أقدم ثقب أسود معروف يبتلع مجرته

أقدم ثقب أسود يلتهم مجرته
التقط تلسكوب هابل هذه الصورة التي تظهر موقع المجرةGN-z11 عام ٢٠١٦. ويقع ثقب أسود فائق الكتلة في وسط مجرته، وهو أقدم ثقب معروف وقتئذ. حقوق الصورة:  NASA/ ESA/ P. Oesch (Yale University)

أعلن فريق دولي من علماء الفضاء في ١٧ كانون الثاني ٢٠٢٤ بأنهم اكتشفوا مرشحاً جديداً ليكون أقدم ثقب أسود في الكون. وقالوا بأن عمره يتخطى ١٣ مليار عام، ليكون بقدم الكون ذاته تقريباً، وفق النظريات الحديثة. ويبدو بأنه يرجع إلى الفترة التي تلت الانفجار العظيم بمدة ٤٠٠ مليون عام. وأقدم ثقب أسود مرشح يبتلع مجرته كما يبدو.

إذ صرحوا بأن هذا الثقب الأسود يلتهم مجرته الحاوية له، وذلك كي يكبر. ولا شيء جديد في ذلك، فكل الثقوب السوداء التي تعود إلى الكون المبكر تلتهم بتلك الطريقة. ولكنهم قالوا أيضاً بأن هذا الثقب الأسود أعلى كتلة مما هو متوقع نسبة إلى وجوده منذ فترة مبكرة جداً من تاريخ الكون.

وقد نشر الباحثون بقيادة جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة تفاصيل اكتشافهم في مجلة نيتشر في ١٧ كانون الثاني ٢٠٢٤.

أقدم ثقب معروف في الكون

يقع هذا الثقب الأسود في مركز المجرة الفتية GN-z11. وهذا يشابه وجود الثقوب السوداء فائقة الكتلة في مراكز المجرات. ولكنه من غير المعتاد رؤية ثقب أسود كبير الكتلة في مجرة ما زالت فتية جداً، يبلغ عمرها عدة مئات من ملايين السنين فحسب في حينها. فبينما يبدو صغيراً نسبياً من حيث الحجم، إلا أنه أعلى كتلة بعدة ملايين من المرات من شمسنا.

يقول المؤلف الرئيسي روبيرتو مايولينو من جامعة كامبردج: من المبكر جداً في الكون أن نرى ثقباً أسود بهذه الكتلة، ولذلك علينا بالتفكير بطرق أخرى تشكل بها. لقد كانت المجرات المبكرة غنية جداً بالغازات، لذلك كانت أشبه بطاولة طعام مفتوحة للثقوب السوداء.

وللتوضيح، يرى علماء الفضاء أقدم ثقب أسود معروف كما كان موجوداً منذ ١٣ مليار عام. وهذا يعني أنه في ذلك الوقت كان الثقب الأسود مايزال فتياً بالطبع. فنحن نراه كما كان بعد ٤٠٠ مليون عام بعد الانفجار العظيم فقط. وهذا يعني بالمقياس الكوني أنه كان ما يزال وليداً. فقد كان عمر الكون حينها ٣٪ من عمره الحالي.

أقدم ثقب أسود يلتهم مجرته
صورة من تلسكوب هابل تظهر موقع المجرة GN-z11.
حقوق الصورة: NASA/ ESA/ P. Oesch (Yale University)
أقدم ثقب أسود
تصور فني لفكرة الثقب الأسود فائق الكتلة، وتظهر الهالة باهتة، مع دوامات مخروطية فوق القرص التراكمي. ويقع في مراكز المجرات. حقوق الصورة: NASA/ Aurore Simonnet (Sonoma State University)

الثقب الأسود يلتهم مجرته

تسحب الثقوب السوداء الغاز وغيره من المواد من حولها، مما يساعدها في أن تكبر، وهذا الثقب الأسود على المنوال ذاته. ولكن قال العلماء عن هذا بأن شهيته أكبر من غيره، بل أعلى من الثقوب الأكبر عمراً منه. ولكن هذا قد يكون مؤذياً كما هو تناول الكثير من الطعام. فإذا امتص الثقب الأسود الكثير من الغاز، فسيبدأ بدفع الغاز بعيداً عنه بدلاً من ذلك.

ويتحرك الغاز مبتعداً عبر رياح فائقة السرعة. ويمكن لهذه الرياح أن تعرقل تكون النجوم في المجرة الحاوية له. وهذا أمر مدمر ليس للمجرة فحسب، بل وللثقب الأسود ذاته بالطبع. لأن ذلك ببساطة يدمر تماماً ما يلتهمه الثقب الأسود. وبهذا يؤكد بالتهامه السريع لغذائه قدره المحتوم بنفسه.

والمجرة الحاوية لهGN-z11 مجرة فتية ومن النوع الصغير أيضاً. وهي أصغر من مجرتنا بمئة مرة تقريباً. والثقب الأسود فائق الكتلة في مركزها كما بقية المجرات.

وبالطبع تطرأ أسئلة مما سبق. فوفق فهمنا الحالي لكيفية نشوء الثقوب السوداء، يفترض أن يستغرق الثقب مليار عام ليصبح بكتلته تلك. ولكن ما لوحظ أن المجرة والثقب الأسود -نراهما حالياً بعد ١٣ مليار عام- كان عمرهما ٤٠٠ مليون عام، فكيف أصبح بهذه الكتلة الفائقة؟

عهد جديد

يتوقع علماء الفلك أن تلسكوب جيمس ويب سيكون قادراً على إيجاد ثقوب سوداء أقدم من هذا حتى. والأمر كما أشار إليه مايولينو: جيمس ويب يأخذنا نحو عهد جديد.

والعهد الجديد يعني: هذه القفزة الكبيرة بالحساسية وخصوصاً في حقل الأشعة تحت الحمراء، أشبه بتحديث من تلسكوب غاليليو إلى تلسكوب حديث بين ليلة وضحاها. وقبل أن يوضع جيمس ويب بالخدمة، اعتقدنا أن الكون ليس بتلك الإثارة إذا ذهبنا أبعد مما يرصده تلسكوب هابل.

ولكن لم يكن هذا هو الحال أبداً: فالكون كان كريماً جداً بما يريه لنا، وهذه البداية فحسب.

ملخص المقال

أعلن فريق دولي من العلماء عن اكتشاف مرشح ليكون أقدم ثقب أسود معروف يبتلع مجرته.
ويبدو بأنه يرجع إلى الفترة التي تلت الانفجار العظيم بمدة ٤٠٠ مليون عام.

وما يثير الغرابة حوله وحول مجرته الصغيرة بأن الثقب الأسود يحتاج مليتر عام حتى يصبح بكتلته الضخمة تلك، فكيف وصل إليها وقد كان عمره ٤٠٠ مليون عام فحسب؟

ويتوقع علماء الفلك أن تلسكوب جيمس ويب سيكون قادراً على إيجاد ثقوب سوداء أقدم من هذا حتى، وسيأخذنا إلى عهد جديد في علم الفضاء.

المصدر

هنا