثناء تحركه بين الأرض والشمس -خلال طور القمر الوليد أو المحاق- يتجه الوجه المضاء بعيداً عنا، والوجه المعتم للقمر يواجه الأرض. وهو الأمر الذي يجعله في الأساس غير مرئي لراصدي السماء على الأرض.

في وضح النهار

إن ذرات الغاز في غلافنا الجوي -خصوصاً النيتروجين والأوكسجين- تشتت الضوء ذو الأمواج القصيرة، كالأزرق والبنفسجي. وهذا التشتت أو البعثرة يعني امتصاص الضوء وإعادة إصداره في جهات مختلفة، وهذا ما يمنح الأرض سماءً زرقاء.

ولكي يرى القمر في ضوء النهر يجب أن يفوق الضوء المتبعثر القادم من الشمس على حد تعبير إدوارد غوينان أستاذ علم الفضاء وفيزياء الفضاء في جامعة فينالوفا في بنسلفانيا.

ولا يرى الراصدون على الأرض القمر لمدة يومين أو ثلاثة في وقت القمر الوليد، وذلك لأن موقعه في السماء يعني أن ضوء الشمس المبعثر يفوق في سطوعه ضوء القمر.

ولكن قرب القمر النسبي للأرض (٣٨٤٤٠٠ كم) يعني أن الضوء الذي يعكسه يبدو لنا أعلى سطوعاً من الأجسام الأخرى التي تصدر الضوء وتقع أبعد منه، كالنجوم والكواكب.

يقول غوينان أن النجوم التي ترى من الأرض أقل ضوءاً بمليون مليار مرة من الضوء القادم من الشمس، وأخفض بملايين المرات من ضوء القمر. وضوء الشمس المبعثر في السماء غالباً ما يفوق بسطوعه ضوء النجوم خلال النهار، ولكنه لا يفوق الضوء المنعكس عن القمر دائماً في النهار.

قياس السطوع

يستخدم علماء الفلك سطوع السطح طريقةً لتحديد كمية السطوع الظاهري للأجسام في السماء، كالمجرات والسدم. وذلك عن طريق قياس كمية الضوء الذي تصدره في منطقة ما من السماء كما ترصد من الأرض.

وبما أن القمر أقرب إلى الأرض من النجوم، فإن سطوعه السطحي أعلى من سطوع النجوم السطحي. وهذا يعني أننا نستطيع رؤية ضوءه بسهوله خلال النهار.

عوامل أخرى

كما تتأثر رؤية القمر خلال النهار بعوامل أخرى من بينها الفصول وطور القمر حينها ومدى صفاء السماء خلالها.
ويرى القمر خلال النهار في ٢٥ يوماً من الشهر خلال السنة. والأيام الخمسة الأخرى تكون في وقت القمر الوليد والبدر.

فعند طور القمر الوليد يكون أقرب للشمس فلا يرى. أما عندما يقترب من طور البدر فلا يرى إلا في الليل لأنه يشرق وقت الغروب ويغرب وقت الشروق.

يقول غوينان: اليوم الوحيد الذي لا يكون فيه القمر في السماء مع الشمس لبعض الوقت يكون في طور البدر.  ففي هذا اليوم تغرب الشمس ثم يشرق القمر، وعندما تشرق الشمس يغرب القمر. لذلك يكون هذا هو اليوم الوحيد الذي لا يوجد القمر معها في السماء.

ويبقى القمر فوق الأفق لمدة ١٢ ساعة يومياً، ولكن ظهوره قد لا يتزامن مع ساعات النهار دوماً. ففي الشتاء عندما يكون النهار أقصر عند العروض الوسطى مثلاً، يقل الوقت المتاح للقمر للظهور في النهار.

أفضل وقت لرؤية القمر نهاراً

يقول غوينان: أفضل الأوقات لرؤية القمر خلال النهار تكون في الربع الأول من الشهر (الأسبوع الذي يلي ولادة القمر)، وفي الربع الثالث (الأسبوع الذي يلي البدر).

يمكن رؤية القمر في الربع الأول وهو يرتفع في سماء الشرق خلال النهار. وفي الربع الثالث، يمكن رؤيته في الصباح في السماء الغربية. وهذه الأطوار هي أطول فترات يرى فيها القمر إلى جانب الشمس نهاراً، لما متوسطه ٥ أو ٦ ساعات خلال النهار.

من الظواهر الأخرى التي تؤثر على رؤية القمر نهاراً هو ضوء الأرض. فخلال طور الهلال تستطيع رؤية الجزء المعتم من القمر الذي يجب أن لا تراه بسبب ضوء الشمس الذي ينيره، لكن الجزء المعتم يتلقى ضوءاً منعكساً عن الأرض. وأفضل الأوقات لرؤية هذه الظاهرة تكون خلال طور الهلال، بعد ٣ أو ٤ أيام من ولادة القمر. وهناك مواقع إلكترونية تضع مخططات لأطوار القمر ومواقعه يمكن الاعتماد عليها.

ملخص المقال

نرى ضوء القمر في الليل لذات السبب الذي نراه فيه في النهار، أي لأنه يعكس ضوء الشمس. وقربه من الأرض مقارنة بالنجوم يجعل سطوعه الظاهري أعلى ويرى ولا ترى النجوم.

ومما يؤثر على رؤية القمر نهاراً غلاف الأرض للجوي وطور القمر والفصل وصفاء السماء وغيرها.

فلكي يرى نهاراً يجب أن يفوق سطوعه الضوء المتشتت في السماء. وأفضل أوقات رؤيته يكون في الأسبوع التالي لولادة القمر والأسبوع التالي للبدر. ويرى تقريباً في النهار لمدة ٢٥ يوماً خلال الشهر، ويبقى فوق الأفق حوالي ١٢ ساعة يومياً، وقد لا يتزامن ذلك مع النهار في الشتاء لقصر اليوم.

المصدر

هنا