تأكيد دوران الثقب الأسود حول نفسه كما تنبأ أنشتاين

أكد العلماء منذ أيام صحة ما تنبأ به أنشتاين في نظريته النسبية حول دوران الثقب الأسود حول نفسه!

حيث رصد العلماء اندفاعين ضخمين من الثقب الأسود العملاق مسييه ٨٧ وهو يتأرجح في دورة تتكون من ١١ عاماً. مثبتين بذلك للمرة الأولى أن الثقب الأسود يلتف.

تأرجح ودوران الثقب الأسود
تصور فني لتأرجح الثقب الأسود مسييه ٨٧ حول محوره. حقوق الصورة: Yuzhu Cui et al. 2023, Intouchable Lab@Openverse and Zhejiang Lab

الدليل الأول

يعد هذا الدليل الأول الذي أوجده العلماء عن دوران الثقوب السوداء حول نفسها، وأثبتت صحة نظرية أنشتاين النسبية مرة أخرى.

وقد جرى هذا الاكتشاف عن طريق دراسة اندفاعات هائلة من الطاقة من ثقب أسود بحجم النظام الشمسي في مركز المجرة المجاورة مسييه ٨٧.

والثقب الأسود مسييه ٨٧ من الثقوب التي درست أفضل دراسة حتى يومنا هذا. وهو إضافة إلى ذلك أول ثقب أسود يصوره العلماء، بصورة قطعة دونات تحيط به هالة ضوئية ضبابية.

وقد تنبأ العلماء منذ زمن بعيد بأن الثقوب السوداء تدور حول نفسها، ولكن تحدي تصوير هذه الوحوش الكونية جعل إيتاء الدليل صعباً. وقد نشر العلماء ما وجدوه يوم ٢٧ أيلول في مجلة نيتشر.

يقول عالم الفضاء كوزاهيرو هادا في المرصد الوطني الفضائي في اليابان: دوران الثقوب السوداء من عدمه أصبح الشغل الشاغل للعلماء بعد نجاح تصوير تلسكوب أفق الحدث للثقب الأسود. والآن تحولت هذه التوقعات إلى دليل ثابت، فالثقوب تدور بالفعل.

إن قوى الجذب الهائلة للثقوب السوداء لا يعني بأنها لاتُرى. وذلك لأن النشط منها محاط بأقراص تراكم. وهي انبعاثات عمودية من المواد التي جردها الثقب من سحب الغاز والنجوم، ودرجة حرارتها هائلة بسبب الاحتكاك التي تتعرض له عند دورانها أثناء ابتلاع الثقب الأسود لها.

الثقب الأسود مسييه ٨٧
صورة مستقطبة للثقب الأسود في مركز المجرة مسييه ٨٧. حقوق الصورة: EHT Collaboration

أساس الاكتشاف الجديد

بعض هذه المواد تقذف مشكلة اندفاعين من المواد الحارة، متحركة في عشر الحالات تقريباً بسرعة تبلغ ٩٩.٩٪ من سرعة الضوء. أما كيف تكتسب اندفاعات الثقب الأسود هذه القوة الهائلة بقي لغزاً يحير العلماء.

إلا أنهم استخدموا نظرية أنشتاين في النسبية العامة لتقديم اقتراح بأن هذه الطاقة تكتسبها المواد من الحقول المغناطيسية للثقوب السوداء، إذا كانت هذه الثقوب السوداء تدور بسرعة هائلة حول محاورها.

ويرجح أن الثقوب السوداء قد اكتسبت بعض دورانها ذلك من أيامها الأولى نجوماً. إذ كانت أثناء انخماصها نحو الداخل أشبه بمتزلجي الجليد المحترفين الذين يضمون أيديهم إلى أجسامهم لزيادة سرعة دورانهم حول أنفسهم. ويرجح أن هذا الدوران قد ازداد سرعة مع الزمن، وذلك بسبب المادة الساقطة إلى الداخل من النجوم التي مزقها الثقب الأسود، أو من خلال حوادث اصطدامه مع أجسام أخرى.

لجأ العلماء إلى الثقب فائق الضخامة مسييه ٨٧ للبحث عن دلائل عن هذا الدوران. وهو ثقب أسود هائل في نسيج الزمكان يعتمد على كتلته البالغة ٦.٥ مليار من مثل كتلة الشمس ليحقق ارتكاز المجرة بأكملها.

ووجد العلماء بدراسة هذا الثقب بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠٢٢ باستخدام شبكة عالمية من التلسكوبات الراديوية أن اندفاعاته كانت تتأرجح جيئة وذهاباً مثل بندول الإيقاع في دورة مدتها ١١ عاماً.
وهذا دليل على أن الثقب يتأرجح أو يلتف ويدور حول محوره في ذات الوقت، كما تدور لعبة البلبل الدوار حول نفسها.

وقد ذهل العلماء بهذا الاكتشاف. وبما أن اختلاف المحاذاة بين الثقب الأسود والقرص صغيرة نسبياً، وفترة التأرجح تمتد لمدة ١١ عاماً تقريباً، كان جمع بيانات تعقب عالية الدقة لبنية مسييه ٨٧ عبر عقدين من الزمن والتحليل أساسيان للوصول إلى هذا الاكتشاف.

أسئلة جديدة

بعد إثبات صحة نسبية أنشتاين مجدداً، تنبثق أسئلة جديدة من اكتشاف دوران الثقب الأسود حول نفسه. ومن بين هذه الأسئلة ما يتصل بماهية الأحداث التي سببت سرعة دورانه حول نفسه، بالإضافة إلى إمكانية اكتشاف مجالات الفوتون. وهي حلقات ضوئية باهتة تحيط بالثقب الاسود ويمكن أن تعطي دلائل هامة في نظرية الجاذبية الكمية.

ملخص المقال

أكد العلماء منذ أيام صحة ما تنبأ به أنشتاين في نظريته النسبية بأن الثقب الأسود يدور حول نفسه!
لجأ العلماء إلى الثقب فائق الضخامة مسييه ٨٧ للبحث عن دلائل عن هذا الدوران. وبدراسة اندفاعاته بين عام ٢٠٠٠ و٢٠٢٢ وجدوا أنها كانت تتأرجح جيئة وذهاباً مثل بندول الإيقاع في دورة مدتها ١١ عاماً.

وهذا دليل على أن الثقب يتأرجح أو يلتف ويدور حول محوره في ذات الوقت، كما تدور لعبة البلبل الدوار حول نفسها.

المصدر

هنا