اكتشاف جديد يخالف تعريف النجوم القزمة البيضاء الكلاسيكي
كشف العلماء سبب توقف بعض الأقزام البيضاء الغامض عن التبرد. الأمر الذي يغير بالطبع الأفكار حول قدم هذه النجوم الحقيقي، وماذا يحدث لها عندما تخمد.
يعتقد عموماً بأن النجوم القزمة البيضاء نجوم ميتة، تستمر بالتبرد مع مرور الوقت. ولكن كشفت بيانات من القمر غايا التابع لوكالة الفضاء الأوربية عام ٢٠١٩ عن مجموعة من النجوم القزمة البيضاء التي توقفت عن التبرد، وذلك منذ ثمانية مليارات عام.
وأشار ذلك إلى أن بعض الأقزام البيضاء يمكنها أن تولد طاقة إضافية هامة، وهذا يعاكس الصورة الكلاسيكية التي تقول «نجم ميت». ولم يكن العلماء في البداية على يقين كيف يمكن حدوث ذلك.
البحث الجديد
واليوم وفي بحث جديد نشر في مجلة نيتشر بقيادة د. أنطون بيدارد من جامعة واريك، و د. سيمون بلوين من جامعة فيكتوريا في كندا، يكشف عن الآلية الكامنة وراء هذه المشاهدة المحيرة.
يجدر بالذكر أن أكثر من ٩٧٪ من النجوم في درب التبانة ستتحول في النهاية إلى أقزام بيضاء. ولطالما عد العلماء هذه النجوم في المراحل الأخيرة من حياتها في الحقيقة. وذلك لكونها استنفدت مصدر طاقتها النووية، فتوقفت عن إنتاج الحرارة وتستمر في التبرد حتى تتجمد البلازما الكثيفة في لب كل منها وتتحول إلى حالة صلبة. ويتصلب النجم من الداخل إلى الخارج. وقد تستغرق عملية التبرد هذه مليارات السنين.
ووفقاً للبحث الجديد، لا تتجمد البلازما الكثيفة في لب بعض هذه الأقزام البيضاء بهذه البساطة من الداخل للخارج وحسب. بل تغدو البلورات الصلبة المتشكلة إثر التجمد أقل كثافة من السائل، ولهذا بالطبع تميل إلى أن تطفو.
وأثناء عوم البلورات نحو الأعلى تزيح السائل الأثقل نحو الأسفل. ويطلق انتقال المواد الأثقل نحو مركز النجم طاقة ثقالية، وهذه الطاقة كافية لإعاقة عملية تبرد النجم لمليارات السنين.
ظاهرة فيزيائية فضائية جديدة
يقول د. بيدارد: يتلاءم هذا التفسير مع كل السمات التي رصدت لمجموعة الأقزام البيضاء غير العادية هذه. وهذه هي المرة الأولى التي ترصد فيها آلية الانتقال هذه في أي من أنواع النجوم. وهذا بالطبع أمر مثير، فنحن لا نكشف كل يوم عن ظاهرة فيزيائية فضائية جديدة بالكامل.
ولدى العلماء فرضية تفسر حدوث هذه الظاهرة في بعض النجوم وعدم حصولها في البعض الآخر في الواقع. يقول د. سيمون: يرجع الفرق على الأرجح إلى تركيبة النجم فبعض النجوم القزمة البيضاء تتشكل عن طريق اندماج نجمين مختلفين. وعندما يتصادمان لتكوين قزم أبيض، يغير ذلك تركيبة النجم بطريقة تسمح بتشكل البلورات وعومها.
ماذا يعني هذا الاكتشاف؟
لن يستوجب هذا الاكتشاف أن تعاد مراجعة كتب علم الفضاء فحسب، بل وأن يعيد العلماء النظر في العملية التي يستخدمونها لتحديد عمر المجموعات النجمية. إذ تستخدم النجوم القزمة البيضاء عادة مؤشرات زمنية للعمر، فكلما كان القزم الأبيض أبرد، افترض بأن عمره أكبر.
والآن، نظراً للتأخير الزائد في تبرد بعض الأقزام البيضاء، فإن بعض النجوم ذات درجة الحرارة المعينة قد تكون أكبر عمراً بمليارات السنين مما اعتقد سابقاً.
ويضيف بيدارد: تعني آلية الانتقال التي كشفنا عنها أن بعض الأقزام البيضاء تشع كما تشع النجوم العادية لمليارات السنين. وهذا يعقد عملية تحديد عمر النجم، ويعقد استخدامنا للأقزام البيضاء لإعادة بناء عملية تكون مجرتنا.
ملخص المقال
يعتقد عموماً بأن النجوم القزمة البيضاء نجوم ميتة، تستمر بالتبرد مع مرور الوقت. ولكن كشفت بيانات جديدة عن مجموعة من النجوم القزمة البيضاء التي توقفت عن التبرد، وذلك منذ ثمانية مليارات عام.
وكشف العلماء عن الآلية المسببة: فبدلاً من تصلب النجم من الداخل إلى الخارج، تتحرك البلورات الصلبة الأقل كثافة من البلازما السائلة في لبه نحو الأعلى. مزيحة السائل الأثقل للأسفل. وتطلق هذه العملية طاقة كافية لإعاقة عملية التبرد. وهذا الكشف يستوجب إعادة النظر في تعرف النجوم القزمة البيضاء.
المصدر