أهم ٥ تقنيات لحرف مسار الكويكبات المتوجهة للاصطدام بالأرض
تمتلئ الزاوية التي نتوضع فيها من الكون ببقايا صخرية فضائية ناتجة عن ولادة النظام الشمسي. والأجسام القريبة من الأرض لها مدارات تقربها من مدار الأرض. ومع أن هذه الصخور مثيرة للاهتمام من الناحية العلمية، ويمكن أن تعرفنا الكثير عن أصلنا. غير أنها يمكن أن تكون خطرة أيضاً. فصدمة مباشرة من جسم كبير لمنطقة مأهولة يمكن أن يسبب دماراً شاملاً وإصابات كثيرة.
ولحسن الحظ، يمكننا الدفاع عن كوكبنا من الكويكبات الخطرة بتوفر ما يكفي من الوقت والتحضير. فدفعات صغيرة لمسار كويكب قريب من الأرض يمكن أن يكون لها تبعات طويلة الأمد، وتحول الاصطدام المباشر إلى اجتناب اصطدام قريب.
من هنا طرحت طرق عديدة لحرف مسار الكويكبات عبر السنوات. والتقنية التي نختارها تعتمد على: كمية الوقت التي نملكها للتحضير، وعلى تركيبة الكويكب، وعلى التقنية التي اختبرت وأظهرت القدرة للاعتماد عليها.
وإليك أهم ٥ تقنيات لحرف مسار الكويكبات المتوجهة إلى الأرض.
١- استخدام صادم حركي
إن المبدأ الذي يقوم عليه الصادم الحركي بسيط، ألا وهو: اجعل جسماً ما كمركبة فضائية على سبيل المثال يرتطم بالكويكب، ويغير مساره بناء على ذلك.
وتقنية الصادم الحركي هي التقنية الدفاعية الوحيدة التي جربت بالفعل على كويكب حقيقي. حيث وجهت المركبة التابعة لناسا «دارت» مباشرة نحو القمر الكويكبي ديمورفوس عام ٢٠٢٢. وتلك أول محاولة لتغيير وضع، أو مسار كويكب، أو جرم في الفضاء. ولذلك انحرف مسار ديمورفوس حول الكويكب الأم الذي يدور حوله بمقدار ٣٣ دقيقة.
وقد رصد القمر الصناعي كيوب سات الذي أرسل قبل الاصطدام مواداً تندفع من ديمورفوس إلى الفضاء. وقد رصدت هذا بالإضافة إلى ذلك تلسكوبات أخرى كتلسكوب هابل وجيمس ويب وبعض التلسكوبات الموجودة على الأرض.
وتبين أن الدفع الحادث على ديمورفوس من الحطام أقوى من الدفع الناتج عن ارتطام دارت نفسه. وتلك كانت نتيجة مهمة من هذه التجربة.
وفي الوقت نفسه أكدت المركبة دارت على إمكانية إرسال مركبة فضائية ملايين الكيلومترات، وذلك لكي تعترض كويكباً قطره أقل من كيلو متر. وذلك بدون أي مساعدة بشرية في اللحظات الأخيرة.
إذ استغرقت الإشارات المنتقلة بسرعة الضوء من الأرض إلى المركبة دارت ٣٨ دقيقة، أثناء اقترابها من الكويكب. وبعد ذلك التقطت دارت صوراً للهدف تلقائياً، وعدلت مسارها بناء على ذلك. مثبتة بذلك إمكانية دفاعية كوكبية أساسية.
٢- استخدام القطر بالجاذبية
قاطرة الجاذبية مركبة فضائية تحلق بجانب الكويكب. من ثم تستخدم قوى جاذبيتها لتطبيق قوى شد على الكويكب وتغير مساره ببطئ. ولأن فرق الكتلة بين المركبة والكويب هائل، فيمكن تحقيق تغيرات بسيطة في مسار الكويكب إذا أعطينا العملية شهوراً وسنوات.
وهذه التقنية توفر تحكماً كبيراً، وتسمح لنا توجيه الكويكب بعيداً عن الأرض بدقة. أما الجانب السلبي فيها هو أنها لا تنفع إذا زاد قطر الكويكب عن ٥٠٠ متر.
٣- استخدام التدمير بالليزر
يذكرنا إطلاق الليزر على الكويكبات بالألعاب الإلكترونية القديمة. وتختلف عنها بأن فكرتها تقوم على توجيه مركبة أو مركبتين فضائيتين ليزراً مركزاّ على سطح كويكب. والغاية من ذلك تفجير الصخور وإحداث أعمدة من المقذوفات. وهذا الحطام المقذوف يحدث دفعاً على الكويكب مغيراً مساره بيطء.
وقد سمحت التجارب المخبرية لهذه الفكرة للعلماء تحديث النماذج النظرية. وأظهرت أن هذه التقنية ممكنة لحرف مسار الكويكبات.
٤- التوجيه بحزمة أيونية
ماذا لو كان باستطاعتك دفع كويكب بالمحرك الدافع لمركبتك؟ هذه هي فكرة الدفع بحزمة أيونية. وتعتمد على القوة التي يحدثها ما يخرج من المحرك الأيوني على الكويكب.
تستخدم مهمات الفضاء الدفع الأيوني منذ عقود، من مهمة الفضاء العميق ١ إلى داون ومن ثم دارت. والمحرك الأيوني يشحن وقوداً مثل الزينون كهربائياً. وينشأ عن ذلك أيونات تتسارع وهي خارجة من المركبة بسرعات فائقة.
والمحركات الأيونية ليست بالطبع كمحركات المركبات التقليدية في قوة دفعها. ولكنها يمكن أن تعمل باستمرار لمدد طويلة، وتدفع المركبة في نهاية المطاف بسرعات أعلى.
فماذا إذا وجهت المركبة الفضائية المحرك الأيوني إلى كويكب ما؟ بهذا ستصطدم الأيونات المتسارعة بالكويكب، مسببة دفعاً معتدلاً له. وقد يستغرق إخراج الكويكب عن مساره نحو الأرض شهوراّ وسنيناً.
وبهذا نحن بحاجة إلى تنبيه قبل وقت طويل بأن الكويكب متجه نحو الأرض. كما أن المركبة بحاجة إلى نظام دفع ثانوي بالإضافة إلى ذلك، وذلك لدفعها بالاتجاه المعاكس. باعتبار أن المحرك الأيوني سيدفع المركبة أيضاً بعيداً عن الكويكب.
وتقول ورقة بحثية بأن هذه الطريقة أنجع من طريقة القطر بالجاذبية مع الكويكبات التي يقل قطرها عن ٢ كم.
٥- استخدام انفجار نووي
ماذا إذا فشلت جهودنا في تغيير مسار كويكب قريب. أو أننا لم نلحظ الكويكب على سبيل المثال إلا بعد أن تأخر الوقت؟ إن الخيار الأخير في هكذا حالة يمكن أن يكون انفجاراً نووياً.
وتتضمن هذه التقنية إطلاق مركبة محملة بسلاح نووي باتجاه كويكب في محاولة لإبعاده عن الأرض. ولكن بالإضافة إلى المخاطر المتمثلة بإطلاق سلاح نووي إلى الفضاء، قد يتشظى الكويكب بفعله إلى قطع كثيرة. ما ينقلنا من تهديد كويكب مدمر واحد إلى تهديد اصطدامات مدمرة كثيرة. ومع ذلك قد تكون أملنا الأخير في نهاية المطاف.
وتشير دراسة حديثة إلى أن تفجير قنبلة نووية قرب كويكب قطره ١٠٠ متر، قبل شهرين من الارتطام بالأرض على الأقل، يمكن أن يبعد ٩٩.٩٪ من كتلة الكويكب عن الأرض.
دعم تقنيات حرف مسار الكويكبات
إن الطريقة الفضلى لدعم أي تقنية تستهدف حرف مسار الكويكبات تكمن في إيجاد الكويكب قبل أن يجدنا.
وستساعد مهمة مراقبة الأجسام القريبة من الأرض التابعة لناسا في هذا الخصوص. حيث ستحدد مكان ٩٠٪ من الأجسام القريبة من الأرض ذات الأقطار البالغة ١٤٠ متر على الأقل خلال ١٠ سنوات.
وعادة ما نحتاج أضعاف الوقت لتحديد مسارات الكويكبات المكتشفة حديثاً. ونحن بحاجة إلى جهود كثيرة وتعاون كبير للنجاح في الحد من خطر الكويكبات، وهناك الكثير من هذه الجهود.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مهمة هيرا التابعة لوكالة الفضاء الأوربية ستنطلق إلى ديمورفوس عام ٢٠٢٤. وتهدف إلى مسح الدمار الناتج عن المهمة دارت. وسيساعدنا استمرار البحث وتطوير التقنيات والمهمات الفضائية في الحماية من أصغر قاطني الفضاء هذه.
ملخص المقال
أهم ٥ تقنيات لحرف مسار الكويكبات المتوجهة للاصطدام بالأرض:
- استخدام صادم حركي
- القطر بالجاذبية
- التدمير بالليزر
- التوجيه بحزمة أيونية
- استخدام انفجار نووي