برك المياه تطلق غازات دفيئة أكثر مما تخزنه وفق بحث جديد

برك المياه تطلق غازات دفيئة أكثر مما تخزنه
خريطة مستويات ارتفاع لثخانة رسوبيات مقدرة في عينة من ٢٢ بركة في هذه الدراسة. يشير اللون الأزرق الأغمق إلى ثخانة رسوبية أكبر. حقوق الصورة: Limnology and Oceanography Letters (2023). DOI: 10.1002/lol2.10351

مع أن البرك الصنعية تخزن وتطلق غازات الدفيئة، إلا أننا إذا أخذناها مجتمعة، فقد تكون مصادر انبعاث فعلية لوحدها، وذلك وفق دراسات أجراها باحثون من جامعة كورنيل.

بدأت الأبحاث بتحديد كمية الآثار الرئيسية لبرك المياه الصنعية والطبيعية على إجمالي غازات الدفيئة العالمي، والقياسات ليست واضحة بما يكفي.

تقول الباحثة الرئيسية ميريديث هولجيرسون، والباحث المشارك نيكولاس راي: تعتمد نماذج المناخ والتنبؤ العالميين على تقديرات دقيقة لانبعاثات غازات الدفيئة ولتخزين الكربون.

وقد قدرت هولجيرسون وزملاؤها سابقاً أن البرك تسهم بمقدار ٥٪ من انبعاثات الميثان في الغلاف الجوي. وتعرف هذه البرك بأنها برك بمساحة ٥ هكتار أو أقل، وقد يوجد منها مليار بركة على الأرض.

ولكن دون قياسات دقيقة في عديد من الأجسام المائية قد يكون العدد الحقيقي نصف أو ضعف تلك النسبة المئوية. ومن ناحية أخرى، إن التقديرات الموجودة لمعدلات دفن الكربون في البرك تقديرات قليلة جداً.

تدرس إحدى الأوراق البحثية التي نشرت في مجلة Limnology and Oceanography Letters كمية الكربون التي تحتجز في ٢٢ بركة تجريبية تتبع لجامعة كورنيل.

وقد بنيت البرك المائية الخمسين المتطابقة عام ١٩٦٤. وقدمت لنا بيئات مضبوطة جداً، مع بيانات مفصلة سجلت من دراسات سابقة. وقد سمحت هذه البيانات لهولجيرسون وزملائها بتقييم إسهام أنشطة الإدارة في تخزين الكربون.

ودرس الباحثون في الدراسة أنشطة الإدارة السابقة، بالإضافة إلى أخذ عينات الرواسب الجوفية الأسطوانية وقياسات ثخانة الرواسب لكل بركة من برك الدراسة البالغة ٢٢ بركة.

ثم قاسوا كمية الكربون في الرواسب، وقدروا كميته في البركة الإجمالية الناتجة من هذه القياسات. ثم قسموا الرقم على عمر البركة، وذلك للوصول إلى كمية الكربون المخزن سنوياً بالمتر المكعب. وهو رقم من ذات رتبة الرقم الناتج عن الأراضي الرطبة ومستنقعات المانجروف، وأعلى من البحيرات.

نتائج أخرى

كما وجدوا أيضاً أن معدلات دفن الكربون كانت متأثرة بالنباتات المائية (الكبيرة بما يكفي لرؤيتها) وبالسمك والإضافات ذات مستويات النتروجين المرتفعة نسبة إلى الفوسفور، وبالمواد الغذائية التي قد لا تتجدد في بركة ساكنة وتصبح محدودة. أما الأنواع المناسبة من المواد الغذائية المضافة والنسب الصحيحة منها تعزز نمو النباتات التي تستعمل الكربون لنمو خلاياها. كما أنها تترسب إلى قاع البركة عند موت النبات.

ومع أن بيانات اختزان الكربون العضوي في البرك الطبيعية قليلة، غير أن الباحثين استنبطوا نتائجهم من أجل تقدير معدل دفن الكربون الإجمالي في البرك الصناعية والطبيعية عالمياً.

وتوصلوا إلى أن البرك الطبيعية والصناعية تختزن ٦٥٪ إلى ٨٧٪ من إجمالي الكمية التي يقدر أن تختزنها البحيرات كلها. وهذا يدل على أن العلماء تقلل من شأن احتباس الكربون في البرك والبحيرات.

أما الدراسة الثانية المنشورة في
journal Geophysical Research Letters فقد درست الانبعاثات الموسمية لغازات الدفيئة (ثاني أوكسيد الكربون والميثان بصورة رئيسية) في ٤ برك تجريبية تابعة لجامعة كورنيل.

إذ قاس الباحثون في الدراسة انبعاثات الغاز من البرك كل أسبوعين تقريباً في الفترة الخالية من الجليد عام ٢٠٢١.

تقديرات غازات الدفيئة غير دقيقة

يقول راي المؤلف الرئيسي في الدراسة: إن التقديرات العالمية لكمية غازات الدفيئة في البرك غير دقيقة البتة. وذلك بجزء منه يعود إلى قلة القياسات الزمنية. وقد وجد الباحثون أن الميثان -غاز دفيئة أقوى بمقدار ٢٥ مرة من ثاني أوكسيد الكربون- مسؤول عن معظم الغاز المنبعث سنوياً. وأن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والميثان تتفاوت من فصل لآخر.

حيث امتصت البرك ثاني أوكسيد الكربون خلال فصول الصيف الأولى أثناء نمو النباتات، ثم انبعث منها في فترة لاحقة من العام عندما بدأت النباتات بالتحلل. أما الميثان فقد انبعث أثناء الأشهر الحارة، ولكن التغيرات في الانبعاثات من أسبوع لآخر كانت عالية. ما أشار إلى الحاجة إلى أخذ عينات متكررة للوصول إلى تفسيرات دقيقة.

وجد الباحثون أن الماء عندما كان طبقات ( طبقة من الماء الساخن فوق ماء بارد في الأسفل) ازداد الميثان وأدى إلى انبعاثات إجمالية أعلى مما كانت عليه عند اختلاط الماء بفعل الرياح أو ببرودة مفاجئة. وهذا لأن الكائنات الحية المكروية على قاع البرك والتي تنتج غاز الميثان تحتاج بيئة قليلة الأكسجين، وهذا ما يخربه اختلاط الماء.

وعند اخذ النتائج من كلتا الدراستين، فالبرك مصدر رئيسي لانبعاث غازات الدفيئة. وذلك لأن انبعاثات الميثان تفوق كمية الكربون المخزن في الرواسب. لكن النتائج تتيح أيضاً إمكانية تقليل انبعاثات الميثان باستخدام مولد فقاعات أو جهاز دوران.

تقول هيرجينسون: لو أمكننا تخفيض قيمة الميثان، فقد يمكننا قلب هذه البرك من مصادر انبعاث أساسية إلى أماكن ترسيب له. ولكن يجب أن نفهم ذلك الميثان.

ملخص المقال

بينت دراسة جديدة بأن برك المياه تطلق غازات دفيئة أكثر مما تخزنه. فإذا أخذناها مجتمعة، قد تكون مصادر انبعاث فعلية لوحدها.

وتشير التقديرات إلى أن البرك تمتص ثاني أوكسيد الكربون خلال فصول الصيف الأولى أثناء نمو النباتات، ثم ينبعث منها في فترة لاحقة من العام عندما تبدأ النباتات بالتحلل. أما الميثان فينبعث أثناء الأشهر الحارة.

كما تبين أن كمية انبعاث الميثان عندما يكون الماء طبقات (ساخن فوق بارد) أعلى مما يكون عند اختلاط الماء. وذلك لأن الكائنات المنتجة للميثان تحتاج بيئة قليلة الأوكسجين، وهذا ما يخربه اختلاط الماء.

ولو أمكننا تخفيض انبعاثات الميثان باستخدام مولد فقاعات أو جهاز تدوير للماء، فقد نحول البرك من مصادر انبعاث أساسية إلى أماكن حجز للانبعاثات.

المصدر

هنا