هل السفر عبر الزمن ممكن؟
الإجابة المختصرة
مع أن الإنسان لا يمكن أن يركب آلة الزمن ويعود إلى الوراء فيه، إلا أننا نعلم بأن الساعات في الطائرات والأقمار الاصطناعية تتحرك بسرعة تختلف عن سرعة الساعات عن الأرض.
وجميعنا يسافر عبر الزمن! فنحن نسافر سنة عبر الزمن بين كل عيد ميلاد لنا وتاليه على سبيل المثال. ونحن نسافر كلنا عبر الزمن بسرعة واحدة تقريباً وهي ١ ثانية في الثانية.
كما أن تلسكوبات ناسا الفضائية توفر لنا طريقة للنظر وراءً عبر الزمن أيضاً. فالتلسكوبات تمكننا من رؤية النجوم والمجرات البعيدة جداً. والضوء القادم من هذه النجوم والمجرات يستغرق وقتاً طويلاً للوصول إلينا. فإننا بذلك عندما ننظر إلى السماء بالتلسكوب فنحن نرى شكل هذه النجوم والمجرات التي كانت عليه منذ زمن بعيد جداً.
ولكن عندما نتأمل في كلمة «السفر عبر الزمن»، فإننا عادة ما نفكر بالسفر عبره بسرعة أعلى من ١ ثانية في الثانية. ويبدو هذا النوع من السفر عبر الزمن أشبه بما نراه في الأفلام أو كتب الخيال العلمي. فهل من الممكن أن يكون حقيقياً؟ يجيب العلم عن ذلك بأنه يمكن أن يكون حقيقياً بالطبع.
كيف نعرف إن كان السفر عبر الزمن ممكناً أم لا؟
منذ أكثر من ١٠٠ عام، جاء العالم اللامع أنشتاين بفكرة عن طبيعة الزمن، وأطلق عليها تسمية النسبية. وتقول هذه النظرية أن الزمان والمكان مرتبطان ببعضهما البعض. كما قال أيضاً بأن في كوننا حدود للسرعة، إذ لا يستطيع شيء التحرك بسرعة أعلى من سرعة الضوء (٣٠٠ ألف كم في الثانية تقريباً).
ماذا يعني هذا فيما يتصل بالسفر عبر الزمن؟
يعني هذا وفقاً للنظرية أنك كلما تحركت أسرع في المكان، كان الزمن أبطأ. وأجرى العلماء بعض التجارب لبرهنة صحة ذلك.
فعلى سبيل المثال، جرت تجربة ضبطت فيها ساعتان على ذات التوقيت. إحداها بقي على الأرض، وأرسلت الأخرى على متن طائرة تحلق في الاتجاه ذاته الذي تدور فيه الأرض.
وبعد أن حلقت الطائرة حول العالم، قارن العلماء بين الساعتين. فكانت الساعة التي حملتها الطائرة تتحرك بسرعة متأخرة قليلاً عن الساعة التي بقيت على الأرض. ويعني هذا أن الطائرة كانت تسير عبر الزمن أبطأ من ١ ثانية في الثانية.
هل يمكننا استغلال السفر عبر الزمن في حياتنا اليومية؟
لا يمكننا أن نستخدم آلة الزمن للسفر مئات السنين نحو الماضي أو المستقبل. إذ أن هذا النوع من السفر يحدث فقط في الكتب والأفلام. ولكن الزمن رياضياً يؤثر بالفعل على الأشياء في حياتنا اليومية في الواقع.
فنحن على سبيل المثال نستخدم أقمار نظام تحديد المواقع العالمي جي بي إس لمساعدتنا في معرفة كيفية الوصول إلى أماكن جديدة.
ويستخدم علماء ناسا أيضاً نسخاً عالية الدقة من هذه الأقمار لتتبع مسارات الأقمار الاصطناعية. ولكن هل تعلم بأن أقمار نظام تحديد المواقع العالمي تعتمد على رياضيات السفر عبر الزمن لمساعدتك في التحرك في مدينتك؟
فالأقمار الاصطناعية تدور حول الأرض بسرعة كبيرة تبلغ ١٤٠٠٠ كم في الساعة. وهذا ما يبطئ من ساعات الأقمار الاصطناعية أجزاءً من الثانية (كما في مثال الطائرة المذكور أعلاه).
بالإضافة إلى ذلك، تدور الأقمار الاصطناعية حول الأرض على ارتفاع ٢٠٢٠٠ كم. وهذا يسرع ساعات الأقمار الاصطناعية في الواقع أجزاءً أكثر من الثانية.
حيث تنص نظرية أنشتاين أيضاً أن الجاذبية تحني المكان والزمان، مما يجعل مرور الوقت أبطأ. وجاذبية الأرض في المكان الذي تدور فيه الأقمار الاصطناعية في الأعلى ضعيفة. وهذا ما يؤدي إلى دوران ساعات أقمار نظام تحديد المواقع إلى الدوران أسرع من الساعات على الأرض.
والنتيجة المشتركة أن الساعات على أقمار نظام تحديد المواقع العالمي يمر فيها الوقت بسرعة أعلى بقليل من ١ ثانية في الثانية. ولحسن الحظ يستخدم العلماء الرياضيات لتصحيح هذه الاختلافات في الزمن.
وإذا لم يصحح العلماء ساعات أقمار نظام تحديد المواقع العالمي، ستحدث مشكلات كبيرة. فلن تتمكن هذه الأقمار من تحديد موقعها أو موقعك. وستكون حصيلة الأخطاء عدة كيلومترات في اليوم، وهذا رقم كبير. أي سيظهر منزلك بأنه غير موجود بالقرب من مكانك في حين أنه موجود في الواقع.
السفر عبر الزمن حقيقي
إذاً يمكننا أن نقول في النهاية أن السفر عبر الزمن أمر حقيقي، ولكنه ليس كالشيء الذي شاهدته في الأفلام والمسلسلات تماماً. إذ يمكن تحت ظروف معينة أن يمر الوقت بسرعة تختلف عن سرعة ١ ثانية في الثانية. وهناك أسباب هامة تقف وراء الحاجة لفهمنا هذا الشكل الحقيقي من السفر عبر الزمن.
ملخص المقال
لا يمكن السفر عبر الزمن بركوب آلة الزمن، إلا أن الساعات في الطائرات والأقمار الاصطناعية تتحرك بسرعة تختلف عن سرعة الساعات عن الأرض. وجميعنا يسافر عبر الزمن بسرعة ثانية واحدة في الثانية. والتلسكوبات ترينا ما كانت عليه المجرات في الماضي.
أما عن إمكانية السفر عبر الزمن، تقول نسبية أنشتاين أننا كلما تحركنا أسرع في المكان، نتحرك أبطأ في الزمن. وأن الجاذبية تحني الزمكان فيكون الوقت أبطأ. ونتيجة هذين العاملين يتحرك الزمن في أقمار نظام تحديد المواقع أسرع من ١ ثانية في الثانية، ويصحح العلماء هذه الفروقات رياضياً. وهذا شكل من أشكال السفر عبر الزمن.